الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الخشوع في قراءة القرآن.. أبرز الوسائل التي تقربك لآيات الله

الخشوع في قراءة القرآن..
الخشوع في قراءة القرآن.. أبرز الوسائل التي تقربك لآيات الله

الخشوع في قراءة القرآن مطلب الكثيريين الذين يريدون التقرب إلى الله - تعالى- بأحب الأعمال الصالحة، وبالمدوامة على الطاعات، التي فيها خضوع للقلب وتذلل لله -سبحانه- والانقياد إلى الحق والصواب دون أي مانع، حتى وإن اختلف الحق مع الهوى والرغبة، فالقرآن الكريم
نور يضيء حياتنا بالإيمان، ونرفع به درجاتنا، ونحرص على تجديد العهد معه بشكل يومي، فلا نكون له هاجرين، ولا لأحكامه معطلين، كما أن انتظام المسلم بقراءة القرآن الكريم يترتب عليه آثار عظيمة النفع في الدنيا والآخرة.


كيفية الخشوع في قراءة القرآن: 

يوجد العديد من الوسائل التي تعين على الخشوع أثناء قراءة القرآن الكريم، أبرزها: 

1- تلاوة القرآن الكريم بالوسيلة التي تحقق خشوعًا أكثر؛ إذ إن تلاوة القرآن عدة وسائل، منها: التلاوة مما تم حفظه، أو من المصحف مباشرة، أو من تطبيقات الهاتف النقال، قال الإمام النووي -رحمه الله- في ذلك: "قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة من حفظه، هكذا قال أصحابنا، وهو مشهور عن السلف -رضي الله عنهم-، وهذا ليس على إطلاقه، بل إن كان القارئ من حفظه يحصل له من التدبر، والتفكر، وجمع القلب والبصر، أكثر مما يحصل من المصحف؛ فالقراءة من الحفظ أفضل، وإن استويا فمن المصحف أفضل، فهكذا كان يفعل السلف.

2- القراءة بصوت مسموع واضح دون الجهر، وذلك إن كان القارئ منفردًا؛ إذ إن سماع الصوت يُعين على التركيز، والخشوع، والتأمل، فقد ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقرأ القرآن تارة بصوت مسموع، وأخرى بمنخفض، كما رُوي عن عبدالله بن أبي قيس أنه قال: (سألْتُ عائشةَ كيفَ كانَتْ قراءةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بالليلِ أكانَ يسرُّ بالقراءةِ أم يجهرُ، فقالَتْ: كلُّ ذلك قد كان يفعلُ، ربَّما أسرَّ بالقراءةِ، وربُّما جهرَ، فقلْتُ: الحمدُ للهِ الذي جعلَ في الأمرِ سَعةً).

3- تدبر الآيات وفهمها والعلم بأن القرآن الكريم وحي مُرسل إلى محمد -عليه الصلاة والسلام-؛ لتوجيه كل مسلم إلى فعل الخير، والنهي عن كل شر، وأرشاده إلى كل ما أُشكل عليه، قال -تعالى-: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ).

4- الحرص قدر المستطاع على الاطلاع على تفسير القرآن الكريم، بالإضافة إلى سيرة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأخلاقه، وشمائله، وما ذُكر في القرآن متعلقًا بالصحابة -رضي الله عنهم-، والجهود التي بذولها تجاه القرآن.


5- الحرص على تلاوة القرآن بأحكام التلاوة والتجويد؛ فترتيل الآيات يُحدث أثرًا كبيرًا في النفس، قال الله -تعالى-: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)، مع الحرص على تعلمها، وإتقان التلاوة بها؛ سواء في صلاة سرية كانت، أم جهرية، أم خارج الصلاة.


الخشوع أثناء قراءة القرآن:

6-  ضبط وتحسين الصوت؛ فذلك من عوامل زيادة الخشوع، كما حث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على ذلك بقوله: (زينوا القرآنَ بأصواتِكم؛ فإنَّ الصوتَ الحسنَ يزيدُ القرآنَ حسنًا).

7- تلاوة القرآن بتمهل وتأن، وقطع القراءة عند كل آيةٍ، والحرص على التنويع في تلاوة سور القرآن؛ سواء في الصلاة، أم خارجها.

8- النظر في كل ما يتعلق بالآية القرآنية؛ من حيث: التركيب، والمعنى، وأسباب النزول، ودلالتها، والحِكم والعِبر التي دلت عليها.

9- الإكثار من تلاوة القرآن الكريم في كل وقت يُمكن فيه التلاوة؛ فعدم تلاوة القرآن لفترات طويلة، أو هجرانه، يُورث في القلب قسوة، أما تلاوته فتُرققه، وتحقق الخشوع والسكينة فيه. 

10- المداومة على ذكر الله -سبحانه-؛ فذلك من عوامل ترقيق القلب، وإعانته على الخشوع والتدبر. 

11-  اجتناب ارتكاب المعاصي والذنوب، والتوبة الصادقة الخالصة لله -تعالى- من كل الذنوب والمعاصي، وسلوك طريق الحق على ما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه؛ فذلك من أسباب إنعام الله على العبد بالخشوع، والتدبر، والتفكر.

12- الحرص على الكسب والرزق الحلال الطيب، وتجنب ما حرمه الله.

13- العلم بما يُتلى من آيات القرآن؛ فالعلم يؤدي إلى التأثر المقصود من الخشوع في تلاوة القرآن، كما أنه يؤدي بالقارئ إلى منزلة رفيعة عند الله -سبحانه-، كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها-، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ، وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ فَلَهُ أجْرانِ)، كما أن العمل بما نصت عليه الآيات القرآنية مما يُعين على الخشوع.


14- تلاوة القرآن في أفضل الأوقات التي تتنزل بها رحمات الله على عباده، ومنها: الثُّلث الأخير من الليل؛ وهو وقت السَّحر، وفي الليل بشكلٍ عامٍ، ووقت الفجر، ووقت الصبح.


الخشوع عند قراءة القرآن: 

15-  اختيار المكان المناسب البعيد عن مشاغل الدنيا، وملهياتها، كتلاوة القرآن في مكانٍ ما مخصص للعبادة في المنزل، مع الإشارة إلى جواز تلاوة القرآن في مكانٍ يُدار فيه كلامٌ وحديثٌ، أو ضجيجٌ، أو زحامٌ، أو لعبٌ، أو أثناء السّير في السيارة، أو الطريق العام. التأدّب في الجلسة، والحرص على الجلوس بوقارٍ، وسكينةٍ، وأدبٍ حين تلاوة القرآن؛ احترامًا لعظَمته، وخشوعًا لله -عزّ وجلّ-؛ فأفضل جلسات تلاوة القرآن الجلوس على هيئة التشهُّد في الصلاة، مع استقبال القِبلة؛ إذ إنها أفضل الجلسات التي تُظهر العبوديّة لله -سبحانه-، ويصحّ استقبال القِبلة فقط، أو الجلوس بأي جلسةٍ أخرى تُظهر التوقير والإجلال لله ولكلامه. 


16- الحرص على طهارة القلب، ونقائه، وخُلوه من الأمراض، كالكبر، والرياء، وغيرها من الأمور المَنهي عنها، كالغِيبة، والنميمة، والكذب، واستحضار النية حين تلاوة الآيات القرآنية، والإخلاص فيها لله -سبحانه-، وتجريدها من أي أمرٍ يخالف المقصد من تلاوة القرآن، والمُتمثل بنيل رضا الله -سبحانه-؛ فكل عمل يُحاسَب عليه العبد بالنية فيه، وبذلك ينال الأجر على العمل والعبادة دون نقصٍ.


17-  طلب العون والتيسير من الله -عز وجل-؛ لفَهْم كتابه، وتدبره، وتطبيق أحكامه، والتبرؤ من كل حولٍ وقوةٍ، واللجوء إليه وحده، والاستعاذة به من كل أمرٍ يخالف ما يرضاه. 


18- الاستعاذة والبسملة قبل البدء بتلاوة القرآن، إذ قال الله -تعالى-: (فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ)، فالاستعاذة تقي العبد من وساوس الشيطان بإذنٍ من الله -سبحانه-، مع الحرص على التفكر بما تدل عليه الاستعاذة من معانٍ ودلالاتٍ، والصدق حين نطقها، والإيمان بأن الله يُبعد العبد عن كل سوءٍ، قال -تعالى-: (وَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ جَعَلنا بَينَكَ وَبَينَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ حِجابًا مَستورًا*وَجَعَلنا عَلى قُلوبِهِم أَكِنَّةً أَن يَفقَهوهُ وَفي آذانِهِم وَقرًا وَإِذا ذَكَرتَ رَبَّكَ فِي القُرآنِ وَحدَهُ وَلَّوا عَلى أَدبارِهِم نُفورًا). 

أما البسملة فيأتي بها قارئ القرآن؛ طمعًا في نيل رحمات الله وبركاته، ويُؤتى بها في بداية كل سورةٍ من سور القرآن، باستثناء سورة التوبة، كما يُؤتى بها حين القراءة من وسط السورة، أو إن قُطعت القراءة بسببٍ ما، ثم عاد إليها، مع حُسن الاستماع للقرآن، والإنصات إليه، قال -تعالى-: (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ).

19- التأثر بكل آيةٍ من الآيات القرآنيّة، بالنظر إلى موضوع كلٍّ منها، ومثال ذلك السرور حين قراءة آيات التبشير بما أعدّه الله لعباده الطائعين، والحزن حين قراءة آيات التهديد والوعيد، والتحلّي والتخلق بالصفات الحسنة والأخلاق الحميدة التي حثّت عليها الآيات الكريمة، كما يُستحب لقارئ القرآن دعاء الله وسؤاله من فضله إن مر بآيات الرحمة، والاستعاذة منه بقراءة آيات العذاب، وتسبيح الله بقراءة آيات تنزيهه.

20- استحباب البكاء وقت تلاوة القرآن الكريم؛ إذ إنّه من صفات الصالحين من العباد، قال الله -تعالى- واصفًاً حالهم: (إِنَّ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ مِن قَبلِهِ إِذا يُتلى عَلَيهِم يَخِرّونَ لِلأَذقانِ سُجَّدًا)، كما كان ذلك من فعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ أخرج الإمام البخاري عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (قالَ لي النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ، وعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قالَ: نَعَمْ فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّساءِ حتَّى أتَيْتُ إلى هذِه الآيَةِ: {فَكيفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ، وجِئْنا بكَ علَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، قالَ: حَسْبُكَ الآنَ فالْتَفَتُّ إلَيْهِ، فإذا عَيْناهُ تَذْرِفانِ).