الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبير حلمي تكتب: هو غصب أم اغتصاب؟ أجيبوا

صدى البلد

 

هل الغصب من الاغتصاب أم الاغتصاب من الغصب، سؤال هام يطرح نفسه ولا تجاوب عليه إلا العقول الواعية، فهل عندما يغتصب المرء حقا ليس من حقوقه مدعياً أنه جاء بالغصب عنه، هل يعتبر ذلك عذر، أم تبريرا واهيا  وعذراً أقبح من ذنب اقترفه صاحبه، فكيف للإنسان أن يحلل لنفسه ما هو ليس من حقه، وكيف تقتني ما هو ليس من حلالك، وكأنه حق من حقوقك بقصد وعن عمد وتصرخ لتقول لمن يلومك أن ذلك الأمر كان "غصب عنى" .

هنا يجب أن نراجع أنفسنا ونسأل لماذا يلجأ المرء إلى الاغتصاب و استحلال الحرام، "فالحلال بيّن والحرام بيّن"، فكيف نسمح لأنفسنا بأن نقوم بأي فعل من أفعال الاغتصاب وكأننا لم نفعل شيء على الإطلاق، ولدينا أسبابنا وما نستند إليه من حجج وبراهين وكأن ما أخذنا بغير حق حلال لنا وحق من حقوقنا .

هل لا تزال مجتمعاتنا تعيش في ظل قانون الغابة، وهل ما سلب منا بالمكر والخداع لايرد إلا بالسلب والنهب أيضا، وهل سوف نظل نعيش هكذا "مجرماً يسرق مجرماً"، فإن كان أخوك معتدي وسلب حقك لا تفعل مثله، وتأتي على إرتكاب نفس الأفعال وتعوض ما أخذ منك بالغصب والاغتصاب بنفس الطريقة والوسيلة، وذات نفس المنطق .

يجب أن نعرف جميعاً لغة جديدة، هي لغة سيادة القانون، فعندما نجد أن أخ  يغتصب حق أخوه فى قطعة أرض على سبيل المثال، بحجة أنها من حقه وكانت قد سرقت منه من ذي قبل، بحيلة أو أخرى فأصبحت حق مغتصب، وبالحيلة والمكر والخداع أعادها وبنفس الطريقة التي عانا منها، ونجد أنه يبرر لنفسه من اقترف من ذنب حتى يخمد عذاب الضمير .

فهناك الكثير من المغتصبين الذين يستحلون المال العام وكذلك أموال ليست من حقهم ووسائل ذلك عديدة، هناك من يستحل الأموال الحرام من خلال عمله ويبرر لنفسه ذلك بالاحتياج، ويسوق لنفسه من الحجج الواهية ما يجعله يقتنع بأنه يستحق أن يحصل على أكثر مما يتحصل عليه بكثير، بل وينصب نفسه أنه سببا في نجاح هذا العمل ومصدر كل ذلك الخير الناتج عن هذا العمل،  مخادع لنفسه ومن حوله بأنه صاحب ذلك النتاج وأن ذلك من مجهوده الشخصي فقط دون وجود أى فضل لباقى شركاء النجاح والعمل، هكذا يجد الكثير من هؤلاء الأشخاص المبررات التي يقنعوا بها أنفسهم ليخمدوا أصوات الحق داخل نفوسهم وضمائرهم، وهم يظنون بأنهم قد نجحوا في خداع تلك الضمائر، ولكنهم أصبحوا بذلك مثل قاتلاً يستبيح القتل بحجة أخذ الثأر، وكأننا نحيا في مجتمع لا يحكمه القانون ولا تحكمه القواعد والأصول والأعراف، مجتمع لا يعترف بوجود المرجعية القانونية أو الدينية التى تحرم كل تلك الأفعال والتصرفات الخارجة عن تعاليم جميع الأديان السماوية، والتى تأمرنا بالمحبة والسلام تجاه الأخر، وتعلمنا محبة أخواتنا وجيراننا، وتحرم وتجرم سلب حقوق الآخرين وغواية عشق الحرام، فمن يقوم باغتصاب المال أو الذهب أو مقتنيات الآخرين وهو بكامل قواه العقلية، هو كمن يقوم باغتصاب الفتيات .

فعندما ننظر إلى تعريف الاغتصاب في علم اللغات، وتعريف مصطلح "غصب عني"، وهل يتوافق ذلك مع قاموس الحياة أم يتوافق مع قاموس الفهلوة، سوف نجد أن جميع القواميس واحدة وتحمل نفس المعنى والفهم وذلك تحت مسامع وإدراك الجميع فلا يختلف قانون العلم عن قانون المنطق، وبذلك فإن إدراك ووعي الإنسان ومعرفتة بالأشياء والبحث عن أصل معانيها، لابد وأن يكون من خلال طريق العلم والتعلم، ولا يجب أن يكون نابعا عن علم البلطجة والفهلوة، ومن باب مبدأ أن أخذ الحق حرفة وشطارة إلى آخره من الأف الألفاظ والتبريرات التي تستخدم لكي يؤكد المرء لنفسه أنه على حق وهو على باطل، ويأخذه ذلك فى نهاية المطاف للسقوط إلى الهاوية وما أبشع تلك النهاية .

