الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عرفه علام يكتب: بوابة هروب

صدى البلد

لا يعني الجهل حتما الأمية.. شتان بين الجهل بالقراءة والكتابة وأزمة الثقافة التي يعاني منها المجتمع العربي بشكل خاص أو بنسبه أكبر بآلاف المرات من التي يعاني منها أي مجتمع في العالم  بسبب جهل بقيمة المعرفه  وعدم  تقديس القراءه والتعلم  والإطلاع  سواء بالقراءة مباشرة  أوالتعلم السمعي أو المرئي الموثوق به... القراءة توسيع للأفق والمدارك  الذهنية وحصن منيع من الوقوع في براثن التلاعب بالأفكار والغزو الفكري للمجتمعات الناميه والفقيره .. كما هو في أغلب دول  العالم العربي ... بل إن القراءة تخلق مساحه أخري وعالم آخر من المعرفه والنضج  ومرونه التفكير وإعمال دور العقل بدوره الذي خلقه الله من أجله فخلق الله العقل للإنسان ليميزه  عن باقي المخلوقات ليفكر ويختارلنفسه الطريق  ويتدبر ليصلح ويعمر في الأرض ...لا يقتصر مصطلح الثقافه فقط علي القراءة ولكن المعرفه والإطلاع  بأي وسيله متاحه تخرج العقل من ظلمات الجهل إلي نور المعرفة...الأزمة الثقافيه التي نعاني منها في مجتمعاتنا تخلق عقولا ضعيفة الشخصيه .معدومة الهوية سهل الإستحواذ عليها  وجرها إلي أي  تيار لإستخدامها في الفساد أو تحقيق مصالح خاصة.

