الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بلاغة القرآن.. الفرق بين طوعت له نفسه وسولت له نفسه

 الفرق بين طوعت له
الفرق بين طوعت له نفسه و سولت له نفسه

ما الفرق بين «طوعت له نفسه»، وبين «سولت له نفسه» في الاستخدام القرآني؟ القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة، وهو أحسن الحديث، وهو في أعلى درجة من الفصاحة، وأرفع رتبة في البلاغة، وفصاحة القرآن وجه من وجوه إعجازه، ولفصاحته العالية، وبلاغته الرفيعة: قال الوليد بن المغيرة لما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُ حَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً».

 

«سولت له نفسه»
ذكر العلماء بعض الفروق بين «طوعت له نفسه»، وبين «سولت له نفسه»

1 - سولت معناها زينت له، يقال سولت له نفسه أي زينت له الأمر، التسويل لا يحتاج إلى جهد أو مشقة . 
2 - طوّعت أشد.... فالحديد يحتاج إلى تطويع أي يحتاج إلى جهد حتى تطوعه، تريد أن تطوع وحشاً من الوحوش تحتاج لوقت حتى تجعله يطيعك، فيها جهد ومبالغة في التطويع حتى تروضه وتذلله، المعادن تطويعها يحتاج إلى جهد وكذلك الوحوش والطيور تطويعها يحتاج إلى جهد وبذل.
3 -  لذا ابني آدم قال (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) كان يفكر هل يمكن أن يقدم على قتل أخيه فاحتاج وقتاً لترويض نفسه ليفعل هذا الفعل وهو ليس كأي تسويل أو تزيين بسهولة تفعل الشيء وأنت مرتاح. 
4 - قال تعالى عن السامري «وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي».. في قصة السامري جاءت «سولت» لتعبر عن السهولة، فالأمر هنا أسهل من أن يقتل الواحد أخاه. 
5 - لا يجوز في القرآن أن تأتي طوعت مكان سولت أو العكس، سوّل وطوع بمعنى واحد لكن طوّع فيها شدّة.

 

الفرق بين كلمتي حُسْناً وإِحْسَاناً
 

قال الدكتور محمد داود، المفكر الإسلامي الأستاذ بجامعة قناة السويس، إن القرآن الكريم كتاب أُحكِمت آياته، فكل حركة وحرف وكلمة وآية وسورة إنما هي متصلة بالحِكم الربانية التي يعرف منها المقصود من هذا الكلام أو الحرف أو الحركة.

وأضاف «داود» خلال تقديمه برنامج «روائع البيان القرآني» على «صدى البلد»، أنه مِن اللافت  للانتباه أن آيات القرآن الكريم حينما عبرت عن الإحسان للوالدين قالت: «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً» تكررت كثيرًا في القرآن الكريم إلا في موضع واحد، يقول الله عز وجل «وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً» (العنكبوت : 8)، ولم يقل إِحْسَاناً، فهل بينهما فرق؟.

وأجاب قائلاً: «نعم كل السياقات التي ورد فيها قول الله -عز وجل- «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»، إنما كانت سياقات تُعبر عن أهل الإيمان، ويُبين الله عز وجل الإحسان الذي ينبغي أن يكون بالوالدين، فجاء التعبير على هذا النحو «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً».

وتابع: «مقارنة بسورة العنكبوت لم يكن الأمر يَخُص أهل الإيمان، وإنما كان الحديث عن الشرك والإشراك بالله تعالى، فموقع الإحسان بالوالدين هنا حين يكون الولد على الإيمان والأب والأم مشركين، فأحب القرآن الكريم أن يبين أنه ينبغي أن يكون الإحسان بالوالدين هنا، لكنه ليس في منزلة الإحسان للوالدين المؤمنين، فعبر  بقوله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً».

وأوضح: «لو نظرت إلى كلمة «حُسْناً وإِحْسَاناً» فيها زيادة في عدد الحروف، وهذا الزيادة يوافقها زيادة في المعنى، فأنت تحسن للزيادة للوالدين على كل حال، لكن في حال الإيمان ينبغي أن يزداد هذا الإحسان، ولذلك عبر القرآن في سياق الإيمان والسياق التكليفي للمؤمنين فقال تعالى: «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»، أما في سياق أهل الشرك فلا ينقطع الإحسان عنهما ولكن عبر عنه بدرجة أقل فقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً»

وأوضح: «هناك ملمح آخر، وهو نحن نقول في التعبير، حين  نعبر عن الإحسان للوالدين نقول الإحسان إلى الوالدين، فالقرآن الكريم لم يعبر بذلك أبداً ولكن قال «وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»، «وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً» فهل بينهما فرق؟

 

واستطرد: نعم، فحرف -إلى- يفيد انتهاء الغاية، يعني بينهما مسافة أو فاصل، لكن حرف -الباء- تفيد الالصاق، والله عز وجل، يريد أن ينبهننا إلى أن الإحسان ليس إلى الوالدين وإنما بالوالدين، أي الإحسان لصيق بالوالدين فلا ينفصل في أي لحظة عن الوالدين، بل هو مستمر مُتجدد في كل حال وزمن مهما تغيرت الظروف، إحسان لا ينقطع أبداً، لاصيق بالوالدين في كل حال، فعبر الله سبحانه «بالباء» في قوله تعالى «وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً» فهل بينهما فرق؟.

 

وأردف: «أما الجملة التي تعودنا عليها بـن نقول الإحسان إلى الوالدين، فمعناها أن الإحسان بينه وبين الوالدين مسافة قد يصل وقد يتحقق وقد لا يتحقق وقد ينقطع أحيانًا».