الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعيدا عن السياسة.. قصة وظيفة حصل عليها السادات بمساعدة إحسان عبد القدوس

الرئيس الراحل محمد
الرئيس الراحل محمد أنور السادات

يوافق اليوم، الثلاثاء، الذكرى التاسعة والثلاثين لوفاة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي رحل عن عالمنا في السادس من أكتوبر لعام 1981، حيث تم اغتياله على يد الجماعات المتطرفة أثناء عرض عسكري كان يُقام بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر. 

وبهذه المناسبة، نسلط الضوء على مرحلة من مراحل حياة الرئيس الراحل الحافلة بالأحداث والتحديات والإنجازات، وتتمثل هذه المرحلة في رحلة عمله كـ معيد للصياغة في دار الهلال في أعقاب خروجه من السجن بعد أن أمضى ثلاثين شهرًا خلف القضبان على خلفية اتهامه في قضية اغتيال أمين عثمان، وذلك بناءً على ما ورد في مذكراته التي نُشرت تحت عنوان "البحث عن الذات.. قصة حياتي".

وكتب الرئيس الراحل في مقدمة كتابه "أنا أنور السادات فلاح نشأ وتربى على ضفاف النيل، حيث شهد الإنسان مولد الزمان.. أهدي هذا الكتاب إلى القارئ في كل مكان".

وتابع "إنها قصة حياتي التي هي في نفس الوقت قصة حياة مصر منذ 1918.. هكذا شاء القدر فقد واكبت أحداث حياتي الأحداث التي عاشتها مصر في تلك الفترة من تاريخها.. ولذلك فأنا أروي القصة كاملة لا كرئيس لجمهورية مصر العربية.. بل كمصري ارتبطت حياته بحياة مصر ارتباطًا عضويًا منذ بدايتي إلى الآن".

واستطرد "وحياتي.. مثل قصة حياة أي منا.. ليست في الواقع إلا رحلة بحث عن الذات".


قضية اغتيال أمين عثمان:

تحدث السادات في الفصل الثالث من الكتاب بعنوان "نحو تحرير الذات.. الزنزانة 54" عن تفاصيل اعتقاله بعد اتهامه في قضية اغتيال أمين عثمان في يناير لعام 1946، وأوضح في نهاية هذا الفصل أن المحاكمة انتهت في أوائل يوليو لعام 1948، وكان النطق بالحكم في شهر أغسطس من العام نفسه، وقد صدر حكم  ببراءته؛ وبعد السماح له بالخروج قرر الذهاب إلى حلوان، وبحث عن بنسيون رخيص يتناسب مع ما كان في حوزته من نقود قليلة.

وفي الفصل الرابع من مذكراته والذي جاء تحت عنوان "العمل من أجل قيام الثورة"، أشار إلى أنه بعد أن أمضى 31 شهرًا متواصلًا في السجن، فقد كان من الطبيعي أن يشعر كأنه وُلد لتوه في عالم جديد لا يعرفه، لذا كان يقضي وقته متنقلًا بين البنسيون وبين الحديقة اليابانية، حيث كان يسترخي على أحد مقاعدها ويقرأ جريدة أو كتابًا بعيدًا عن الناس، ويتأمل فيما حدث وما قد تأتي به الأيام.

واستطرد موضحًا أنه أمضى أيامه في حلوان في محاولة التخلص من آثار السجن حتى فوجئ في يوم ما بزيارة صديق قديم له وهو حسن عزت، والذي اصطحبه معه إلى السويس واشترك معه ومع شركائه في بعض الصفقات التجارية، قبل أن يعود إلى حلوان مرة أخرى، وبعد نفاذ المبلغ الذي ربحه من تلك الصفقات، انتقل إلى بنسيون في وسط البلد بالقاهرة، حيث كان آنذاك عاطلًا بدون عمل بينما تتراكم عليه الديون يومًا بعد يوم، ومن ثم قرر الذهاب إلى إحسان عبد القدوس، والذي كان صديقًا قديمًا له كي يبحث له عن عمل.


كتاب 30 شهرًا في السجن ووظيفة "معيد للصياغة" في دار الهلال:

واستأنف الرئيس الراحل حديثه قائلًا إنه توجه برفقة الكاتب والأديب الراحل إحسان عبد القدوس إلى جريدة "الأهرام" أولًا، لكن لم تكن بها مجالات للعمل، واقترح السادات على صديقه فكرة العمل في "روز اليوسف"، لكنه رد قائلًا "إن روزا لا تتحملنا نحن الاثنين".

يذكر  أن إحسان عبد القدوس كان يعمل في تلك الفترة في جريدة "روز اليوسف" وجريدة "الزمان" وفي "دار الهلال" كمعيد للصياغة أو (Rewriter).

وذكر السادات أنه قد حدث أن إحسان استغنى عن عمله بدار الهلال، لذا اصطحبه معه وقدمه لأصحاب الدار، حيث اشتروا منه مذكراته التي كتبها في السجن وبدأوا نشرها.

ويروي كذلك تفاصيل موقف تعرض له آنذاك قائلًا: "يبدو أنهم أرادوا اختباري للتأكد من أن المذكرات بقلمي.. فأتاني شكري زيدان أحد أصحاب دار الهلال وأشار إلى جزء من المذكرات وقال إنه بحاجة إلى تطويل بما يساوي عمودًا ونصف، فقلت بكل سرور.. قال إليك المكتب لكن عليك أن تنتهي من الكتابة في خلال ساعة ونصف وهو الزمن الباقي على إغلاق المطبعة".

وبالفعل سلمه المطلوب قبل الوقت المحدد؛ وفي اليوم التالي أرسل شكري زيدان في طلبه وعرض عليه العمل هناك بصفة مستديمة مقابل الراتب الذي يحدده، وقد قبل العمل على الفور، وأخذ مكان إحسان عبد القدوس كمعيد للصياغة.

جدير بالذكر أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات استمر في العمل بدار الهلال حتى نهاية ديسمبر لعام 1948.