الدكتور
أحمد اللواح، ابن مدينة بورسعيد، وأول شهداء الجيش الأبيض في معركتهم ضد
فيروس كورونا، والذي لفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفى العزل بالإسماعيلية.
50
عاما كان عمر الطبيب المصري الذي حذر المواطنين من كورونا والبقاء
بمنازلهم، ظل يعاني وحده بعد إصابته بالمرض داخل حجرته عازلا نفسه أملا في
الشفاء من الفيروس اللعين، إلا أن إرادة الله جاءت أقوى ليلفظ أنفاسه
الأخيرة متأثرا بإصابته بعد مخالطته لإحدى الحالات الإيجابية.
ترك وراءه أسرة مكلومة تعيش فقدان الأب وعذاب التحاليل والعينات خوفا من أن يكون وصل إليهم الفيروس اللعين بعد إصابة والدهم.
فالدكتور الراحل أحمد اللواح صاحب الـ50 عاما، أب ورب أسرة بورسعيدية ملتزمة مكونة من زوجة وابن وابنه يقطنون في منطقة العرب بمنزل تسكنه الأسرة كاملة مع الاب و الشقيق والذين يتمتعوا جميعا بحسن الخلق وطيبه و سيرتهم العطرة بين الناس.
حرص الراحل على مدار حياته العملية منذ تخرجه وفتح مركز تحاليله الخاص على خدمة أبناء محافظته ومحافظات الجوار، فكان دائما ملبيا لنداء لكل من يطلبه حتى أنه خصص مساعدين للانتقال إلى كبار السن بمنازلهم كى يرفع عنهم عبء النزول والوصول للعيادة لإجراء التحاليل.
والمفارقة
وبرغم تحذيرات الطبيب الراحل لجموع الشعب وأهالي بورسعيد بضرورة توخي
الحذر والالتزام بالمكوث في المنازل حرصا على حياتهم من التعرض للإصابة
بالفيروس، إلا أنه كان على موعد مع القدر فذهب له الفيروس إلى عقر داره عندما أصيب المدير الهندى، أول حالات الإصابة في بورسعيد، كونه يسكن معه في نفس
العقار والشارع، والمؤكد أنه طلب مساعدته ولم يتأخر الراحل عن تقديم
الخدمة كما اعتاد، وفق رواية السكان له بالشارع و العقار.
ولم
يكتف الفيرس اللعين بذلك وظل يلاحق الطبيب حتى اكتشف إصابة أحد
المرضى أثناء وجوده معه في العيادة لإجراء تحاليل فطلب منه سرعة التوجه
لإجراء إشاعة على الصدر، وكانت النتيجة إيجابية ليسجل الحالة الثالثة في
بورسعيد، والتي أصيبت منذ 11 يوما وقتها علم الطبيب الراحل أنه أصيب أيضا
بالفيروس.
وعقب تملك الإحساس من الراحل أجرى
لنفسه مجموعة من التحاليل فجاءت النتيجة إيجابية ليقرر عزل نفسه بالمنزل
ويمنع أسرته من الاختلاط به ليظل متواجدا بحجرته طوال 9 أيام متصلة، موجه ا
نصائحه إلى أهالي بورسعيد بالعنوان بالتواجد في منازلهم وهو المصاب
بالمرض.
لم يجد الراحل سبيلا عقب اشتداد
المرض عليه إلا أن يرسل لزملائه الأطباء يخطرهم بأنه أصيب وأنه تاكد من
الإصابة من خلال التحاليل والإشاعات التي أجراها ويطلب نقله إلى العزل بأي
مستشفى حتى ولو مدفوع الأجر.
وعقب
وصول الرسائل لزملائه والتي كانت بمثابة الصدمة، لم يتوانوا في التواصل مع
الدكتور عادل تعيلب، مدير عام الرعاية الصحية، للعمل على نقل زميلهم المصاب
ومحاولة إنقاذه حتى تمكنوا من إيجاد مكان له بعزل مستشفى أبو خليفة في
الإسماعيلية وأصروا على مرافقته إلى المستشفى الذي وصل إليه في حالة
متأخرة صحيا.
ظلت
أسرة الطبيب الراحل خاضعة للعزل المنزلي بناءً على طلب والدهم لا حول لهم
ولا قوة إلا المطالبة له بالدعاء من خلال صفحات التواصل الاجتماعي.
