الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السجين المقنع.. عاش حياته في القرن الـ17 بين القضبان ووجهه داخل الحديد

السجين المقنع
السجين المقنع

عانى من الوحدة القاتلة فمنع عنه التحدث مع أحد، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.. أبسط الأشياء لا يستطيع أن يفعلها، فهو مسجون بين حديد السجن، وحديد على وجه يخفي ملامحة.. حلمه الوحيد أن يحلق ذقنه ورأسه الذين أصبحوا بمثابة حبل مشنقة يلتف على عنقه.. تلك هى معاناة السجين المقنع والذى تعد حكايته من أغرب حكايات السجناء على مر العصور. 

فى القرن 17 وفى عهد الملك الفرنسى  « لويس 14» وفى سجن الباستيل أحد أكبر سجون فرنسا وأشدها حراسة والذى كان مخصص للمعارضين السياسيين والمحرضين ضد الدولة، عاش مسجونا لم يعرف له صورة او ملامح لأنه قضى 30 عاما داخل قضبان السجن مرتديا قناع من الحديد ويمنع عليه الكلام مع اى شخص ومخصص له اثنين من الحراس، وفى حالة محاولته لنزع القناع او التحدث مع أحد يتم ضربه حتى الموت فمن هو ذلك السجين .

يوجد العديد من الروايات عن ذلك السجين التى لم يعرف له اسم او صورة  له حتى الآن، وتقول الروايات إن هذا المسجون دخل السجن وعمره 15 عاما وتوفى وهو بعمر 45 ولم تعرف القضية التى زجت به الى السجن وتم وضع العديد من الروايات عن سبب سجنه ولعل اشهرها انه كان مسجون سياسي.

وأول هذه الروايات أنه كان مبعوث كرسول التفاوض مع فرنسا وأنه أثناء تواجده فى فرنسا اطلع على معلومات سرية خطيرة تهدد فرنسا فتم سجنه ومنعه من الكلام حتى لا يبوح لأحد بتلك المعلومات. 

وهناك من ذهب إلى أنه كان يقيم علاقة سرية مع الملكة وأنه ولد الملك لويس الرابع عشر الحقيقى وأن الملك قرر سجنه حتى لا يعلم أحد أنه ابن غير شرعي ويتم عزله من حكم فرنسا.

ولكن أكثر رواية تداولها المؤرخون والباحثون والأكثر مصداقية لديهم أن ذلك السجين هو الأخ التوأم للملك لويس الرابع عشر وأنه هو الأحق بالحكم لـأنه ولد قبله ولذلك قام الملك لويس بوضعه فى السجن والبسه قناع حديدى يمنعه من الكلام مع أحد أو يجعل أحد يتعرف عليه خشية من الشبه الكبير بينهما وقام الملك بإخفاء خبر ان لديه شقيق من عموم الشعب والبلاد.

وأول من تحدث عن السجين المقنع هو الكاتب المشهور «فولتير» فى كتابه الذي تناول تاريخ عهد الملك لويس تحت عنوان «عهد لويس الرابع عشر» وهو الذي يحتوي على أول مرجع مطبوع يتكلم عن «سجين مقنع».

وقال فولتير إنه كان شابًا يرتدي قناعًا حديديًا أو ما شابه ذلك وهو قناع يتكون ذقنه من نوابض فولاذية تمكنه من تناول طعامه دون نزع القناع، وأصدرت الأوامر بقتله إذا ما نزع القناع وقد سمحوا للسجين صاحب القامة الملكية أن يقتني ما يشاء، وكانت قمة سعادته في ارتداء ملابس الكتان الرقيق وأشرطة الزينة، وكان جليًا أنه رجل رفيع المقام، وقد منعوا حتى طبيبه المشرف عليه من النظر إليه.

وكتب «فولتير» أن أحد الضباط كان يصطحب هذا السجين وكان مؤتمنًا على عدم الإفصاح عن هويته وهذا الشخص هو الضابط السجان «بنيين دوفيرن دو سان مارس» وهو الشخص الذي قد يحل لغز صاحب القناع.

سان ماريس كان هو المسؤول عن السجين المقنعومن كان يعرف هويته وكان يراسل المشرف على عمله «دي لوفوا» الذي كتب له في إحدى رسائله عام 1682م "إبقاء السجناء مجهولي الهوية، دون أي اتصال مع أي أحد ولا التكلم مع أحد" حسب ما جاء في كتابات «فولتير» فإن السجين المقنع كان في سجن جزيرة «سانت غرين» الواقعة على البحر المتوسط.

وتوفي هذا السجين في الباستيل، في عام 1703 م متأثرًا بمرض أضنى جسده سريعًا بعد أن توجب عليه قضاء 34 سنة في السجن، وقد بقيت هويته مجهولة حتى لممثل الملك «إيتيني دوجونكا» الذي كتب في يومياته «عرفت فيما بعد أنهم يدعونه إمم.دي.مارشيل» ودفن السجين المجهول بعد يوم من وفاته باسم «مارشيولي» .