الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. مرفت القباني تكتب: الطاقة والكرما بين الوعي والوهم

صدى البلد

 


في خضم ما يمر به العالم من أزمات، وما يعاني منه بعض البشر من مشكلات وصدمات نفسية، يتلهف العالم لحلول ناجعة، والغالبية العظمى منا يرجو حياة هادئة خالية من الهموم مليئة بالإنجازات، ومن هنا ظهرت الفريسة للصياد؛ فانتشرت فكرة كورسات التشافي الذاتي والعلاج بالطاقة (الريكي)، والهيبنوسيس (التنويم الإيحائي) وغيرها ..... كسبيلٍ للنجاة تحت مسمي الطاقة الحيوية، واندرج تحتها فروع ومسميات ومصطلحات  كثيرة؛ منها الواضح ومنها الغامض.

تلك هي صفقة العصر وصيحة القرن؛ التقطها من ادعوا أنهم خبراء بالطاقة الحيوية، واعتبروها فرصتهم؛ فراحوا يخلطون الحابل بالنابل، ويطوعون المصطلحات، ويلوون النصوص للترويج لسلعتهم، ودخل الدجالون والسحرة؛ فاستغلوها في أعمالهم٠

وانتشرت مصطلحات لا تنفع بل تضر، والحقيقة أنها استغلال لحاجات الناس ٠

 وقد انتهينا في المقال السابق إلى أن علم الطاقة مازال تحت التجريب، يقف بين مؤيد ومعارض، والواجب توخي الحذر وتحكيم الشرع والعلم؛ للحصول على المنافع وتجنب المضار٠ واليوم نفصل لبعض مصطلحات الطاقة الحيوية ونقدم بعض المقترحات.

إن العالم اليوم بين مصدق ومكذب للطاقة الحيوية، وما تحتويه من مصطلحات كثيرة (الهالة، الكارما، الماكروبيوتيك، قانون الجذب، واليقظة الروحية، الإيجو وغيرها.....) 
١-الهالة (الهالة النورانية): اكتشفها الروسي (سيمون كريليان ) عام ١٩٣٩ . حيث لاحظ أن هناك هالة تحيط بأي جسم حي، وهي غير مرئية ومُشعة على هيئة موجات كهرومغناطيسية ذات ألوانٍ؛ تتحكم فيها الحالة النفسية والجسدية للشخص، وتسمى بالهالة أو الهالة النورانية (Aura)، ويمكن تصويرها ورؤيتها بكاميرا جهاز كيرليان (Kirlian photography)
وادعى (سيمون): أنه يمكن إثباتها علمياً، وتفسير ألوانها وأشكالها التي تعتمد على الحالة النفسية والصحية للجسم، وأن الهالة يمكن تقويتها وتنظيفها.

وقد لاحظ رئيس قسم العلاج الكهربائي بمستشفى (سانت توماس) في لندن الدكتور (والتر كيلنر): أنه عندما ينظر إلى المريض عبر زجاج ملون يرى خطاً عريضاً من الضوء يغطي جسم المريض، وتختلف الألوان ودرجاتها للشخص الواحد حسب الحالة النفسية والصحية والمزاجية، ومن الممكن دراسة هذه الألوان ومعرفة الحالة المزاجية والصحية والنفسية للشخص من خلالها دون سؤاله ؛ الأمر الذي يمكن استغلاله في علاج المريض والتعامل السليم معه. ومن الأبحاث التي أثبتت وجود الهالة ما أكده الدكتور إبراهيم كريم مؤسس علم (البايوجيومترى) في مؤتمر حضره في هولندا: أن الطاقة النورانية تنبعث بشكل منتظم وكبير عند رفع إصبع التشهد (السبابة) لليد اليمني وليست اليسرى، وهي تساعد على زيادة طاقة الجسم بشكل كبير، وتم قياسها بالأجهزة الحديثة بالفعل.

وفي كتاب (النسبية وأينشتاين) للدكتور مصطفى محمود يقول فيه: إن ما نراه بأعيننا ليس هو الحقيقة أي أن السماء ليست زرقاء، وحجارة الأرض ليست ساكنة، و النور الذي نراه ليس أبيضاً عند تمريره من خلال منشور ثلاثي نراه قد تحلل إلى سبعة ألوان ( ألوان الطيف) ، وهي موجات و ذبذبات، وقد ترجمت المراكز البصرية في المخ  هذا التأثير العصبي إلى ألوان.

؛ فالعين لا ترى كل الحقائق، وليس معنى أننا لا نرى الهالة النورانية حول الإنسان أن ننكرها لأن حواسنا محدودة؛ فلا نستطيع إدراك حقيقة العالم بها من حولنا بل نتناول تراجم حسية عصبية ناقصة، وأحياناً غير صحيحة.