لم
تفلح كل التدخلات الطبية لإنقاذ الراحل نتاج تمكن الفيروس اللعين منه، ففاضت روحه إلى خالقها بعد أقل من 24 ساعة من
وصوله للعزل ليعلن خبر وفاته، فتهتز بورسعيد بأكملها لما تجمعهم بالراحل من أواصر وعلاقات طيبة وسط ثبات وإيمان بالله من أسرته.
وخضعت
أسرة الراحل بالرغم من مصابهم الجلل إلى الفحوصات الكاملة وسحب العينات
من الزوجة والأبناء والأب والشقيق وزوجته للتأكد من سلامتهم.
وخرجت الابنه تطلب من الأهالي الدعاء لوالدها بالرحمة وأداء صلاة الجنازة غائب على روحه.
ظلت تعاني من تداعيات فيروس كورونا المستجد وتدهورت حالتها لتلقى حتفها بالفيروس اللعين
بين جدران مستشفي العزل بالإسماعيلية، إنها طبيبة الباثولوجي التي أعطت حياتها للعلم حتى وصلت إلى الستين من عمرها وطالها الفيروس اللعين.
لمدة شهر ظلت طبيبة المنصورة تعاني من الألم بعد أن التطقت العدوى من ابنتها العائدة من الخارج، وانتقلت العدوى إلى عدد من أفراد أسرتها وجميعهم خرجوا من مستشفيات العزل بعد تحسن حالتهم الصحية، ولكن الحالة الصحية لطبيبة المنصورة حبستها بين غرف مستشفى العزل حتى لفظت أنفاسها الأخيرة بعد تدهور حالتها.
وكان من ضمن وصايا الطبيبة ضحية كورونا أن يتم دفنها بمقابر زوجها الطبيب الذى كان يفتخر به أهل بلده، ولم تنقطع أعماله الطيبة بالقرية إلا أن أهالي قريته واجهوا الإحسان بالإساءة.
البهو قرية صغيرة تابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية مسقط رأس زوج طبيبة المنصورة، اتجه إليها جثمان الطبيبة الراحلة ليستقر بمقابر أسرة زوجها، إلا أن الأهالي تجمهروا رافضين دخول سيارة الإسعاف إلى المقابر لدفنها.
3 ساعات كان الجثمان فيها حائرا لإقناع الأهالي بأن الجثة لا تنقل العدوى كما أكد الأطباء أنه تم تكفينها وفقا للاشتراطات الصحية والإجراءات الوقائية.
ورفض أهالي القرية دفنها وأشعلوا النيران فى الطرق المؤدية للمقبرة، إلا أن الأمن أطلق قنابل الغاز وتم تفريقهم وتم دفن الجثمان وإطفاء النيران.
وانتقلت قوة أمنية من مركز أجا فى محاولة لإقناع الأهالى، خاصة "أن إكرام الميت دفنه"، وأن الاعتراض سيؤدى إلى زيادة عدد الأهالى المتجمعين وهو ما يمثل خطرا شديدا على أهالي القرية.
وطمأن مسئول الطب الوقائى أهالي القرية بأنه سيقوم بدفنها بنفسه، وأنه تم اتخاذ جميع الطرق الوقائية حتى لا ينتقل الفيروس وأنه لا خوف من دفنها بالقرية ولكن دون جدوى.
وأطلقت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريق الأهالى من أمام المقابر حتى يتسنى لهم دفن جثة الطبيبة، حيث ظلوا أكثر من ٣ ساعات رافضين دفنها، مما أدى لابتعادهم عن المقابر وتم دفن الجثة عقب تكفينها وتعقيمها.
يذكر أن مسئولى الإدارة الصحية بمركز أجا أكدوا للأهالى أنه لا يوجد أي خطورة من دفن الجثة، إلا أن الأهالي رفضوا دفنها مشيرين إلى أنها كانت تعيش بمدينة المنصورة، كما خرج أيضا أهالي قرية شبرا البهو فريك الملاصقة لهم على الطريق، رافضين أيضا دفن الجثمان فى القرية المجاورة لهم.
عمل في تعقيم غرف المرضى فلحق بهم