الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبنان يغرق في الأزمات.. كيف تغيرت ملامح "سويسرا الشرق" في 2020؟ عجز اقتصادي غير مسبوق.. وأزمة سياسية بلا مخرج في الأفق

2020 يغرق لبنان في
2020 يغرق لبنان في الأزمات

- من فيروس كورونا إلى انفجار المرفأ.. 2020 عام الأزمات في لبنان 

- لبنان يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية

- خلاف قوي بين الحريري وعون حول تشكيل الحكومة الجديدة


بتحولاته وتقلباته وتحالفاته الطائفية وأزماته السياسية والاقتصادية، يواجه لبنان في عام 2020 الأزمة الأسوأ في تاريخه منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. فبعد ثورة شعبية عارمة وانهيار مصرفي أسفر عن ضائقة مالية فضلا عن تفشي فيروس كورونا، حلت كارثة انفجار مرفأ بيروت لتقضي على أي آمال في عودة الحياة لطبيعتها بـ "سويسرا الشرق".

استقبل لبنان العام الجديد باحتجاجات شعبية اندلعت في البداية بسبب نية حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري فرض ضرائب على البنزين والتبغ و‌المكالمات عبر الإنترنت، ورغم بداية الأزمة واندلاع الثورية في أكتوبر 2019، لكن التظاهرات استمرت حتى 21 يناير عندما أعلن رئيس الوزراء الجديد حسان دياب تشكيل حكومة جديدة تضم 20 وزيرا.

ورغم أن تلك الخطوة اعتبرها البعض "انتصارا" للثورة الشعبية، يشير الواقع السياسي إلى العودة إلى مربع صفر، حيث استمرت التظاهرات ضد حكومة دياب، وطالب المحتجون بتشكيل حكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات مبكرة.

وبعد سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال احتجاجات عمت العاصمة بيروت ومدن أخرى، أقر مجلس النواب اللبناني  ميزانية 2020، وسط أزمة مالية طاحنة.

- أزمة اقتصادية طاحنة.. ولا مخرج في الأفق

 تعد الأزمة الاقتصادية في لبنان وليدة سنوات من النمو المتباطئ، وتضاعفت في ظل عجز الحكومة  عن إجراء إصلاحات جدية، مع ارتفاع الدين العام لأكثر من 90 مليار دولار، أي أكثر من 150% من إجمالي الناتج المحلي.

ويواجه لبنان منذ نهاية العام الماضي، وصولا إلى 2020، أزمة في السيولة مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية، كما فرضت المصارف الحكومية إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار.

وفقدت الليرة اللبنانية نحو 70% من قيمتها منذ أواخر العام الماضي حتى منتف العام الجاري، حيث وصلت إلى 5000 ليرة مقابل الدولار في شهر يونيو الماضي.

علاوة على ذلك، ارتفع معدل التضخم في لبنان عن 500% على أساس سنوي، و 124% في يوليو الماضي، وهو معدل تضخم مفرط يجعل الاقتصاد اللبناني في أسوأ حالاته حتى أن التدهور الإقتصادي خلال الحرب الأهلية لم يكن بمستوى تدهور 2020.

ومع ظهور أول حالة كورونا في البلاد بشهر مارس، خرج الوضع عن السيطرة ليعلن رئيس الوزراء حسان دياب أن لبنان تخلف عن سداد سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار للمرة الأولى في تاريخ البلاد، مع وصول الدين الحكومي لنحو  170% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

وأعلنت الحكومة اللبنانية حالة الطوارئ في الشهر ذاته، ليدخل الاقتصاد اللبناني حالة جديدة من الشلل والجمود وتتوقف الحكومة عن سداد جميع الديون بالعملات الأجنبية، في ظل تراجع احتياطيات النقد الأجنبي.

وفي إبريل الماضي، طالب الرئيس اللبناني ميشال عون المانحين الدوليين بتقديم  الدعم المالي للبنان في معركته ضد فيروس كورونا، لتندلع الاحتجاجات مجددا اعتراضا على التدهور الاقتصادي وارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50%.

وبناء على ذلك، أعلنت الحكومة خطة تقشفية للتعامل مع الجائحة ودخلت في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في محاولات لتقليل الخسائر المالية، بعدما فقد آلاف اللبنانيين وظائفهم  أو جزءًا من رواتبهم، فضلا عن إغلاق عدد من الشركات الأجنبية وشح في السلع الأساسية وانقطاع التيار الكهربائي في عدد كبير من المناطق طوال شهر يوليو.

ومن المتوقع أن يواجه لبنان السيناريو الأسوأ في عام 2021، في ظل استحالة خروج البلاد من الأزمة الاقتصادية والمالية، حيث يتوقع معهد التمويل الدولي أن تصل نسبة الانكماش في لبنان إلى 7.4% في 2021، ومعدلات التضخم إلى 25.2% كما توقع أن ينخفض احتياطي البلاد من العملات الأجنبية ليبلغ 11.3 مليار دولار في العام المقبل و4.5 مليار دولار في 2022. 

