الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة يوضح معنى كلمة السائحون في سورة التوبة

صدى البلد

قرأ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف قول الله تعالى: {السَّائِحُونَ} [التوبة: 112]، مؤكدا أن السائحين تطلق على معنيين، المعنى الأول: تطلق على الذاكرين، فالذاكرُ هو سائحٌ في ملكوت الله، وفي ملكه، يذكرُ فتتوارد على ذهنه أجزاء الْمُلْك، وتعلو روحه إلى الملكوت؛ ومن أجل ذلك سِمِّيَ الذاكر بالسائح.

وأوضح «جمعة» في بيان له أن الذاكر لله يسيح، أي ينتقل من هنا لهنا لهنا لهنا من خلق الله، وهو يذكر الله سبحانه وتعالى يسبحه ويحمده ويكبره، ويلجأ إليه، ويعترف بوحدانيته وربوبيته وإلوهيته، فهو سائحٌ في ملكه وملكوته.


وأضاف أن النبي ﷺ يقول: «سبق المفردون». أي الذاكرون، الذين يذكرون الله سبحانه وتعالى؛ إما بالإفراد والتوحيد، لأن التوحيد هو قضية الكون الكبرى، وأن الرب رب، وأن العبد عبد، وأن هناك فارقا بين المخلوق والخالق.

وأشار إلى أن التوحيد: هو أنه لا حاكم إِلَّا الله، ولا رازق إِلَّا الله، ولا خالق إِلَّا الله؛ ولذلك: «سبق المفردون».

وأوضح أن السائح قد يكون هو ذلك الذاكر، الْمُفَرِّد، السابق، الذي لهج بذكر الله على كل حال، فلسانه لا يزال رطبًا بذكر الله، وأن السائح يطلق أيضًا على المنتقل في الأرض: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا}، لافتًا إلى أن النظر قد يكون في بديع خلق الله؛ حيث إن الأرض مليئةٌ ببديع خلق الله، وعجيب خلق الله، في البر والبحر.
فالسائح هو الذي يسير في الأرض.

وأكد أنه عندما جاء مفهوم الزيارات التي تتم في عصرنا الحديث، أسموا مَنْ يقوم بها بالسايح، من هذا المعنى، وهو السير في الأرض.

وأردف مفتي الجمهورية السابق أن الغرض من السياحة في الإسلام ؛ أمران:
أولًا: التدبر في مُلْكِ الله، فيما كان في الأرض.
وثانيًا: أخذُ العبرة.

وأكمل: لابد أن نسيح، أن ننظر، أن نفكر، أن نجمع المعلومات، ثم نأخذ العبر؛ إما أن يكون ذلك من التاريخ، وما حدث في هذا المكان، وإما أن يكون ذلك من التأمل والتدبر في أحوال الأمم والشعوب، وفي تجاربهم، وفيما مَنَّ الله عليه بهم من معلومات.

واستطرد أن السائح يجوز أن يطلق على الاثنين، ويجوز أن يجمع بينهما، فهو ذاكرٌ لله، وهو دائم الذكر، وهو أيضًا يتنقل في الأرض؛ ليتدبر خلق الله، وهو أيضًا يتنقل في الأرض؛ ليعرف عواقب الأمور، كما هو حدث في التاريخ، وهو أيضًا يتقلب في الأرض؛ ليتعلم من الأمم، حيث مَنَّ الله على هذه الأمم بالعلوم.

واسترسل أن الحكمة -كما قالوا- ضالة المؤمن أينما وجدها، فهو أحق بها، وأن كل هذا في كلمةٍ واحدة، فأصبحت السياحة منهج، يشتمل على هؤلاء الذاكرين، وعلى هؤلاء المسافرين، وعلى هؤلاء المفكرين، وعلى هؤلاء المتعلمين، وعلى هؤلاء الذين يقطعون الأرض، ويتدبرون فيتأملون.