الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. فتحي حسين يكتب: وداعا د. مشالي.. طبيب الغلابة!

صدى البلد

ربما لا تجد طوال حياتك شخصية مثل الطبيب الراحل الدكتور محمد مشالي الملقب بطبيب الغلابة والذي توفي الاسبوع الماضي بعد صراع مع المرض ،فقد افني الرجل حياته كلها في سبيل مهنة الطب وعلاج الفقراء من المرضي بأسعار منخفضة جدا وتكاد لا تذكر واحيانا بدون مقابل بشكل جعله طبيب استثناء وسط جحافل الأطباء الذين يستقبلون المرضي في عيادتهم الخاصة ويستولون علي ما في جيوبهم تحت مسميات عديدة ما أنزل الله بها من سلطان وكما يقول المثل الشائع" يأخذون المريض غسيل ومكواه" بداية من سعر الكشف العالي والذي يفوق إمكانيات المرضي الفقراء والذي يصل احيانا الي الف او الفنان جنيه وتنتظر دورك بعد شهرين ! وهم أطباء معروفين بالاسم في القاهرة والمحافظات الكبري مثل الإسكندرية وطنطا والقليوبية والجيزة..الخ 
ومرورا بعقد الطبيب لاتفاق  مع مركز اشاعات واخر مركز تحاليل لكي يتم تحويل المريض إليهم ويحصل الطبيب علي نسبته من هذا المركز أو ذاك وربما يكون هذا المركز  تابع وملك للطبيب المعالج نفسه الأمر الذي يجعل السبوبة العلاجية مكتملة للطبيب الذي يتولي المريض منذ قدومه للعيادة ودفع كشف العلاج بمبلغ ٧٠٠ أو ٨٠٠ واحيانا أكثر من ١٠٠٠ جنيه ثم التأكيد علي المريض بوجود استشارة بمقابل أقل من سعر الكشف بعد اسبوع واحد من الكشف الاول وتصل ما بين ١٥٠ الي ٢٠٠ جنيه ثم تحويل المريض الي مركزه الاشاعي أو معمله التحليلي ثم الإحالة الي الصيدلية التابعه له وربما تكون ملكا للطبيب وعندما ينتهي المريض من الكشف يجد نفسه أنفق مبالغ طائلة دون أن يعالج من المرض الذي يعاني منه!
بينما الدكتور محمد مشالي الذي نعته الحكومة وحزن مصر كلها علي وفاته ،لم يكن يهتم باي من هذه الأمور ولم يحصل علي حقه في سعر الكشف علي المرضي وكثيرا ما كان يتنازل عن سعر الكشف با يقوم بإعطاء المريض الدواء من جيبه الخاص!
ومن أجل ذلك تسعي الدولة لإطلاق اسمه علي أحدي الطرق الشهيرة في مسقط رأسه أو علي أحدي مدرجات كلية الطب وهو ما سون تختاره الحكومة تقديرا لهذا الرجل الذي افني حياته في خدمة المرضي والفقراء ولم يسعي التكسب والتربح علي حساب صحة الناس مثلما يفعل الكثيرين من أطباء هذا العصر والذين يتربحون ويتاجرون في صحة الناس وربما لم يكن لدي بعضهم خبرات حقيقية وربما يكونوا خريجي جامعات خاصة التي تسعي - بعضها -  وراء المال فقط دون التعليم الجاد، و لم يحصل فيها الطالب بكلية الطب علي تدريب كافي علي ممارسة مهنة الطب وينفق آلاف وربما الملايين علي دراسته بمثل هذه الجامعات وعندما يتخرج يركز اولا علي كيفية تعويض المبالغ التي اتفقنا علي دراسته ومن أجل تأميم مستقبله ،فيركز علي الكشف المبالغ فيه لتحقيق ثروات طائلة في وقت قصير للغاية!
كنت أعرف طبيب ما سعر الكشف لديه ٥٠٠ جنيه وسعر الأشعة المقطعية في مركزه الخاص ٥٠٠ جنيه ايضا وسعر الاستشارة بعد اسبوع ١٥٠ جنيه ولم يحدث علاج المريض وضاعت الفلوس هباءا وهناك حالات كثيرة !
يفترض أن الأطباء هم ملائكة الرحمة وليس شياطين العذاب والذين يسعون لتعذيب البشر واصطيادهم والاستيلاء علي أموال الناس تحت مسمي أشعة وتحاليل وكشف مبالغ وأدوية من صيدلية بعينها الأمر الذي جعل من الطبيب الراحل د.محمد مشالي نموذج لن يتكرر ولم تجده اليوم وسط حيتان الكشف الطبي الذين لا يكثرثون بأحوال الشعب العامة وما وصلت إليه أوضاعهم المعيشية من فقر وعدم وجود رفاهية العلاج لعدم وجود المال الإضافي للعلاج ولكن مصلحتهم الأولي هي كيفية الاستحواذ علي المال من المرضي اولا واخيرة!
الطبيب في بلادنا يعاني من ازمات حقيقية تبدأ من عدم اهتمام الدولة نسبيا باوضاعه المعيشية وان كانت استجابة لهم مؤخرا في زيادة بدل العدوي بعد موقفهم البطولي في خلال أزمة كورونا التي دمرت العالم ولا تزال ، حتي تطلق عليهم جيش مصر الابيض تقديرا لما قاموا ويقومون به في خدمة الإنسانية والمجتمع المصري.
مصر والعالم العربي يفتخر بنموذج مثل د.محمد مشالي طبيب الغلابة والذي فقدناه جسدا ولكن روحه وذكراه ستظل دوما بيننا وسيظل دعاء الفقراء من المرضي له بمثابة جواز مرور له الي جنة النعيم  والفردوس الاعلي باذن الله.!