الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المستشار سُليمان عبدالغفار يَكْتُب: «رَمَضانيَّات».. المُسْلِمون بَيْنَ الوِحْدَة والتَنَوُّعْ

صدى البلد

• تَناوَلْنا في مَقالِنا السابِق مِنْ "رَمَضانيَّات" الشَهْرِ الكَريمْ "نَظْرَة الإسْلامِ إلى الإنْسانِ والكَوْن" وكَيْفَ أنَّ الإنْسانَ المؤْمِنَ مُرْتَبِطٌ أشَدّ الإرْتِباط بِكُلِّ مَظاهِرِ وتَجَلِّياتِ الحياةِ مِنْ حَوْلِهْ – في حَرَكاتِهِ عَمَلاً وعِبادَةْ – وفي سَكَناتِهِ بِالفِكْرِ والتأمُّلْ – فَضْلاً عَنْ دَعْوَةِ الإسْلامِ لِلبَشَريَّةِ كُلِّها إلى المَحَبَّة والتآخي والسَلامْ، و دَحْض التَفْرِقةِ والظُلْمِ والإساءَةِ إلى سائِرِ المَخْلوقاتِ في إطارِها الأعَمّْ مِنْ نَباتٍ وحَيوانٍ وجَمادْ التي أبْدَعَها خالِقُ الكَوْنِ العَظيمِ بِقُدْرَتِهِ وعِلْمِهِ وحِكْمَتِهْ ...!؟! وإذا كانَ التَنَوُّع والاخْتِلاف هو سُنَّة مِنْ سُنَنِ اللهِ في خَلْقِ الكَوْنِ والبَشَرْ – فَإنَّ الإسْلام يُشيرُ إلى مَظاهِرِ التَنَوُّعِ البَشَري والطَبيعي مؤَكِّداً في ذاتِ الوَقْتِ على وِحْدَةِ الحياةِ والإخاءِ الإنْساني – فالأرْضُ هى وَطَنُ الإنْسان – كُلْ إنْسان – وإذا تأمَّلْنا آياتِ القُرْآنِ الكَريم – لاسيَّما "سورَة الرَحْمَن" – لَرَأيْنا فيها أوْصافاً لِمُكَوِّناتِ الكَوْنِ – سَمائِهِ وأرْضِهْ ... بَرِّهِ وبَحْرِهْ ... دُنْيا وآخِرهْ ... عَمَلٌ وحِسابْ – كُلْ هَذِهِ الأوْصاف هي بِمَثابَةِ "دَعْوَة مَفْتوحَة" لِعُمْرانِ الحياةِ وإعْمارِ الكَوْن ...!؟!... ويأْتي اخْتِلاف ألْسنة البَشَرِ وألْوانِهِم دَليلاً على قُدْرَةِ اللهِ في الخَلْقْ، وهو ما نَجِدَهُ في مَظاهِرِ الكَوْنِ الأُخْرَى مِنْ تَعَدُّدِ ألْوانِ الجِبالِ والنَباتِ والحَيوانِ وغَيْرِها مِمَّا أبْدَعَهُ اللهُ في الخَلْقْ ...!؟!.

