الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

على جمعة: الحياء لا يأتى إلا بالخير.. وهذا سر عبارة "قليل الحيا"

الدكتور على جمعة،
الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الإسلام حث على الحياء باعتباره خلقًا محمودًا على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع حتى شاع الذم بعبارة (قليل الحيا) في الاستعمال اليومي، مع حذف همزة الحياء؛ لأن العرب تقصر كل ممدود ولا تمد بالضرورة كل مقصور.

وأضاف « جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أنه قد تفشت قلة الحياء بين الأفراد والمجتمعات، وسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : « إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، [رواه البخاري].

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن الحياء كان ينشئ ثقافة سائدة تمنع من الانحراف وتضبط إيقاع العمل على المستوى الشخصي والمستوى الجماعي، وانعدام الحياء يوصلنا إلى فقد المعيار الذي به التقويم والذي به القبول والرد والذي به التحسين والتقبيح.

ونبه المفتي السابق أن فقد المعيار هذا يؤدي إلى ما يشبه الفوضى وهي الحالة التي إذا استمرت لا يصل الإنسان إلى غايته، ويضيع الاجتماع البشري وتسقط الحضارات في نهاية المطاف حيث لا ضابط ولا رابط.


وأكمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم- حث  على الحياء ورغب فيه، وحفز المؤمنين على التخلق به وأعلمهم أن هذه الصفة هي من صفات الله سبحانه وتعالى على ما يليق به -جل وعلا-، فقد روى سلمان عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام- قال : «إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين»، [رواه الترمذي].

ولفت إلى أن الحياء هو من الأخلاق التي تميز الإسلام وأهله، ولذا يقول عنه النبي - صلى الله عليه وسلم- : «إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء»، [ابن ماجة، والطبراني في الكبير]

وواصل أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الحياء جزء من الإيمان، وأن نقيضه وهو الفحش جزء من الجفاء، وأن الحياء في الجنة فقال : «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء والجفاء في النار»، [صحيح ابن حبان].

وأردف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خصه بالذكر ضمن شعب الإيمان بعد ذكر أعلى الشعب وأدناها، وذلك لبيان مكانته، فقال  : «الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول: لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان»، [متفق عليه].


وأفاد: بل جعله رسول الله - عليه الصلاة والسلام- قرين الإيمان في قلب المسلم، وفي نزعهما من قلبه، فقال - صلى الله عليه وسلم- : «الحياء والإيمان قرنا جميعا ، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر» [الحاكم في المستدرك، والمصنف لابن أبي شيبة].

وأبان أنه ورد أن النبي مر على رجل يعظ أخاه في الحياء ، فقال له - صلى الله عليه وسلم- : «دعه فإن الحياء من الإيمان»، [متفق عليه]، منوهًا إلى أن يعلمنا كيف نطبق خلق الحياء مع الله سبحانه وتعالى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- : « اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ »، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَسْتَحْيِى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ : « لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى ،وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى ،وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى ،وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا ؛فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ »، [رواه الترمذي].

ونوه: فالحياء كله خير، ولا يأتي إلا بالخير، والذي أخبر بذلك هو الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم- ، حيث قال: «الحياء لا يأتي إلا بخير»، [متفق عليه]، وفي الحديث «الحياء خير كله ولا يأتي إلا بخير»، [رواه مسلم]، وكل هذه الأحاديث تؤكد على قيمة الحياء العظيمة في الإسلام، وأن الحياء هو خلق الإسلام حقا؛ لأنه باعث على أفعال الخير ومانع من المعاصي، ويحول بين المرء والقبائح ، ويمنعه مما يعاب به ويذم، فإذا كان هذا أثره فلا شك أنه خلق محمود، لا ينتج إلا خيرا.  

واختتم: قد قال العلماء : الحياء من الحياة، وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خُلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح، داعيًا: « نسأل الله أن يرزقنا وجميع المسلمين الحياء، ويجمعنا على الهداية والطاعة».