الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.عواد محمود عواد سالم يكتب: رمضان شهر البر والإحسان

صدى البلد




الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد: 
فما أكثر  خصائص ومميزات وبركات هذا الشهر الكريم، وما أعظم نفحات الله ـ تعالى ـ فيه على عباده المؤمنين.
ومن مميزات هذا الشهر وخواصه الكثيرة: أنه شهر برٍّ إنفاق في سبيل الله، وجود وكرم، وتوادٍّ وتحابٍّ بين المسلمين، وكيف لا يكون كذلك والله ـ تعالي ـ يجود فيه على عباده بالرحمة، والمغفرة، والعتق من النار، وتكفير السيئات، قال النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر) ( ).
وفي هذا الشهر الكريم جاد الله ـ سبحانه ـ على عباده بأعظم نعمة، وأجلِّ منة، وهي القرآن الكريم، فقد أنزله الله ـ تعالى ـ في هذا الشهر، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ﴾( )
وكما أنعم الله علينا فقد حثنا على الجود والإنفاق في سبيله فقال ـ سبحانه ـ : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾( )، وضاعف الله ـ تعالى ـ ثواب المنفقين، الذين لا يبطلون ثواب صدقاتهم بالمنِّ والأذى إلى سبعمائة ضعف فقال سبحانه: ﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾( )
ويزداد ثواب الجود والبذل في سبيل الله إذا كان في رمضان لشرف الوقت؛ ولهذا كان النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود ما يكون في رمضان؛ فيروي عنه سيدنا عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ فيقول: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ)( )
وقد ضرب لنا النبي الكريم مثلًا أعلى في الجود والإحسان، فعن جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَمَعَهُ النَّاسُ ، مُقْبِلًا مِنْ حُنَيْنٍ، عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ العِضَاهِ نَعَمًا، لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلاَ كَذُوبًا، وَلاَ جَبَانًا) ( )
كذلك: تزداد قيمة البر والإنفاق في كان في وقت فاقة وحاجة، قال تعالي: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾( ) ؛ فقد جعل الله ـ تعالى ـ الإنفاق في يوم المجاعة، وفي أوقات الشدة من خصال أصحاب اليمين. 
والإنفاق في وقت الشدة من باب تنفيس كرب المسلمين ومعاونتهم على أمر دينهم ودنياهم، وهذا له أجر عظيم؛ يقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا ، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ....الحديث) ( )
ولهذا يجب علينا أن نستشعر رابطة الأخوة التي تجمع كل المؤمنين،  وأن نربط سلوكنا  بأوامر الله ـ تعالى ـ وبهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عامة، وفي شهر رمضان خاصة فنكثر فيه من الصدقات والإنفاق في سبيل الله لا سيما في ظل ما تمر به البلاد من جائحة فيروس كورنا المستجد، ولنعلم أن الجمع بين الصيام والصدقة من أسباب دخول الجنة، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)( )
رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول