الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: الأعياد شرعت للترويح عن النفس من هموم الحياة

علي جمعة: الأعياد
علي جمعة: الأعياد شرعت للترويح عن النفس من هموم الحياة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن  الأعياد مظهر من مظاهر الفرح والسرور في الإسلام،,‏ وشعيرة من شعائره التي تنطوي على حكم عظيمة‏,‏ ومعان جليلة‏،‏ فالإسلام لم يأت ليكون طوقا حول رقبة معتنقيه‏ بل جاء تلبية لحاجة الإنسان الفطرية مادية وروحية‏,‏ وكان مقصده الأسمى في تشريعاته وأحكامه ضبط العلاقة بين الروح والجسد‏,‏ وبين الدنيا والآخرة‏, ‏فقال تعالى‏: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} .


وأوضح جمعة عبر فيسبوك، أن من مظاهر هذا المقصد الأسنى استحباب الاحتفاء بالأعياد في الإسلام‏; ‏ومشروعية الترويح عن النفس من هموم الحياة‏,‏ فضلا عن أنها احتفال بإتمام فريضة‏,‏ فالحجاج يفرحون لأنهم أدوا شعيرة الحج‏,‏ ويشاركهم المقيمون في أوطانهم بالتقرب إلى الله بالأضاحي إحياء لسنة الأنبياء من لدن سيدنا إبراهيم إلى خاتمهم سيدنا محمد صلوات الله عليهم أجمعين‏,‏ وبذلك سما الإسلام بمعنى العيد وربط فرحته بالتوفيق في أداء الفرائض وشكر الله على القيام بها‏.‏


وأكد أن الغاية العظمى من الأعياد إدخال السرور والبهجة على المسلمين رجالًا ونساءً وأطفالا‏,‏ إلا أنها في الوقت ذاته لم تشرع من أجل الفرح المجرد فقط‏;‏ بل لتمام البر في المجتمع الإسلامي‏,‏ حيث يصبح البر قضية اجتماعية عامة ،وفي يوم الأضحى جاءت شعيرة الأضحية من باب إدخال السرور على الفقراء في الأعياد‏,‏ فلم يسنها الإسلام ليشبع أصحاب الأضحية من اللحم‏,‏ ولكن ليتشارك الجميع في الشبع‏,‏ ولتلتقي قوة الغني وضعف الفقير على عدالة ومحبة ورحمة من وحي السماء‏,‏ وعنوان ذلك كله‏:‏ الزكاة‏, ‏والصدقة‏,‏ والإحسان‏,‏ والتوسعة‏.‏


ومن باب السرور والبهجة في أيام العيد إدخال الفرح والسعادة على الأطفال والنساء اقتداء بالنبي ﷺ, ‏فقد دخل أبو بكرٍ رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان الدف‏,‏ ورسول الله ﷺ مسجي بثوبه‏,‏ فانتهرهما أبو بكر‏,‏ فكشف رسول الله عن رأسه وقال‏: «دعهما يا أبا بكر‏, ‏إن لكل قوم عيدا‏,‏ وإن عيدنا هذا اليوم» (‏صحيح البخاري‏).‏


ونوه بأن صلاة العيد تعد مظهرا من مظاهر الفرحة‏,‏ ترتفع الأصوات فيها بالتكبير في بهجةٍ وسرور بما أنعم الله على الأمة الإسلامية من توفيقٍ في أداء الفرائض‏,‏ قال تعالى‏: {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ,‏ والتكبير هو التعظيم‏,‏ والمراد به في تكبيرات العيد تعظيم الله عز وجل على وجه العموم‏,‏ وذلك في كلمة‏: (الله أكبر‏)‏ كناية عن وحدانيته بالألوهية‏;‏ لأن التفضيل يستلزم نقصان من عداه‏,‏ والناقص غير مستحق للإلوهية‏;‏ ولذلك شرع التكبير في الصلاة لإبطال السجود لغير الله‏,‏ وشرع التكبير عند نحر الهدي في الحج وكذلك الأضحية لإبطال ما كان يتقرب به مشركو مكة إلى أصنامهم ، ويندب التكبير في عيد الأضحى من فجر يوم عرفة إلى غروب ثالث أيام التشريق‏,‏ جماعة وفرادى في البيوت والمساجد‏,‏ إشعارا بوحدة الأمة‏,‏ وإظهارا للعبودية‏,‏ وامتثالا وبيانا لقوله سبحانه‏: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ويسن إحياء ليلة العيد بالعبادة من ذكر وصلاة وغير ذلك من العبادات‏;‏ لحديث‏: «من قام ليلتي العيدين لله محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» (‏سنن ابن ماجه‏),‏ ويحصل الإحياء بمعظم الليل كالمبيت بمنى‏, ‏وقيل بساعة منه‏,‏ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال‏:‏ بصلاة العشاء جماعة‏, ‏والعزم على صلاة الصبح جماعة‏, ‏والدعاء فيهما‏.‏


وقال إن الأعياد لم تشرع لتكون مناسبات فارغة المحتوى والمضمون من الدلالات الأخلاقية والإنسانية‏,‏ وإنما جاءت لتكون مظاهر لقيم الإسلام وآدابه وجمالياته المعنوية والحسية‏,‏ فالأعياد تجدد الروابط الإنسانية‏,‏ حيث يتجلى السلوك الطيب والأخلاق الحميدة‏,‏ وتشيع التهاني والقول الحسن بين الناس‏,‏ ويظهر المسلمون بصفة الرحمة التي هي قوام دينهم‏,‏ فتتجدد العلاقات الإنسانية وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الأخلاقية‏,‏ ويصبح المسلم دعوة مفتوحة لهذا الدين‏,‏ ونبراسًا هاديًا لنفوس الحائرين‏,‏ وبردًا وسلامًا على العالمين‏.‏


واختتم الدكتور علي جمعة إن الفرح بالعيد له وجوه عدة‏,‏ فواحد يميل إلى الذكر والعبادات‏,‏ وآخر يؤثر مواساة الفقير والمحتاج بكثرة الصلات‏,‏ والجميع ونحن معهم ينشرون جوًا من المحبة والوئام في المجتمع بأطيب الكلمات‏, ‏وأقلها كل عام والأمة العربية والإسلامية بخير ويمن وبركات‏.