سهل أن يقتنع بالخطأ ويرتكبه ويدافع عنه  بل ويصدق نفسه ويبرر لها. لأنه ليس لديه القاعده من القيم المعرفية  التي يقاوم بها تلك المدخلات الڤيروسيه والمريضة  من الأفكار الموجهة ..كذلك من يدخل في العقول المظلمه والمعتمه  بالفقر المعرفي و الثقافي الذي نتحدث عنه ويتلاعب بها خاصه بين البسطاء ممن يعانون اوقات المحن والتحديات الطبيعيه التي تحدث عاده  إلي أي  إنسان فيخلقون له بوابة هروب متاحه وهميه گأفيونة  مريحه لكنها ضاره ومدمره لإدخال قناعات خاصه  بعقولهم العقيمه أو لابتزازه  بطريقه ما أو لمجرد نشر عقيده مريضه لديهم مؤكد أنها لإستفاده ما ...  بوابه هروب ( أنت مسحور.)  أنت مفعول بك ولست فاعل وكل ما يحدث لك لأسباب خارجه عن إرادتك ليس لك دخلا بها ..  ويعلق كل ما تتعرض إليه من أزمات قد تتعلق غالبا بإخفاقات تسببت بها أو بسبب قرارات غير موفقه في حياتك أو بحاله نفسيه مؤقته  إلي السحر والشعوذه بل إن  هناك من يعلق كل فشل يمر به في حياته علي هذه الشماعة  بسبب فراغ العقل من الثقافه التي تؤهله من التفريق بين الإيمان بوجود هذا في الدين  وبين  الأخذ بالاسباب .بفضل هؤلاء المروجين لهذه البوابه ..وجعل الهروب من الواقع أسهل عبر  بوابه أني مسحور ولست السبب فيما يحدث لي من إخفاقات وعثرات أو كبوات  ،!
فشل في العمل أو تأخر في الحصول علي وظيفه فأقرب بوابه للهروب هي  السحر..  علاقه أو زواج يواجه  صعوبات  أو تحديات  تواجه كل البشر لا يتحملها فيتجه بسبب تلك المفاهيم المرسله لعقله من المستفيدين من هذا الفهم أيا كانت طريقه الإستفاده  لأقرب بوابه للهروب ..مسحور ..ثم .يجد من يروج لتلك البوابة   لديه أيضا الحلول للولوج منها عن طريقه هو.. وهوفقط دون غيره أيضا  ثم يكون الإبتزاز بكل صوره  ثمنا للهروب  بطريقه مريحه.
من المضحك لدينا في المجتمعات الناميه ووسط هذه الأزمه الثقافيه  أنك تصادف أحيانا عائلات وأسر وأحياء كلها بلا استثناء قد تتهم بعضها بالسحر بسبب نشر هذه الأفكار .. وتقف بسؤالك حائرا وساخرا  ..بما أن الكل ساحر والكل مسحور ..فمن سحر لهم وأوقف وغير حياتهم جميعا 
الإجابه الوحيده المقنعه لدي  ...سحر لنا  الجهل وثقافتنا  التي تحتاج إلي زياده الوعي والثقافة المعرفيه والتحرر من هذا الاحتلال الفكري والإعتلال النفسي ..
إن من يعلق كل إخفاقات حياته وحياه غيره  أو عدم توفيقه في علاقه أو عمل أو مشروع علي شماعه الأعمال والسحر إنما يحتاج فقط لعلاج  من كل هذا ببساطه بشئ من الثقافه والتفكير بشكل عملي وإيقاف تلك الأفكار الوهميه التي ترتبط بعدم الوعي ..دينيا وثقافيا    ...وإن كل من يقنع البسطاء والحياري والمبتلين في حياتهم  بهذا الفكر وتضييع فرصه التصحيح عليهم والأخذ بالأسباب  هو في نظري لا يختلف عن الإرهابي الذي يقتل ويذهق الأرواح من الأبرياء بإسم الدين 
فهذا يذهق روح وهذا يذهب عقل ويسيطر عليه بإرهابه وتخويفه من عواقب عدم إتباعه ويتشابهان في استخدام الدين في قتل  الأبرياء أو استغلال متاعب وآلام  البسطاء   ...كم من جرائم أرتكبت وتحرش  ونصب وإحتيال بسبب هذه القناعات والموروثات  الثقافيه البعيده عن مقصود الدين والبعيدة عن واقع ملموس في عالم قال عنه الله عز وجل ..وجعلنا لكل شئ سببا ... كم من قتل وإرهاب يرتكب بالإستحواذ علي عقول تم مدها بقناعات خاطئه لضعف مناعتها الثقافيه والمعرفية  وكم من ضعفاء النفوس من تسببوا في إكتئاب وفشل علاقات بخلق  شماعات يعلق عليها كل ثقيل من خطأ  وذهاب أخلاق بسبب إستخدام هذا النوع من الجهل ونشر أمراض عقولهم في عقول أخري يستغلون فقرها وبساطتها  ...لا أزعم أن السحر غير موجودأو أنه غير موجود في الثقافات الأخري فالسحر تعرفه أيضا مختلف ثقافات العالم ولكنه في هذه الثقافات يعتبرونه غالبا  ليس أكثر من مغامرات معرفيه   أما في دول العالم الثالث عقيده وأمر مسلم به يرجع إليه غالبا كل إخفاق وتعثر أو تأخر ..   .الإرهابي يبررالقتل والترويع  بالدين وبالحجج الباطله ويجد عقول مظلمه وفقيره ثقافيا تساعده علي التلاعب بها  والإستحواذ عليها بسبب هذا المرض الخطير ...الجهل وعدم وجود الثقافه التي تؤهل هذا العقل لرفض تلك الجرائم التي تخالف أي دين وأي عرف أو تقاليد  ....
بالمعرفة والثقافه والأخلاق والقيم والمبادئ الصحيحه تقام الأمم وتتقدم ...القراءه تجعلك غير مجبر علي النصائح التافهه والخاطئه من المتطفلين والمستغلين وتعطيك حريه الإختيار....يقول نجيب محفوظ إن اكبر هزيمه في حياتي هي حرماني من متعه  القراءة بعد ضعف نظري ...أعجبتني أيضا كلمات الكاتب السوري محمد عدنان سالم إن الشعب الذي لا يقرأ لا يعرف نفسه ولا يعرف غيره .القراءة هي التي تقول لنا هنا وقف السلف من قبلكم وهنا وصل العالم من حولكم لا تكررو تجارب الآخرين ولاترتكبوا الأخطاء التي ارتكبوها ....لا تدعوا فراغ العقل من الثقافه  والقيم المعرفيه  أرضا خصبة للإستحواذ عليها من المنتفعين والنصابين بإسم الدين وهو برئ مما يفعلون ويقولون  ...لا تفروا من أوجاعكم وتحدياتكم  عبر بوابات هروب صنعها الفاشلون   لتكونوا علي دربهم سائرون مكبلون ..يقول الدكتور مصطفي محمود رحمه الله إن كلمة السر هنا في داخل انفسنا لو فكرنا في نفوسنا لروعتنا أكثر من كل صنوف السحر.. حطمو خيال المآته الذي وضعه لكم النصابون بإسم السحر يخوفوكم به  ولا تتركوا عقولكم  كعقول الطير .. بوابة الهروب من الواقع فوق  شماعة السحر خلفها جحيم حقيقي فاتقوه.