في أفغانستان، تحولت البلاد بين عشية وضحاها إلى فوضى لا تنبئ بخير، فجميع من كانت لهم سلطات في حكم البلاد فروا خارجهاـ تاركين زمام الأمور ومقاليد البلاد لعناصر حركة طالبان.
طالبان، تلك الحركة التي طاردتها أمريكا عقب أحداث 11 سبتمبر المأساوية، ودفعتها للاختباء بين سفوح الجبال وأوكار ما تحت الرماد، عادت اليوم لتعتلي كرسي الرئاسة في بلد ذاق شعبها الأمرين بين حربٍ لا ناقة له فيها ولا جمل.
كيف استولت طالبان على كرسي الحكم ؟
لم تنجح أمريكا - قبل انسحابها من أفغانستان - من تقوية الجبهة الداخلية للحكومة التي اُسقطت في غضون أقل من أسبوع وانسحبت من مواقعها لتمكن عناصر الحركة من احتلال العاصمة كابول.

في ذلك الوقت فرّ الرئيس الأفغاني، أشرف غني من البلاد، وسارعت أمريكا لإجلاء رعاياها تاركة البلد في فوضى عارمة مكثت 20 عامًا لتفاديها، وأنفقت في سبيل ذلك 2 تريليون دولار.
خوف وترقب وحيرة وسخرية
الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام من أفغانستان تناولها العالم بمزيد من الترقب والحيرة والسخرية والخوف من تغوّل الجماعة المتطرفة وتأثيرها على دول الشرق الأوسط أو العالم ككل.
ومن تلك الصور ما تم تداوله من مشاهد لاحتلال عناصر طالبان لأحد قصور قادة الجيش الأفغاني بعد هروبه، حيث انتشر عناصر طالبان بالقصر وأقاموا وليمة احتفالًا بدخولهم كابول.
ومنها ما تم نشره من صور جماعية لقادة طالبان يلتفون حول المكتب الرئاسي بقصر الحكم في البلاد مدججين بالسلاح ومعلنين للعالم سيطرتهم الكاملة على البلاد.
أما الصورة الأكثر تداولًا كانت لمراسلة قناة سي إن إن الأمريكية التي اضطرت لارتداء الحجاب أمام عناصر طالبان لتتمكن من نقل الأحداث امتثالًا لأوامرهم.
ومن المشاهد التي أثارت سخرية الكثيرين ما تم تداوله من أحد الفيديوهات لعناصر طالبان يعبثون بالأجهزة الخاصة بالجيم في القصر الرئاسي الأفغاني.

مشهد اقتلع قلوب العالم
في أفغانستان أضحى الموت قريبًا من كل من يخالف شريعة طالبان، الفزع اقتلع القلوب، والخوف بلغ الحناجر، وضاقت البلاد على شعبها.
لم يكن هناك منفذًا للهروب من كابوس طالبان سوى بالفرار خارج البلاد، وطريق المطار كان السبيل إلى ذلك.
الآلاف هرعوا إلى مطار كابول، وفي مشهد لم يحتويه سيناريو درامي أو مشهد سينمائي من قبل، تعلق المئات بجسم الطائرات الأمريكية المقلعة من مطار كابول هربًا من الموت، إلى موت محقق آخر.
العالم استشاط غضبًا واستنكر هذه الأحداث، ووقف مضجرًا أمام تلك اللحظات التي أظهرت عددا ممن تعلقو بأحد الطائرات يسقطون أشلاءً على الأرض بعد إقلاع الطائرة وتعرضهم لحركة مروحية المحرك.
ولا زال المشهد في أفغانستان يعج بالعبثية التي تهدد العالم أجمع، ويستلزم موفف دولي عاجل وموحد من تلك الأحداث.