ويمكن قبول هذا علمياً؛ فهو يتفق مع ديننا الحنيف، وفي حديث رواه مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنه: " الصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء".

وعن ابن عباس قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل يصلي، وكان يقول في دعائه:
(اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، واجعل لي نورا، أو قال: واجعلني نورا).

وأكد البروفسور الكيميائي دولار محمد صابر على وجود الهالة وتحقق من ذلك علمياً فقال: إن العالِم السويدي (روبرت كنزي) برهن على أنَّ الهالة تزداد قوة بالوضوء والاغتسال والصلاة، وأجرى تصويرها بجهاز كريليان على الشيخ (أحمد ديدات) بعد وضوئه؛ فظهرت مكتملة وأكثر نفاذاً لمسافاتٍ بعيدة، وبعد أن صلى صورها مرة أخرى فوجدها زادت وعجزت الأجهزة على تصويرها.

وأجاب ديدات عندما سُئل عن ذلك: بقول رسول الله ﷺ : (إذَا تَوضَّأَ الْعبْدُ الْمُسْلِم، أَو الْمُؤْمِنُ فغَسلَ وجْههُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خطِيئةٍ نظر إِلَيْهَا بعينهِ مَعَ الْماءِ، أوْ مَعَ آخِر قَطْرِ الْماءِ، فَإِذَا غَسَل يديهِ خَرج مِنْ يديْهِ كُلُّ خَطِيْئَةٍ كانَ بطشتْهَا يداهُ مَعَ الْمَاءِ أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْماءِ، فَإِذَا غسلَ رِجليْهِ خَرجَتْ كُلُّ خَطِيْئَةٍ مشَتْها رِجْلاُه مَعَ الْماءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يخْرُج نقِياً مِنَ الذُّنُوبِ) رواه مسلم.
فالذنوب تطفيء الهالة، والوضوء يمحو الذنوب فيظهرها.

وهذه التجربة أجريت على المذيع أحمد الشقيري، وعرضها في برنامج خواطر وقد أكدت نفس النتائج.
وكل ما مضى يؤكد وجود الهالة وهو ليس بغريبٍ؛ فالناس بين مُنير الوجه أو مُظْلِمه.

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40 تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)).    
وإليكم بعض الروابط عن كاميرا كريليان
رابط يوضح فكرة تصوير كيرليان http://www.youtube.com/watch?v=qDOi1BLoN3U

رابط يوضح كيفية بناء جهاز كيرليان http://www.imagesco.com/articles/kirlian/kirlian-photography.htm

