الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر عاقيل يكتب: إفلاس أخلاقي

صدى البلد

في تبسيط لمسألة انضباط اللاعب المغربي في البطولة الوطنية، يمكن القول أن الأمر له أضلاع ثلاثة: النادي، واللاعب، والجمهور، النادي جهة تعاقد، واللاعب موظف، والجمهور جهة مستفيدة.
إذ لا يحق للنادي التعاقد مع اللاعب إلا بشروط الكفاءة والقدرة على تنفيذ المهمة والمساهمة في تحقيق الأهداف، ولا يجوز للاعب التقصير في العمل أو الإخلال بشروط وبنود العقد الذي يجمعه بالنادي، فيما هناك حد أدنى لا يمكن للنادي التنازل عنه، وهو التزام اللاعب التام بالبرنامج الفني، وما تنظمه اللوائح الداخلية المستندة على العقد المتفق عليه، وتتضمن حقوق اللاعب وواجباته على النادي، فيما يبقى الحكم على ناتج العطاء مرهونا بعوامل تتوزع بين اللاعب وأطراف أخرى تتحمل المسؤولية بنسب متفاوتة ومتغيرة، والحكم فيها للتقدير والقراءة الفنية.
قصة انضباط اللاعب المحلي دائما ما تتقاطع مع موهبته الفنية وقيمته الكروية المهارية والجماهيرية، هذا واقع لا مفر منه، وبالتالي فإن محاولة ثنيه أو ردعه عن ارتكاب المخالفات الواجب عليه تفاديها لتطبيق النظام إذا ما كان نجما شعبويا، تثير حفيظة الغالبية من جماهير النادي، ولا تلقى القبول من طرف أعضاء المكتب المسير، وهذا ما يحدث انقلابا في كيفية ضبط وانضباط والعدل بين اللاعبين، ما يتنافى مع مصلحة النادي في ضرورة الإحتفاط بانضباط المجموعة .. فكيف يكون ذلك؟
ذلك يحدث حتى في الأندية الأوروبية الأكثر قدرة في تطبيق الأنظمة، وإن كان في حالات قليلة، لكنه يبرهن على سطوة النجم وتأثير الجماهير على إتخاذ القرار، إنما ما يهمنا هو اللاعب المغربي ودرجة انضباطه في حدها المقبول، ودور العناصر الثلاثة، النادي واللاعب والجمهور، في تحقيق تلك المعادلة بصفتها رغبة حقيقية يشتركون في إرسائها بحيث تكون المخالفات بعدئذ حدثا طارئا ومن لاعبين محدودين جدا وفي ظروف يمكن تفهمها، لا أن تكون أمرا اعتياديا نقره ممارسة وإن أنكرناه بالقول.
لا بد من تعزيز قيمة اﻹنضباط من خلال تفعيل تطبيق أدق وأصغر برامج التحضيرات، مثل تلك المتعلقة بما يعتقد اللاعب خطأ أنها تتعلق بحياته الخاصة فيما هي ذات تأثير على أداء واجبه الوظيفي وما يمكن أن ينعكس سلبا على أداء المجموعة، وهو ما يبعده عن استثمار قدراته المتمثلة في حضوره الذهني والبدني بأعلى درجاتهما مع النادي، وأن طاقته وموهبته ونجوميته ووقته وإمكاناته مسخره لصالح النادي وعلى ذلك تم التعاقد معه، وفي المقابل على النادي الوفاء بما عليه من التزامات مالية اتجاه اللاعب بدرجة اﻹنضباطية نفسها، ما من شأنه أن يعزز بينهما العلاقة والقناعة أيضا.
لا يمكن فهم أو تفسير ما يقوم به لاعب محترف يتقاضى أجرا شهريا بملايين الدراهم، من مخالفات قد تتسبب في أن ينتهي به الأمر لأن يتحول إلى لاعب غير مرغوب فيه من قبل الجماهير، إلا أننا أيضا ومع استشراء ذلك، سنقامر بمصالح الأندية، مما يعني أن الإصلاح مسؤوليته أكثر على القائمين بشؤون الأندية واﻹحتراف في جامعة الكرة، بل كيف يمكن أن نضمن لهذا اللاعب استيعاب النظام الداخلي للفريق واحتواءه دون أن نغفل جانب أن اللاعب يقوم بنشاط إبداعي تتأثر درجته بطبيعة التعاطي معه، لكن دون التنازل عن الحد الأدنى من اﻹنضباط وهو الإلتزام بالقوانين الداخلية، هذا لا يتحقق في أنديتنا دون أن يكون له ما يبرره.
حالة الفوضى وغياب أسس اﻹنضباط والإلتزام في الرجاء، صورة مكبرة لنزوات بعض اللاعيين تظهر الخلل الذي يبدو ويتضح أنه في التراكمات الحقيقية التي يعيشها النادي اختلت فيها موازين اﻹنضباط، وما تحقق خلال مباراة الرجاء أمام الجيش جاءت لتوضح الخلل في الادارة، والتأكيد على أن مثل تلك الصورة السيئة التي ظهرت وتجلت أمام الجميع، لا يمكن أن تكون الحدث المفاجيء، أو القيمة الحالية للنادي، في عهد ادارته الحالية اﻹنتقالية، وبعد اعتبار أن مثل تلك المشاهد لا يمكن أن تظهر بمثل تلك الفداحة، مالم يشعر اللاعب بقيمة فريقه، أنه لم يعد مكترثا، بما يمكن أن يلحق بنتائج فريقه، أو حتى الأبعاد والخسارة لقيمة كبيرة على مستقبل النادي، يتوجب أن يعيها اللاعب جيدا، لحظة ما يكون معنيا بالتشرف وارتداء قميص الفريق، مثلما هو الحدث والفوضى التي شارك فيها بعض اللاعبين، وأكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن الرجاء إذا ما أراد الإستمرار في تنقية محيطه الأخلاقي سيحتاج إلى غربلة شاملة، وإعادة هيكلة، لتنقية أجوائه، من المسببات الحقيقية للفوضى، وبعد الإيمان أن الصورة الأخيرة من السهل أن تتكرر وتستفحل في مختلف الأندية، مالم يجد المسببين لها، ردعا دقيقا، يعلمون فيه ويتعلمون جيدا، كيف هي القيمة الحقيقية للنادي.