تشارك مصر العالم الاحتفال بيوم البيئة العالمي 2021، والذى يقام هذا العام تحت شعار "استعادة النظام البيئي من أجل الطبيعة" من خلال تنظيم عدد من الأحداث والفعاليات المتنوعة على مستوى الجمهورية للتوعية بأهمية الطبيعة وتنوعها البيولوجى للإنسان ودور الفرد والمجتمع في المشاركة في حماية هذه الثروات الطبيعية والحفاظ عليها.
ويعد يوم البيئة العالمي هو المناسبة البيئية الرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة وللعالم أجمع، ويتم الاحتفال به في 5 من يونيو من كل عام، حيث يوافق هذا اليوم بدء فعاليات المؤتمر الأول للبيئة عام 1972 والمعروف بمؤتمر ستوكهولم، والذى أقيم تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف صياغة رؤية أساسية مشتركة حول كيفية مواجهة تحدي الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها.
وبدأت دول العالم مؤخراً في التوجه إلى ما يعرف بـ "الاقتصاد الأخضر" كاستراتيجية جديدة لتقليل المخاطر البيئية المرتبطة بالاقتصاد، حيث يعمل الاقتصاد الأخضر على تحقيق التنمية المستدامة دون أن تؤدي تلك التنمية إلى حالة من التدهور البيئي، وقد بدأت مصر في التوجه نحو الاهتمام بهذا النوع من الاقتصاد كأحد السبل الهامة والرئيسية في خطط التنمية الشاملة التي تجرى على أرض الوطن.
واتخذت مصر ممثلة في وزارة التعاون الدولي، العديد من الخطوات، لتدعيم ريادتها في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر، حيث وضعت استراتيجية طموحة للطاقة المستدامة، ووافقت الحكومة المصرية على تنفيذ 691 مشروعًا صديقا للبيئة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والمياه والنقل.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، أن الوزارة تعمل على إبرام الاتفاقيات من خلال الشراكات الدولية لتمويل هذه التوجهات وتعزيز التحول الأخضر، وعلى سبيل المثال يعد مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية نموذجًا فريدًا للتعاون بين الأطراف ذات الصلة.
أكبر مزرعة للطاقة الشمسية
وقالت وزيرة التعاون الدولي إن الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية، ساهمت في تنفيذ أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في العالم تضم ستة ملايين لوحة شمسية على مساحة 36 كم2، ونفذته أكثر من 40 شركة من 12 دولة مختلفة، لتوليد 1500 ميجاوات من الطاقة، بما يعزز استراتيجية الطاقة المستدامة لمصر، ويعكس التزام الحكومة القوي بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وأضافت الدكتورة رانيا المشاط أنه في قطاع المياه أيضًا، وفرت وزارة التعاون الدولي التمويلات التنموية لتنفيذ محطة مياه المحسمة بمنطقة شبه جزيرة سيناء، والتي تعد من أكبر محطات معالجة مياه الصرف الزراعي في العالم، بما يمكن الدولة من ري 70 ألف فدان من الأراضي الزراعية من خلال مليون متر مكعب من المياه يوميًا، وتخلق آلاف فرص العمل وتعزز التنمية المجتمعية.
وأوضحت أن وزارة التعاون الدولي تسعى خلال العام الجاري لتحفيز مشاركة القطاع الخاص، في الجهود التنموية من خلال إبرام الشراكات الدولية مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، لا سيما من خلال زيادة الوعي ونشر أدوات التمويل الأخضر التي تشهد اهتمامًا كبيرًا من العديد من مؤسسات التمويل الدولية.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر يعد محورا رئيسيا من محاور التعافي، لضمان مستقبل أكثر مرونة واستدامة في مصر وجميع دول المنطقة، كما أنه يعيد خلق البيئة لتصبح أكثر استدامة وأقل تلوثًا، ويدفع الاقتصاد نحو المرونة التي تجعله يتحمل الصدمات الخارجية ويتأقلم مع المتغيرات.
ونوهت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن مصر أصدرت أول سندات خضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 750 مليون دولار، والتي تمول تنفيذ مشروعات صديقة للبيئة.
ولفتت وزيرة التعاون الدولي إلى أن مؤسسة التمويل الدولية ذكرت أن الوفاء بالتعهدات المناخية والتحول للاقتصاد الأخضر في دول مصر والأردن والمغرب يتطلب استثمارات ذكية بقيمة 265 مليار دولار حتى عام 2030، وهو ما يعني أن الفرص المتاحة في الدول الثلاث باستطاعتها جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات في المباني الخضراء والنقل والسيارات الكهربائية والطاقة المتجددة وإعادة تدوير المخلفات.
و أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن التعاون متعدد الأطراف، مع شركاء التنمية، يدعم استراتيجية الدولة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتستهدف الدولة خلال العام الجاري أن تلتزم 30% من مشروعات الخطة الاستثمارية بمعايير الاستدامة البيئية، كما اعتمدت الحكومة مؤخرًا معايير الاستدامة البيئية التي تعمل على التوسع في دمج البعد البيئي في منظومة التخطيط، لدعم استراتيجية التحول إلى الاقتصاد الأخضر في إطار رؤية مصر 2030.
يشار إلى أن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية اعتمد خلال أكتوبر الماضي، استراتيجية 2021-2025، حيث يسعى البنك من خلالها للتحول لبنك صديق للبيئة من خلال زيادة حصة التمويل الأخضر إلى 50% من إجمالي تمويلاته على الأقل بحلول 2025، وذلك لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مناطق عملياته بما يتراوح بين 25 –40 مليون طن خلال فترة الاستراتيجية، وزيادة التمويلات الموجهة للقطاع الخاص من إجمالي استثمارات البنك لأكثر من 75%.
وحصلت مصر على جائزتين من البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية خلال العام الجارى تقديرًا لجهودها في مجال الاستدامة، حيث فازت مصر بالجائزتين الفضية والبرونزية من الجوائز التى تمنحها دائرة البيئة والاستدامة بالبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية للمؤسسات والشركات التى قدمت مساهمات بارزة فى خمس مجالات هى، “الطاقة المستدامة” و”الصمود المناخى” و”الممارسات البيئية والاجتماعية والابتكار البيئى والاجتماعى” و”النوع الاجتماعى والتمكين الاقتصادى للمرأة” و”الشمول”.
وقال إريك بيرجلوف كبير الاقتصاديين لدى البنك الآسيوي للاستثمار، إن البنك يسعى خلال الفترة الحالية للمساهمة في العديد من المشروعات الاستثمارية في مصر، باعتبارها واحدة من أهم أسواق الاستثمار في الشرق الأوسط وأفريقيا، موضحًا أن التمويل الأخضر يتيح نهجًا جديدًا للعيش في المدن الحضرية من خلال إعطاء الأولوية لصحة ورفاهية المواطنين.