٢-الماكروبيوتيك:
 هو نوع من أنواع الفلسفات اليونانية القديمة، وهو العلاج بنظام غذائي مبني على طرق الاستشفاء الطاقي بتوازن غذائي ومعناه: فن الصحة وطول العمر ؛ من خلال العيش بتناغم مع البيئة، واستعملها الفيلسوف الياباني جورج أوشاوا ، الذي تقوم  فلسفته على أن الأشياء عرضة للتغيير الدائم، وأن البشر محاطون بقوتين جبارتين  ومتعارضتين ، ولكن متممتين لبعضهما وتقودانه إلى التناغم، وهما (الين واليانج) أي الذكر والأنثى، وذلك باختيار نوعية معينة من الأطعمة تناسب المريض، وتؤثر على جسده المادي  والأثيري.
 ويُمنع فيها أغلب المنتجات الحيوانية وفقَ نظرية “الين واليانج” التي تصنف الأطعمة من حيث شكلها ولونها وقوامها وفصولها ودرجة حرارتها، وعلى الرغم من أن البعض يعتبره نظام حياة، ولكن له أضراره،
ففي كتاب“ أسلوب الماكروبيوتيك ” لميتشيو كوشي. يقول: "كل منطقة لها غذاء معين  تتناسب مع ظروفها البيئية،  ويمكن لساكنيها  التأقلم بصورة أفضل مع تغيرات البيئة " ويناقض نفسه عندما يُدْرِج ضمن الأغذية المطلوبة أطعمة نادرة الوجود، فالله تعالى كفل لكل بيئة ما يناسبها، فأهل الجزيرة العربية  كانوا يعتمدون علي التمر والماء في معظم وجباتهم، ومع ذلك لا يعانون من نقص العناصر الأخرى في أجسادهم، ولم تتأثر هالاتهم، بل بالعكس ثبت علمياً :أن التمر يحتوي على قيمة غذائية متكاملة وعالية الفائدة، ويمكن الاكتفاء به كغذاء، بل ثبت أن أكل التمر يُوَلِّد هالة زرقاء اللون حول جسم الإنسان، تعد  درعاً واقياً من الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة من الجن؛ فترد الحسد والسحر والعين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تصبَّح بسبعِ تَمْراتٍ من عجوةٍ لم يَضرُّه ذلك اليومَ سُمٌّ ولا سِحرٌ). وقد ثبت علميا: أن من أفضل الأنظمة الغذائية هو نظام الصيام المتقطع، وهو مأخوذ من صيام المسلمين، فلا داعي لأخذ أنظمة غذائية من ثقافات وديانات أخرى؛ ففي ديننا دليل لكل حيران .
٣-الكارما:
هي مفهوم أخلاقي في الديانات الهندوسية والبوذية والسيخية والطاوية واليانية، وهذا المفهوم يطلق على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها ،  فأي عمل أو فكرة  يترتب عليها عواقب مادامت نتجت عن وعي وإدراك، وتأخذ هذه العواقب شكل ثمار تنمو بمجرد نضوجها؛ تسقط على صاحبها؛ فيكون جزاؤه إما الثواب أو العقاب فالكارما هي: قانون الثواب والعقاب المزروع في باطن الإنسان ، يفسرها مدربو الطاقة بأنها أحد القوانين الكونية،  وذلك بفتح  ملف طاقي معين يتم عن طريقه استهلاك أو استقبال  الطاقة بنفس النوعية المرسلة، ومثال ذلك لو لاعب مشهور لديه القدرة على إرسال طاقة لجذب انتباه الجمهور واستخدمها في إعلان لمنتج رديء يُخفض وعيهم ؛ فينتج عن ذلك استهلاك طاقي لديه دون وعي وسيجذب انتباهه كل الدعاية الإعلانية التي تضلل وعيه وتُخْفِضَهُ كما فعل هو من قبل ، أو أنه سيجذب أشخاصًا وأحداثًا لحياته ترشده إلى أشياء تخفض وَعْيه ، فهنا الكارما هي حصاد للملف الطاقي الذي فتحه بنفس القوة الصادرة منه، وهي تغذية راجعة للأفكار والأفعال التي تجذب لصاحبها نفس النوعية وبنفس القوة التي أرسلها بها من الكون تبعاً لقانون الجذب ، ولم تقتصر لعنة الكارما على الأشخاص فقط بل تمتد للأبناء والأحفاد وتسمى (بكارما الأجداد ).
          وكيف يتحمل الأحفاد وزر الأجداد؟! وفي القرآن الكريم (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
فقانون الكارما يعمل عند هؤلاء كقانون قائم بذاته، وليس تحت سلطة القوانين الإلهية، وهذا من معتقداتهم الدينية الفاسدة؛ فماذا يعنينا نحن المسلمين؟!  كما يزعمون أنه قانون، وهو ليس بقانون لأنه يفتقر للمعايير العلمية، ويدعون أنه القانون المهيمن على الكون، فمن أصدر هذا القانون؟! ومن يردد هذا الكلام من المسلمين أين إيمانه بالله المهيمن على الكون ؟!
قال تعالى:(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)  وما الهدف من إشغالنا بمصطلح الكارما على حساب مبادئنا و قيمنا (التسامح والتوبة والعدل وسعة رحمة الله والقصاص....) واختزالها بمعانيها العميقة في مصطلح هندوسي واحد؟! و المصيبة الكبرى محاولة إقناع الناس أن ترجمة الكارما في الإسلام تتلخص في قول الله تعالى :  ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )  وهذا خطأ فادح؛ لأنه من خلال توضيح أثر الكارما نجدها لا تعتمد على الأفعال فحسب، بل تشمل الأفكار مستدلين بقانون الجذب، وليس سعة رحمة الله ومغفرته وستره للمذنب،  فاستخدام هذا المصطلح؛ يُبْعِد قلب المذنب عن الله دون أن يشعر، ويقوده لممارسة طقوس ليست من دينه ؛ لتخلصه من لعنة الكارما ، إنها الحربُ على الهوية. 
ويكفينا أن نعلم أن الله يغفر الذنوب جميعا، ولا يحاسب على الأفكار ما لم تتحول إلى أفعال، يقول النبي ﷺ: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تتكلم). 
والتوبة تمحو ما قبلها بل يبدل الله سيئاتهم حسنات قال تعالى: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فأولئك يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) 
فلا تنخدعوا بمروجي هذه المصطلحات، ومن يحاولون التلاعب بالنصوص الدينية. وحسبنا أن الإسلام
هو دين التسامح ورد المظالم وأن الله واسع المغفرة وهو الهادي لكل ضال، فعلينا التمسك بدينا واستخدام مصطلحاتنا بدلا من برمجة الناس على مصطلحات وقوانين جديدة؛ تبعدهم عن دينهم.