- انفجار مرفأ بيروت:

في الرابع من أغسطس، ووسط سلسلة من الأزمات الخانقة التي تضرب لبنان، وقع انفجار مرفأ بيروت الذي قتل خلاله أكثر من 204 شخصًا وأسفر عنإصابة أكثر من 6500 آخرين، بل ترك خسائر مادية تقدر بنحو 15 مليار دولار.

وقضى انفجار مرفأ بيروت على أي محاولات وآمال في انعاش الاقتصاد اللبناني المتعثر، حيث امتدت أضرار الانفجار الضخمن إلى آلاف المنازل في العاصمة بيروت.

وأعلنت السلطات اللبانينة أن سبب انفجار المرفأ هو كمية من "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار كانت مخزنة في مرفأ بيروت منذ عام 2013، واعتبر محافظ بيروت العاصمة "مدينة منكوبة" بعد الحادث الدموي.

وتسبب الانفجار في أزمة سياسية واقتصادية جديدة، استقالت على إثرها حكومة رئيس الوزراء حسان دياب، بعد اتهامات بالإهمال، واندلعت احتجاجات على خلفية الانفجار.

وأصبح دياب، حتى اللحظة، رئيسا مؤقتا للوزراء حتى تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بينما فتحت السلطات تحقيقا موسعا بعد ضغط شعبي قوي.

ووجه فادي صوان المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ اتهامات بالإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وايذاء مئات الأشخاص، إلى حسان دياب، رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير المال السابق علي حسن خليل، ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس.

لكن بعد عدم مثول الوزراء أمام التحقيق، قرر الادعاء اللبناني، الأسبوع الماضي، تعليق التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت، لمدة 10 أيام.

فيما يطالب النشطاء والسياسيون في لبنان بمحاسبة جميع المسؤولين ممن كانوا على دراية بتخزين المواد شديدة الانفجار في مرفأ بيروت، داعيين القاضي صوان إلى عدم التمييز في توجيه التهم، حيث يعتقد البعض أنه يخضى اتهام مسؤولين من حزب الله أو مقربين من الرئيس ميشال عون.

- الحكومة الجديدة.. ولادة متعثرة:

عقب أيام من انفجار المرفأ، توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان بمبادرة يأمل من خلالها أن يلعب دورا محوريا في حل واحدة من كبرى أزمات منطقة الشرق الأوسط.

وتزامنا مع وصول ماكرون إلى بيروت في أغسطس، تم الإعلان عن تكليف السفير مصطفى أديب بتشكيل الحكومة الجديدة، على أن تكون قادرة على تنفيذ إصلاحات فورية.

لكن بعد أقل من شهر، استقال أديب في سبتبمر بعد فشله في تشكيل الحكومة الجديدة عقب اجتماع مع الرئيس ميشال عون، وذلك بسبب خلافات حول المناصب القيادية في الوزارة.

وزار ماكرون لبنان للمرة الثانية، والتقى بممثلي التيارات السياسية في لبنان السنية والشيعية، وكان تركيزه على أمر واحد "الإسراع بتشكيل الحكومة" مقابل الدعم الدولي للبنان ومنحه مزيد من المساعدات الدولية.

ووجه ماكرون تحذيرا لحزب الله محمله مسؤولية تأخر تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه أكد التزامه بالمبادرة التي طرحها خلال لقاء الرئيس عون والمسؤولين اللبنانين.

وفي أكتوبر الماضي، وبعد عام تقريبا على الاحتجاجات ضده، تم تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بعد حصوله على الأصوات اللازمة في البرلمان اللبناني.

وبدأ الحريري رحلة معقدة لم تسفر حتى اللحظة عن الإعلان عن تشكيلة حكومية جديدة، وسط تمسك لقادة الأحزاب الشيعية "حزب الله وحركة أمل" بعدد معين من الحقائب الوزارية.

وبذلك، يرأس الحريري الحكومة اللبنانية للمرة الرابعة منذ دخوله السياسة اللبنانية منذ اغتيال والده عام 2005، لكن تقارير تشير إلى محاولات لمنعه من تشكيل الحكومة وتنفيذ المبادرة الفرنسية.

وعقد الحريري نحو 12 جلسة مع الرئيس اللبناني ميشال عون للاتفاق على أسماء الوزراء المعينين في الحكومة الجديدة، لكنها لم تسفر عن اتفاق الأحزاب السياسية على الحقائب الخلافية.

ويعتقد أن الخلاف بين الحريري وعون، يرجع إلى اعتراض الرئيس اللبناني على تفرد الحريري بتسمية الوزراء وخصوصا المسيحيين، بينما يقول رئيس الوزراء المكلف إنه قدم لميشال عون تشكيلة حكومية من 18 وزيرا من أصحاب الاختصاص بعيدا عن الانتماء الحزبي.

فيما ذكرت وكالة "رويترز" نقلا عن 3 مسؤولين فرنسيين قولهم إن الرئيس إيمانويل ماكرون لم يكن يرغب في تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة مجددا، بعد أن فشل في السابق في تنفيذ إصلاحات.