الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أحمد موافي يكتب: أوقفوا التنمر.. العلاج النفسي شجاعة وليس وصمة

صدى البلد

بالرغم من التطور الهائل الذي حققته البشرية في كافة مناحي الحياة، والدعوات المستمرة لتقبل الآخر واحترام الاختلاف بين الناس، إلا أن مجتمعات كثيرة لاتزال تتعامل مع المرض النفسي باعتباره وصمة اجتماعية وتخشي من زيارة الطبيب النفسي خشية الانتقاد الاجتماعي، وحالة التنمر، و"وصمة العار" التي يلحقها المجتمع بالمرضى.
في البداية، نود أن نعرف المرض النفسي، بأنه مجموعة واسعة من أمراض الصحة النفسية أو الاختلال العقلي التي تؤثر بشكل أساسي على تفكيرك وسلوكك وحالتك المزاجية، وتسبب أعراض مثل القلق والاضطراب والحزن وقد تصل في بعض الحالات للوسواس والاكتئاب أو إيذاء النفس بشكل غير واعي، بمعنى أن الشخص قد يلجأ لتصرفات لا إرادية لإيذاء نفسه أو محيطه الاجتماعي نتيجة الاضطراب النفسي. 
لذلك فإن المرض النفسي الذي يعاني منه الشخص، مثله مثل المرض العضوي، حالة الاكتئاب مثل الانفلونزا أو قرحة المعدة، هو مرض له أسباب وله طرق علاج، وليس وصمة عار أو مدعاة للتنمر والسخرية، وهى أيضا ابتلاء يستوجب الدعم والمساندة من جانب الأهل والأصدقاء وليس العكس. 
وهناك اضطرابات نفسية قد يولد الشخص بها لا تتعلق بالبيئة المحيطة، مثل مرض فرط الحركة واضطراب السلوك على سبيل المثال، لكن التعامل السيء من جانب الأسرة مع هذه الأمراض يؤدي لنتائج كارثية، لذلك فإن التوعية الأسرية خاصة عند ولادة الطفل الأول أهمية قصوى لتجنب تشويه شخصية الطفل بتصرفات الأهل التي تبدو حرصاً عليه وحبا فيه لكنها في الحقيقة مدمرة. 
وبالتأكيد أنه على مدار السنوات الماضية تغيرت نظرة المجتمع كثيرا عن المرض النفسي، وباتت زيارة الطبيب أمراً أسهل بكثير عن الماضي، خاصة أن بعض الأشخاص كانوا حريصون على مشاركة تجاربهم في العلاج مع الناس سواء بالكتابة عنها أو مشاركتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولاشك أن ذلك ساعد الكثير من الأشخاص على الاقتداء بهم في زيارة الطبيب وتلقي العلاج المناسب لحالتهم بعيداً عن عادات المجتمع السيئة بهذا الصدد. 
ومن الضروري جداً الانتباه إلى أن السلوك الاجتماعي تجاه المرض قد يشكل أزمة مركبة تؤدي إلى مضاعفات حالته، خاصة إذا لامته أسرته على المرض، مما يؤثر عليه ويجعله يشعر بالذنب، وخاصة أن هناك الكثير من الحالات تدهورت صحتها النفسية وأقبلت على الانتحار بسبب اللوم الذي تم توجيهه لها من العائلة والأصدقاء على سلوكه المضطرب. 
وتنقسم وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي أو  الـ Mental Health Stigma إلى قسمين رئيسيين: وصمة العار الاجتماعية: ويقصد بها جميع السلوكيات المتحيّزة والتصرّفات العنصرية الموجّهة ضدّ الأشخاص الذين يعانون من المشاكل النفسية أيًّا كانت درجتها أو نوعها. 
وصمة العار الشخصية: وهي ما يشعر به الشخص المصاب الذي يعاني من اضطرابات نفسية اتجاه مرضه أو مشكلته النفسية. حيث تؤثر هذه الوصمة بشكل كبير على مشاعر الشخص من حرج وخوف، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع النتائج المرجوّة من العلاج.
ونتمنى أن تشهد الفترة المقبلة تعريف أكثر بطبيعة الأمراض النفسية، ومدى خطورتها وأهمية زيارة الطبيب إذا استدعى الأمر ذلك، وأن يكون لدى الأمهات تحديداً القدر الأدني من الثقافة النفسية للتعامل مع الاضطرابات التي تصيب الأطفال ولا تكون سببا في ازدياد الوضع سوءا.