فالعلم وفروعه تأخذنا إلى الصواب دائما والطريق الصحيح، وكيفية إنزال العقاب ويبين لنا أيضاً الفرق بين كل ما هو ملتبس علينا من حلال وحرام ويصل بنا إلى بر الأمان، ولكن تبقى مع كل ذلك عمليات الاغتصاب
التى يتعرض لها أى الإنسان واقعة تحت طائلة القانون، حتى وإن أدعى أنه ارتكب ذلك غصباً عنه ودون إرادته كما يقدم أى جانى مبررات لارتكابه جريمته، فالقانون يبرئ المجرم ويعتمد القاعدة القانونية الشهيرة التى تقول إن "المتهم برئ حتى تثبت إدانته"، وذلك مع السير فى التحقيقات، فإذا لزم الأمر يتم الكشف الطبي على مرتكب الجريمة لتقرير مدى أهلية المتهم ومدى سلامة قواه العقلية، وهل المتهم  يعي ويدرك كافة أفعاله وتصرفاته، أم أنه بالفعل شخص غير مسؤول عن تصرفاته وارتكاب هذه الأفعال غصباً عنه، كوأنه فاقد الأهلية والحس والإدراك والوعي، وكل ما ارتكبه لا يندرج تحت صفات الانحلال الأخلاقي وسوء التربية والنشأة الغير صحيحة، وأن جميع ما يقدم عليه نتاج ظروف نشأ بها جعلته مجرماً ويقبل ما لا يحل له، ويظل سؤال هام هل احتياج الإنسان يجعل منه مجرما بالفعل، والإجابة بلا فهناك أكثر البشر فقرًا هم أكثرهم شرفًا واغناهم خلقًا، لذا هنا يجب أن يقال له ما قيل من قبل لهيرودس الملك "لا يحل لك"، وكان سبب قطع رأس "يوحنا الحبيب" عندما أعترض قرار الملك ولم يوافق بزواجه من إمرأة أخيه، وقال له "لا تحل لك"، وبالفعل زوجة الأخ في منزلة الأخت تماما فكيف تحل له، ولذلك كل ما هو ليس لك أو من حقك فهو اغتصاب ويعاقب عليه القانون، إلا في حالة فاقد الأهلية بالفعل، وهنا يوضع هؤلاء الأشخاص بمستشفيات الأمراض العقليه للتحفظ عليهم، حيث أنهم أصبحوا خطر على أنفسهم وعلى المجتمع ويجب متابعتهم جيداً، ويتحقق من ذلك طبياً بخضوعهم للكشف الطبي والفحوصات الكاملة، فلا مهرب الأن من عدالة الأرض بسيادة القانون، كمثل عدالة السماء بسيادة الإلهية، لمنْ خلق الإنسان على صورته لكي يتمثل به في المحبة وتعمير الأرض بالخير، فالله هو صانع السلام د، وكيف تكون المحبة مع فعل الاغتصاب مهما كانت المبررات، كيف يتذوق الإنسان معنى الراحة وهو يمتلك ما لا يحل له، كيف يعتدى على فتاة بالإكراه، هل نحن وحوش وتتحكم فينا وتحكمنا غرائزنا أين انسانيّتك يا إنسان؟!، تطلب العفو والسماح وأنت لم تعفو عن طفلة بريئه في عمر الزهور وتغتصب حقها في الحياة بشكل أو أخر، ولا تدعها تحيا بسلام وأمان، باغتصاب براءة الطفولة وبراءة الضحكة وبراءة النوايا الحسنة، علك تدرك أن من يقتل البراءة ويدمر النفس ويحكم عليها بحياة الرعب والخوف من كل شيء ونظرتها الأولى والأخيرة، يصبح هو حامل شعار أننا في غابه والجميع ذئاب ولسنا بشر، فكلمة "غصب عني" ليس لها محل من الإعراب يا سادة .

وأترك لكم الإجابة على السؤال؟ هل الغصب من الاغتصاب أم الاغتصاب من الغصب؟  
سؤال لمنْ لهم الوعي والفهم والإدراك، أنقذوا البراءة بأحكام رادعة لمثل هؤلاء الذئاب الذين استحلوا حقوق الغير بلا خوفاً، من رب ولا قانون ولا رادع لهم يوقف غصب واغتصاب حق العباد .