الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: الفتنة تؤدي إلى عدم دخول الجنة والله أمرنا أن نتقيها

الفتنة
الفتنة

ذكر الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق أن الله سبحانه وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، وقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

وأوضح علي جمعة أن هذه الآيات البينات تدعونا إلى التقوى، وتدعونا إلى الصلاح والخير، وتدعونا إلى حمل الدعوة إلى الناس؛ مسلمهم وكافرهم، مؤمنهم ومفسدهم.. نراها في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)، وقوله: (يَا بَنِي آدَمَ) فإذ به يخاطب الجميع، يخاطب أمة الدعوة؛ فكل من على وجه الأرض من أمة دعوة المسلمين، فالإسلام نسقٌ مفتوح لا يعرف الانغلاق، وهو أيضا نسق عالمي لا يعرف الجنسية والعرق...؛ إنما هو أمة عبر الزمان والمكان، وربنا سبحانه وتعالى يعـلمنـا كيـف ندعـوه: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ).

وأشار عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إلى أن زيغ القلوب الذي نستعيذ بالله منه: له عناصر ومكونات؛ وأولها الوقوع في الفتنة، والتي اندرج فيها العالم اليوم على مستوى الأمم، وعلى مستوى الأفكار، وعلى مستوى التوجهات، وعلى مستوى المسلمين في داخلهم وعلاقتهم مع رب العالمين.

ونوه إلى أن الفتنـة أمرنـا الله سبحانه وتعالى أن نتقيهــا، فقال: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ)، وقال: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ القَتْلِ)، وقال: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ).

تعريف الفتنة

فما الفتنة إذًا؟ الفتنة معصية وجهل مركب، وعلم منسي ضائع، وحواس منتكسة، وفرح بالأدنى، ونفرة عن الحق وميل للباطل.. ويقول ربنا سبحانه: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الجَنَّةِ)، الفتنة تؤدي إلى عدم دخول الجنة؛ فالفتنة قد أدت إلى الخروج منها، ولما قص الله علينا قصة آدم لم يقصها عفوًا ولا حكاية ولا قصة مجردة لأحداث التاريخ، فلم يروها لنا إلا لنأخذ منها العبرة ونقف عندها... لِمَ خرج آدم من الجنة؟ إنه قد مورست عليه الفتنة (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الجَنَّةِ )، ماذا فعل الشيطان؟ (يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا) ، أول فتنة كانت فتنة العُري والقبح الذي وجهه الشيطان إلى ابن آدم، وهو يراك عاريًا ويعلم فتنتك (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) ، (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً).

والفاحشة يندرج تحتها الشهوات.. ويندرج تحتها السب والقذف، والغيبة والنميمة، ويندرج تحتها أيضا هذا المنهج الكذب الذي سيطر على عقول الناس فحرفهم عن العقيدة الصحيحة، والذي جعلهم يحرفون الكتب السماوية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى من عنده، والذي جعلهم يكذِّبون بنبينا ﷺ ، وهو خير الخلق، والذي جعلهم يستعلون على الناس في الشرق والغرب، ويكذبون على أنفسهم حتى صدقوها..! كل ذلك تحت كلمة (فاحشة)، والناس أمامها على قسمين: قسم مُقلد، وقسم يعتقد.. وإنا لله وإنا إليه راجعون؛ فقد أنكر الله عليهما معا.

(وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّى بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ)، وهو بذلك يصف واقعنا على مستوى الأفراد.

ونحن لا نريد فتنة في الأرض.. نحن نريد صلاحًا، ونريد أن نحجز الناس عن النار، وأن نحجزهم عن أن يذهبوا للجحيم في الدنيا والآخرة.. نحن ندعو الناس إلى سعادة الدارين، ندعو مسلمهم وكافرهم إلى أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى.

قال تعالى: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ) فاصبر واحتسب ولا تتزحزح عن إيمانك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ المُسْلِمَ إِذَا كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ المُسْلِمِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ ولا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) (الترمذي)، لابد عليك من الصبر، ولا تجعل فتنة الناس كعذاب الله..! دُم على الخير.. بلغ دينك.. علم أبناءك حب رسول الله ﷺ.. علموا الناس القرآن.. أخرجوهم من البطالة والعطالة والأمية.

قال رسول الله ﷺ: (أحَبُّ الأعمَالِ إلى اللهِ أدومُها وإنْ قَلَّ) (مسلم)، فاستمر على الإيمان ودُم عليه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) قال العلماء: يعني استمروا على الإيمان، ولا يصدنكم عنه أي شيء من فتنة عمياء صماء، ولا يصدنكم عنـه شيء من فتنـة الدنيـا؛ لأن فتنـة الآخـرة أشد وأبقى. (ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ).