الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اليوم العالمي للفلاح.. هل ظلمته السينما المصرية أم أنصفته؟!

صدى البلد

حل اليوم عيد الفلاح الذي نسيناه، وبالتحديد في التاسع من سبتمبر، ورغم أن مهنة الفلاحة تعد من أقدم المهن التي مارسها المصريون، وبرعوا فيها، ورغم أن الفلاحين هم الذين يستحوذون على العدد الأكبر من سكان مصر على مر التاريخ، إلا أن حظ الفلاح في السينما المصرية شحيح بشكل غريب، لكن ستظل هناك علامات سينمائية تناولت الفلاح وقضاياه على الشاشة الفضية بامتداد القرن العشرين، رغم قلتها، لندرك كيف لم تتعامل السينما مع الفلاح بما يليق بدوره المحوري في إطعام الملايين على مر العصور.

أول فيلم صامت عن الفلاح 

لعل فيلم "زينب" الصامت الذي عرض عام 1930 هو أول فيلم تدور أحداثه كلها تقريبًا في الريف المصري، ورغم أن الفيلم مفقود حاليًا، لكن من حسن الحظ أن مخرج الفيلم محمد كريم أعاد تقديمه مرة أخرى عام 1952 بعد أن نطقت السينما، وأغلب الظن أنه لم يغير كثيرًا في أحداثه، والفيلم مأخوذ عن أول رواية مصرية وعربية وهي رواية "زينب" التي كتبها محمد حسين هيكل باشا وصدرت سنة 1914.
يعد فيلم "لاشين" عام 1938 للمخرج الألماني فيريتز كرامب من الأفلام المهمة التي تناولت حياة الفلاحين المصريين والضيم الذي يلحق بهم، حيث تدور الأحداث في القرن الثاني عشر الميلادي.

في عام 1939 عرض فيلم "العودة إلى الريف" للمخرج أحمد كامل مرسي، ولعب بطولته محمود ذوالفقار ومطربة العواطف ملك، وهو الفيلم الوحيد الذي مثلته، وللأسف فهذا الفيلم مفقود أيضا، لكن واضح من اسمه أنه يتناول قضايا الفلاح، لكن المفارقة أن هناك فيلمًا عراقيًا يحمل الاسم نفسه عرض عام 1963 للمخرج العراقي فالح الزيدي!


لم ينس الموسيقار الأعظم محمد عبد الوهاب نصيبه في إطراء الريف من خلال مشاهد قليلة في نهاية فيلمه "يوم سعيد 1940"، حيث تشدو أسمهان من ألحانه أغنية "محلاها عيشة الفلاح"، بينما يستعرض يوسف وهبي لقطات مهمة عن أجواء الريف في فيلمه "ليلى بنت الريف" عام 1941 مع ليلى مراد، ويواصل يوسف وهبي اهتمامه بالفلاحين فيلعب بطولة فيلم "عاصفة على الريف 1941" للمخرج أحمد بدرخان، وهو مفقود أيضا.

سي عمر وتألق نجيب الريحاني

يرى الكاتب والروائي ناصر عراق، أن نجيب الريحاني قدم مشاهد جميلة عن الريف وفساد ناظر العزبة في "سي عمر" عام 1941، ويعاود عبد الوهاب الإطلال على الفلاحين في فيلمه الكوميدي اللطيف "ممنوع الحب" عام 1942، ثم قدم المخرج عبد الفتاح حسن فيلم "أرض النيل" عام 1946، الذي شارك فيه أنور وجدي وعقيلة راتب وجورج أبيض، وهو مفقود أيضا، ثم عاد المخرج نفسه لينجز فيلم "ابن الفلاح" عام 1948 لمحمد الكحلاوي وتحية كاريوكا.

بعد ثورة يوليو 1952 اهتم السينمائيون إلى حد ما بالفلاح المصري ومشكلاته مع الأرض الزراعية وظلم كبار الملاك أو المؤسسات الزراعية الحكومية، وفقا لتوجه الزعيم جمال عبد الناصر، فشاهدنا أفلامًا مثل "ابن النيل"، عام 1951، و"في سبيل الحب" عام 1954، و"الحرام" عام 1965، و"يوميات نائب في الأرياف"، و"الزوجة الثانية" عام 1967 مع السندريلا سعاد حسني، و"الأرض" عام 1970 و"مراهقة من الأرياف" وغيرها، ومع ذلك يظل عدد الأفلام التي استعرضت قضايا الريف ومشكلات الفلاح قليلة بالقياس إلى الأفلام التي تبحر في عظام المدينة، والتفسير سهل، إذ إن دور السينما كلها موجودة في المدن، ومعظمها في القاهرة والإسكندرية، كما أن مرتادي السينما من أهل المدن أيضا، وبالتالي يغدو الاهتمام بمشكلات الناس في المدينة هي التي تضمن إقبال الجمهور، فتروج الصناعة وتتراكم الأرباح.

السينما تسخر من الفلاح

تبقى ملاحظة مهمة، وهي أن السينما اعتمدت بشكل عام منطق السخرية من الفلاح المصري وسذاجته وثيابه وأسلوب كلامه ولهجته، وهو أمر محزن لا ريب، لذا ايحب أن يعيد صناع السينما الاعتبار للفلاح على الشاشة، وفي الحياة، خاصة أن فترة السبعينيات واتجاه الدولة إلى الانفتاح الاقتصادي، تم تهميش دور الفلاح عن عمد، ليكتفي بدور المهاجر الساذج الذي يصل إلى القاهرة لينبهر بما فيها، ويقع في مفارقات مضحكة، مثل فيلمي «المتسول» و«عنتر شايل سيفه» لأحمد السبعاوي سنة 1983، أو من خلال الفلاح الساذج الذي يتم تجنيده من خلال فيلم «البريء» لعاطف الطيب.


ابن النيل أهم أفلام الفلاح سينمائيا

شئ من الخوف
الأرض

يظل الفيلم الأهم عن حياة الفلاح في تلك الفترة هو فيلم «ابن النيل» الذي أخرجه يوسف شاهين عام 1951، الذي يستعرض قصة فلاح تمرد على أوضاعه وهاجر تاركاً القرية وانغمس في حياة العاصمة قبل أن يعود لينقذ زوجته التي تركها بعد أن خرج من السجن، كذلك «شيء من الخوف» لحسين كمال 1969، و«الأرض» ليوسف شاهين 1970.
وتشير التقارير الإحصائية إلى أن عدد الأفلام التي تناولت الفلاح والريف المصري بلغ على أفضل تقدير 2.4% من حجم الإنتاج السينمائي في تلك الفترة، في حين كانت الأفلام التي تناولت حياة الليل تشكل 35% من إجمالي عدد الأفلام.