• ... في القَصَصِ القُرْآني الحَقِّ الذي يَدْعونا لِلتَدَبُّرِ في أحْوالِ الدُنْيا ومآلاتِ الأخِرَة – نَجِدُ أنَّ أغْلَب سُوَر القُرْآنِ الكَريم تَناوَلَتْ صِراعَ الحَقِّ والباطِلِ بَيْنَ القِلَّةِ المؤْمِنَةِ والكَثْرَةِ الجاحِدة – وأنَّ "سورَة يوسُفْ" هى السورة الوَحيدة التي قَصَّتْ عَلَيْنا حياة نَبيِّ الله يوسُف كامِلَة – مُنْذُ أنْ كانَ صَبيَّاً إلى أنْ وَهَبَهُ الله الحُكْمَ والعِلْم – لِتُقَدِّمَ لَنا في طيَّاتِها نَوازِعِ النَفْسِ البَشَريَّة مِنَ "الغيرة والحِقْدِ والحَسَدِ والكَذِبْ ... وُصولاً إلى التآمُرِ والتَلْفيقِ وغَلَبَةِ الشَهْوَةِ والكَيْد" وقَدْ تَعَرَّضَ لِأشَدِّ مِحْنَتَيْن في حياتِهِ مِنْ جانِبِ إخْوَتِهِ الذينَ عَقَدوا العَزْمَ على التَخَلُّصِ مِنْهُ دونَ رَحْمَة – وكانَ الإلْقاء في البِئْرِ بَديلاً عَنِ القَتْل ...!؟! – بَيْنَما جاءَتْ المِحْنَة الثانية مِنْ جانِبِ إمْرأة العَزيزِ التي راوَدَتْهُ عَنْ نَفْسِهْ – فاسْتَعْصَمَ بِاللهِ رافِضاً الخيانةِ والإساءَةِ لِلرَجُلِ الكَريمِ الذي أحْسَنَ إليْهِ وتَعَهَّدَهُ بِالرِّعاية – مُفَضِّلاً العَفافِ وشَرَفِ الرُجولَةِ وإنْ كانَ الجَزَاءُ العُقوبَة الظالِمة بِالسِّجْن ...!؟! لِتوَضِّحَ لَنا السورَة أنَّ أمْرَ اللهِ لا مَرَدَّ لَهُ وأنَّ إرادَتَهُ غالية – وكَيْفَ أنَّ ساعَةَ الضيقِ والألَمِ في جَوْفِ البِئْرِ كانَتْ الطَريق إلى القِمَّةِ في هَذِهِ الدُّنْيا جَزاء الصَبْر على تَحَمُّلِ الأذَى والالْتِزامِ بِمَنْهَجِ الله ...!؟!.

بَيْنَما تَعْرِضُ لَنا "سورَةِ الكَهْف" أنواعِ الفِتَنِ والابْتِلاءاتِ التي تواجِه الإنْسان في حياتِهْ – فالشَبابُ المؤْمِنُ مِنْ أصْحابِ الكَهْفِ يَتَعَرَّضون لِفِتْنَةِ الإيمانِ واخْتِبارِ صِدْقِ العَقيدة – فَيَفِرُّونَ بِدينِهم مِنْ بَطْشِ السُلْطة المُسْتَبِدَّة – وقَدْ تَوَلَّاهُم اللهُ بِرَحْمَتِهِ وجَعَلَهُم آية لِلعالَمين في صِراعِ الحَقِّ والباطِلْ ...!؟! – وفِتْنَة "المال والبَنون وزينة الحياةِ الدُّنْيا" نَراها في قِصَّةِ "صاحِبِ الجَنَّتَيْن" الذي حاوَرهُ صاحِبهُ المؤْمِن مُسْتَنْكِراً جُحودَهُ وعَطاء الله لَهُ – رَغْمَ أنَّهُ لا يَمْلِكُ مالاً ولا أوْلاداً       مِثْلهُ ...!؟! – وفِتْنَة "العِلْم" في صُحْبَةِ النَبِيِّ موسى لِلْعَبْدِ الصالِحِ الذي تَعَلَّمَ مِنْهُ مالَمْ يَكُنْ يَعْلَمْ – حَتَّى لا يَغْتَرَّ الإنْسانُ بِعِلْمِهِ فَفَوْق كُلِّ ذي عِلْمٍ عَليم ...!؟! – ثُمَّ يأْتي الاخْتِبارَ الأخْطَر والفِتْنَة الأشَد وهي فِتْنَة "السُلّْطة والنُفوذ والجاه" في حَديثِ السورة عِنْ قِصَّةِ "ذي القَرْنَيْن" وكَيْفَ أنَّ صاحِبَ السُلْطانِ لابُدَّ أنْ يَكونَ عالِماً مُبْدِعاً مَعَ اتِّصافِهِ بِالحِكْمَةِ والعَدْل – مِثْلَما أشارَتْ السورة إلى ما أقامَهُ ذو القَرْنَيْن مِنْ اسْتِحْكاماتٍ عَسْكَريَّة مِنَ الحَديد والنَحاس والصُخور لِتَكونَ حاجِزاً بَيْنَ أولَئِكَ المُسْتَضْعَفين الذينَ دَعاهُم إلى العَمَلِ وعَدَمِ القُعود – وبَيْنَ قَوْمٍ آخَرين مِنَ الهَمَجِ سَمَّاهُمُ القُرْأن "يأْجوج ومأْجوج" يعيثونَ في الارْضِ فَساداً وتَخْريباً ...!؟! – وهَكَذا تُقَدِّمُ لَنا سورَة الكَهْف أنْواع الابْتِلاءاتِ التي يواجِهها الإنْسان في حياتِهِ الدُّنْيا – وأنَّ طَريق الفَوْزِ والنَجاة في الإيمانِ بِاللهِ الواحِدِ ومُداوَمةِ العَمَلِ الصالِحِ الذي تَطيبُ بِهِ الحياة...!؟!.

