الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شفا وخمير يا عرقسوس.. تاريخ المشروب الرمضانى الأشهر امتد للفراعنة ونشره الفاطميون

صدى البلد

شفا وخمير يا عرقسوس.. النداء الأشهر على المشروب الأبرز فى شهر رمضان الفضيل الذى ارتبط منذ زمن بعيد بالشهر الفضيل والصوم، لما له من نتائج ايجابية فى تعيض العطش الشديد طوال ساعات الصيام، وقد اشتهر المسلمون منذ عقود طويله فى صناعة العرقسوس خاصة خلال شهر رمضان ولعل هذا الارتباط بين العرقسوس وشهر رمضان له عوامل تاريخية وأخرى ثقافية نستعرضها في هذا التقرير.

 

العرقسوس أو نبات السوس هو نبات شجري معمر ينبت في كثير من بقاع العالم مثل سوريا ومصر وآسيا الصغرى وأواسط آسيا وأوروبا، وتستخرج من جذور الشجرة مادة العرقسوس، وهي أكثر حلاوة من السكر العادي ويمكن مضغها أو تؤكل كحلويات. وهناك 12 نوعا من جذور العرقسوس تختلف في الطعم، ويضاف العرقسوس إلى البيرة والمشروبات الكحولية ليعطيها رغوة، ويضاف إلى عصير الكوكاكولا والبيبسي ويمكن مضغ مسحوق العرقسوس مع بذور اليانسون للكحة أو عمله كشاي.

 

وعرفت الحضارات القديمة في سوريا ومصر والرومان والعرب هذا النبات وورد وصفه في كثير من المراجع القديمة، وأن منقوعه المخمر يفيد في حالات القيء والتهيج المعدي، وهذا النبات له قيمة علاجية عالية لدى المصريين منذ قديم الأزل، وكان يطلق عليه " شفا وخمير يا عرقسوس " لما له من تأثير شافي للعديد من أمراض الجهاز الهضمي، فهو فعالٌ جدًا في علاج حالات قرحة المعدة.

 

وأثبتت الأبحاث الحديثة أن العرقسوس يحتوي على مادة الجلسرهيزين Glycerrhizin والمشتق منها مادة كاربن أوكسالون Carbenoxolene التي تساعد علي التئام قرحة المعدة والأمعاء. وعرفت جذور نبتة العرقسوس منذ أكثر من أربعة ألاف سنة عند البابليين كعنصر مقوي للجسم ومناعته، وعرفه المصريون القدماء وأعدوا العصير من جذوره.

 

ووجدت جذور العرقسوس في قبر الملك توت عنخ أمون الذي تم اكتشافه في عام 1923. فقد كان الأطباء المصريون القدماء يخلطونه بالأدوية المرة لأخفاء طعم مرارتها وكانوا يعالجون به أمراض الكبد والأمعاء. وكان الطبيب اليوناني ثيوكريتوس يعالج به السعال الجاف والربو والعطش الشديد.

 

ويعتبر بائع العرقسوس أحد نجوم شهر رمضان الذي يتمتع بطقوسه الخاصة سواء في عاداته ومشروبه الرائع، أو ملبسه المميز ذي السروال الأسود الواسع والطربوش الذي يضعه فوق الرأس، ففي إحدى يديه تجد أدوات نحاسية لامعة كما الذهب يحركها لتصدر إيقاعًا جميلًا، وتجد في اليد الأخرى أدواته المميزة التي تتكون من الإبريق الزجاجي أو النحاسي الكبير والذي صنع خصيصًا من أجل أن يحافظ على برودة العرقسوس، ويحمله بواسطة حزام جلدي عريض يحيط بالخصر.

 

شفا وخمير يا عرقسوس وبارد وخمير وتهنى يا عطشان.. هذه العبارات التي يغنيها بائع العرقسوس للإعلان عن شراب عرف منذ القدم بمذاقه الحلو، الذي يقبل عليه الكبار والصغار، خصوصا في شهر رمضان وفي فصل الصيف عندما تشتد حرارة الجو ويزداد احتياج الجسم للسوائل، وكثيرا ما يتناوله المسلمون بعد أذان المغرب، لا سيما في الأحياء الشعبية، لكنه يبقى شرابا يقبل عليه الفقراء والأغنياء.

 

وأشار بعض المؤرخين إلى أن مهنة بائع العرقسوس معروفة منذ القدم، ففي مصر عثر على جذور العرقسوس في قبر الملك (توت عنخ آمون)، حيث كان الأطباء المصريون يخلطونه في الأدوية المرة لإخفاء طعم مرارتها وغيرها من الاستخدامات الأخرى أما بداية ارتباط العرقسوس برمضان، فجاء منذ العصر الفرعونى ، حيث اعتبر العرقسوس شرابا ملكيا حتى جاء الفاطميون إلى مصر فأقبل عليه الناس ليصير مشروب العامة خاصة فى شهر رمضان، فيتناوله المسلمون بعد أذان المغرب لأهميته فى القضاء على الإحساس بالعطش.