• كانَ الرَسولُ العَظيمُ هوَ مَنْ وَضَعَ أساس "الدِّينِ الكَوْني" ورَسَمَ مَعالِم "عالَميَّةِ الإسْلام" بِرَسائِلِهِ إلى المُلوكِ والحُكَّامِ مِنْ حَوْلِهِ – يَدْعوهُم إلى عَقيدَةِ التَوْحيدِ والإيمانِ بِاللهِ الواحِدِ والدُخولِ في الإسْلامْ – فَكانَ مِنْهُم مَنْ أحْسَنَ الرَدَّ ومِنْهُم مَنْ قادَهُ صَلَفَهُ وغُرورَهُ إلى حَتْفِهْ ...!؟! – وقَدْ بَدَأَ الصِدام بِالقُوَى المُحيطَةِ بِالإسْلامِ في عَهْدِ النُبُوَّة – بَيْنَما حَدَثَتْ المواقِعِ الكُبْرَى في عَهْدِ الخُلَفاءِ الراشِدين – ومِنْ ثَمَّ انْتِشار اللُّغَةِ العَرَبيَّة مَعَ القُرْآنِ في رُبوعِ العالَمين...!؟! – وبِالفَهْمِ السَمْحِ لِاخْتِلافِ الألْسِنَةِ والألْوانِ والبيئاتِ مَعَ امْتِدادِ المَكانِ وتَعاقُبِ الزَمان وتوالي مُتَغَيِّراتٍ الحياة – خَرَجَ الإسْلامُ مِنَ الجَزيرةِ العَرَبيَّة إلى سائِرِ أرْجاءِ العالَمْ – ولازالَ الإسْلامُ حَتَّى يومِنا هَذا يَنْتَشِر بِقوَّتِهِ الذاتيَّةِ في كافَّةِ أرْجاءِ المَعْمورة رَغْمَ حالة التَراجُع التي يَعيشُها المُسْلِمون الآن ...!؟!... فالعَرَب هُمْ أوَّل مَنْ حَمَلَ أمانَةَ الإسْلامِ إيماناً ودَعْوَةً وجِهاداً – لِأنَّ القُرْآن الكَريم نَزَلَ بِلِسانٍ عَرَبيٍّ مُبين على رَسولٍ عَرَبيٍّ في أرْض الرِسالة "مَكَّة" و"المَدينَة" دارِ الهِجْرَة – مِنْ هُنا كانَ الرباطُ الوَثيقُ والمُقَدَّسُ بَيْن العُروبَةِ والإسْلامِ والقُرْآنْ –  لِأنَّ اخْتيار الزَمانِ والمَكانِ أُمورٍ تَتَعَلَّق بإِرادَةِ الله لا بإرادَةِ الإنْسانْ ...!؟! – فالإسْلامُ كَرامَةً وتَكْريمْ – لَكِنَّهُ مَسْئوليَّةٌ وعَطاءْ – فالكَرامَة في الإسْلامِ تَقومُ عَلى التَقْوَى ولَيْسَ لِمُجَرَّدِ الانْتِماء "إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُمْ" والتَقْوَى شَأْنَها شأْن العَقيدَةِ لا تَسْتَقيمُ بِغَيْرِ العَمَل الذي يُحَقِّقُها على أرْضِ الواقِعْ – وقَدْ أرْشَدَ الرَسولُ الكَريمُ المُسْلِمين بِسُلوكِهِ الذي يُعينُ على تَماسُكِ المُجْتَمَعِ واحْتِرامِ الإنْسانْ – فَفي الإسْلامِ لا يوجَد انْفِصال بَيْن المضامين الاقْتِصاديَّة والاجْتِماعيَّة والدينيَّة التي تَقومُ بِها الحياةْ ...!؟!.

• فالقُرْآنُ بِالنِّسْبةِ لِلْمُسْلِمِ هو "كِتابُ الحياة" بِما يَتَضَمَّنَهُ مِنْ عَقيدَةٍ وشَريعَةِ وأخْلاقٍ وقَصَصٍ لِلتَدَبُّرِ والاعْتِبارْ – وأنَّ الأمْرَ الإلَهي الأوَّل لِلرَسولِ الكَريمْ "إقْرَأْ" هوَ أمْرٌ موَجَّهٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ مِنْ بَعْدِهْ – وعَقيدَةُ القُرْآنِ هي التَوْحيد والإيمان بِما أنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابْ - وشَريعَتُهُ فيها تَفْصيلٌ "لِلثَّابِتِ" الذي لا يَتَغَيَّر كالعِباداتِ –  كَما أنَّها تَتَضَمَّنُ إشاراتٍ عامَّة  لِما يَعْتَريهِ "التَغْيير والتَجْديد" مِنْ نُظُمٍ سياسيَّة واقْتِصاديَّة ومُعامُلاتٍ وغَيْرِها – وفي القُرْآنِ قَواعِدٍ لِلْأخْلاقِ نَموذَجِها الأعْلى "أخْلاق الرَسولِ الكَريمْ" الذي وَصَفَهُ الله بِقَوْلِهِ "وإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمْ" – فالقُرْآنُ يَدْعونا إلى تَوْحيدِ الخالِقِ وإلى العَمَلِ الصالِحِ في هَذِهِ الدُّنْيا – والإيمان بِعَقيدَةِ الجَزاءِ في الأخِرَة – وإلى الوِحْدَةِ في الإنْسانيَّة – فالنَّاسُ جَميعاً خُلِقوا مِنْ نَفْسٍ واحِدَة ...!؟!.

• ... بِهَذِهِ المَفاهيم الأساسيَّة قامَ الإسْلامْ – فَفي بِدايَةِ الأمْرِ كانَ جُزْءاً مِنَ العُروبَة – فَدَعْوَتُهُ الأولى كانَتْ في "مَكَّة" وقاعِدَتَهُ الأساسيَّة "المَدينة المُنَوَّرة" التي انْتَشَرَ مِنْها إلى سائِرِ أجْزاءِ الجَزيرَةِ العَرَبيَّةِ في حياةِ النَبيّ – وبَعْدَ وَفاتِهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ" اهْتَزَّتْ الجَزيرَة جَرَّاءْ حُروبِ الرِدَّة وبَعْدَها اسْتَقَرَّتْ الدَوْلَة الإسْلاميَّة لِتَنْطَلِقَ إلى آفاقٍ عالَميَّةٍ جَديدة بِدايَةً مِنْ عَهْدِ الخِلافَةِ الراشِدةْ – وظَلَّ "القُرْآن الكَريمْ" كَما كانَ مُنْذُ أنْ أنْزَلَهُ اللهُ على قَلْبِ الرَسولِ الأمينْ – مَرْكَزاً لِلثِقَلِ في الحياةِ الإسْلاميَّة ومِحْوَرِها الذي تَدورُ حَوْلَهْ – فَهوَ الدِّين واللِّسان والرِّباطِ المَتين الذي يَجْمَعُ المُسْلِمين ...!؟! – وبِفَضْلِ القُرْآن تَمَكَّنَ الدِّينِ الإسْلامي مِنَ البَقاءِ رَغْمَ تَوَزُّع المُسْلِمين بَيْنَ حَضاراتٍ وثَقافاتٍ مُتَنَوِّعَة – فَقَدْ تَعَدَّدَتْ الألْسِنَةِ واللهْجاتِ وبَرَزَتْ المَصالِحُ المَحَلِّيَّة والنَزْعاتِ الطائِفيَّة والعصبيات – رَغْمَ الحُروب الدامية ومُحاوَلات التَخْريبِ والتَقْسيمِ والخُضوعِ لِسَيْطَرَةِ الاسْتِعْمارِ الغَرْبي الذي اسْتَنْزَفَ الخَيْراتِ ومارَسَ عَمَليَّاتِ التَشْويهِ والإذْلالْ ...!؟!.

• إذاً الإسْلامُ واحِدٌ والمُسْلِمونَ مُتَنَوِّعونْ – هَذِهِ هى إرادَةُ الله لِهَذا الدِّين الذي يَسَعُ البَشَرُ جَميعاً ويَحْتَوي العالَمَ بِأسْرِهْ ...!؟! – وِحْدَةٌ في العَقيدَةِ ... وِحْدَةٌ في العِباداتِ ... وِحْدَةٌ في القيَمِ والأخْلاقْ – رَغْم اخْتِلاف الزَمانِ والمَكان – فَالإسْلامُ يَدْعو إلى الوِحْدَةِ التي يَأْتَلِفُ في داخِلِها التَعَدُّد والتَنَوُّع الذي يُثْري هَذا التَرابُط والتواءُمْ في العِباداتِ التي فَرَضَها الإسْلامْ – "فالصَلاة" واحِدة لَكِنَّها تَتَنَوَّع ما بَيْنَ مواقيتِها مِنَ الفَجْرِ إلى الليل – و"الزَكاة" واحِدة لَكِنَّها تَخْتَلِف في مُعْطَياتِها وتَتَعَدَّد في مَخارِجِها – و"الصيامُ" واحِد في شَهْرِ رَمَضان لَكِنَّهُ يَتَنَوَّعُ مِنْ عامٍ إلى عام ما بَيْنَ صَيْفٍ وشِتاءِ ورَبيعٍ وخَريفْ وفْقَ دَوْرَةِ الزَمانِ وتَوْقيتِ المَكان – و"الحَجّ" واحِد في مواقيتٍ وشَعائِرٍ مُحَدَّدَة مِنْ كُلِّ عامْ – لَكِنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ المؤْمِنين على اخْتِلافِ بيئاتِهِم وألْوانِهِم وألْسِنَتِهِم – فَفي ذَلِكَ الرِداءِ الابْيَضِ البَسيط تَتَلاشى كُل الفُروقِ ومَظاهِرِ التَمْييزِ بَيْنَ غَنيٍّ وفَقيرٍ ... أو بَيْنَ رَئيسٍ و مَرْؤوسْ ...!؟!.

• ... ويَبْقى أنْ نُشيرُ إلى أنَّ قَبولَ الإسْلامِ لِلتَنَوُّعِ - لا يَعْني أنْ يَذْهَبَ المُسْلِمونَ إلى الفُرْقَةِ والخِلافِ والتَنازُعِ فيما بَيْنَهُم – مِثْلَما كانَ عَلَيْهِ الحال على مَدارِ التاريخْ – وكَما نُشاهِدُ الآن مِنْ صِراعاتٍ مَذْهَبيَّة وطائِفيَّة – رَغْمَ وِحْدَة العَقيدة وَوِحْدَةِ الدِّينْ ...!؟! – ويَظَلُّ المُسْلِمونَ اليَوم في أشَدِّ الحاجَة إلى تَصْحيحِ مَفاهيمِ الدِّينِ وعَدَم الفَصْلِ بَيْنَ العِباداتِ مِنْ ناحية وبَيْن الأخْلاقِ التي هى أساس الدِّين – ليَتَمَكَّنوا مِنْ تَحْقيقِ التَفاهُمِ فيما بَيْنَهُمْ – فَإذا كانَ الإسْلامُ ديناً لِمَنْ يؤْمِنُ بِهْ – فَإنَّهُ "ثَقافَةٌ" ورُبَّما "مَنْهَج حياة" لِغَيْرِ المُسْلِمينْ ...!؟!.

... فَهَلْ يُدْرِكُ العَرَبُ والمُسْلِمون أنَّهُ لا تَناقُضَ بَيْنَ العُروبَةِ والإسْلامْ ...؟!؟ – لأنَّ ما يَجْمَعَهُم عَرَباً ومُسْلِمين أكْبَر بِكَثيرٍ مِمَّا يُفَرِّقَهُم – وهو قَليل ...!؟! – فالتَحَدِّي الأكْبَر والأخْطَر الذي يواجِهونَهُ اليَوم هو "التَحَدِّي الحَضاري"... وأنَّ أهَم ما يُمَكِّنَهُم مِنَ الصُمودِ في مواجَهَتِهِ هو "الإيمان بِوِحْدَةِ الدِّين" والقُدْرَة على "الإبْداعِ والمُشارَكة" – إنَّما يَجِبُ أنْ نَعْلَمَ أنَّهُ لا إيمان دونَ مَحَبَّةٍ أو إخاءْ...!؟! ولا إبْداع أو مُشارَكة دونَ عِلْمٍ وعَمَلٍ وتَعاونْ ...!؟!... هذا هوَ التَنَوُّع المُبْدِع في إطارِ وِحْدَةِ العَقيدة وَوِحْدَةِ الدِّينْ ...!؟!.