الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معركة الوعي (4)

على الرغم من أن الثورة التكنولوجية الحديثة قد زادت من قوة وتأثير الإعلام بكل محتوياته وخاصة برامج وتطبيقات التواصل الاجتماعي على الرأي العام ، وخاصة بعد ازدياد عدد المتعاملين مع هذا النوع من التطبيقات وانتشار وزيادة عدد المتعاملين مع الانترنت من خلال الهواتف المحمولة ... إلا أن أغلب المواد الإعلامية المنشورة من خلال هذه الوسائل قد تكون مغلوطة وتؤثر سلبًا في الرأي العام دون أسانيد أو حقائق، وهذا ما يطلق عليه الشائعات المدمرة لمقدرات ومستهدفات الأوطان، وقد يتحول الأمر في العديد من الأحيان إلى استغلال التواجد الكثيف للمتعاملين مع برامج التواصل الاجتماعي وخاصة الشباب في تنفيذ بعض الأجندات العدائية أو ما يسمى تحديدًا بحروب الجيل الرابع والخامس والتي تعتمد في الأساس على الشائعات ونقل المعلومات المغلوطة واستغلال عدم المعرفة واليقين عند المتعاملين مع هذا النوع من الوسائل الإعلامية غير المؤمنة.

‎   ولا شك أن هذا النوع من الحروب أو ما يسمى 
‎باحتلال العقول بدلاً من احتلال الأوطان ، هو الأخطر والأقوى تأثيرًا لأنه يعتمد على تخريب العقول وهز الثقة بين الشباب وأوطانهم وجعلهم يخربون مقدراتهم بدون وعي ولا مسئولية مجتمعية ويهز العلاقة بين الشباب ووطنه ، والتي قد تتحول إلى العنف المسلح في بعض الأحيان ، حيث يتم استخدام هؤلاء الشباب لفرض حالة من عدم الاستقرار والإنفلات الأمني ، كما يتم تجنيدهم بطرق مختلفة ومن خلال التطبيقات المتنوعة لبرامج التواصل الاجتماعي .

‎  وتتحمل وسائل الإعلام المختلفة مسئولية كبيرة في مواجهة هذا الفكر المتطرف ، وهذا الكم الهائل من المعلومات المغلوطة ، في ظل ما تقوم به الجماعات المتطرفة وغيرها ، من محاولات للسيطرة على عقول الشباب ، ونشر الأفكار المتشددة عبر وسائل التواصل الحديثة ... فوسائل الإعلام التي تقتحم كل بيت والتي تخاطب أفراد الأسرة جميعًا تستطيع أن تقوم بدور بالغ الأهمية في نشر الوعي بقضايا ومشكلات المجتمع سواء كان من خلال ما تقدمه من مشكلات وقضايا مباشرة أو عن طريق البرامج التي تُبث فيها هذه المشكلات والقضايا بصورة غير مباشرة وهو الأغلب ... ولذلك فالأمر يتطلب من هذه الوسائل القيام بمواجهة إعلامية لتلك الجماعات ، بهدف تصحيح المفاهيم ونشر الوسطية والاعتدال ، ويتطلب أيضًا التصدي لهذا الخطر عن طريق وضع الخطط والبرامج المرئية والمسموعة والمقروءة القوية والمؤثرة مثل القنوات والمواقع الإعلامية ، فضلًا عن آلاف الحسابات التي تغذيها في مواقع التواصل الاجتماعي .

‎   ولكي تنجح وسائل الإعلام في هذا الأمر ، ينبغي أن تحرص تلك الوسائل على استضافة العلماء والمتخصصين في كافة المجالات ، لأن استضافة غير المتخصصين في البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وغيرها ، يؤدي إلى مزيد من التشتت والحيرة وتزييف الوعي لدى عامة الناس وخاصة الشباب .. لأن غير المتخصصين تصدر عنهم آراء مغلوطة وتنتشر تلك الآراء بشكل كبير وسريع في ظل وسائل التواصل الحديثة ، ومن ثم ينبغي للقائمين على أمر البرامج أن يختاروا العلماء والمختصين في العلوم الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية ... كذلك فإن مراعاة الواقع من ضمن الأدوار التي يجب أن يلعبها الإعلام بصفة عامة ، لأن بعض البرامج تطرح قضايا بعيدة عن الواقع واحتياجات الناس ، وكأنها تخاطب شعوب ومجتمعات أخرى ... ومن المهم التأكيد على أهمية أن يلعب الإعلام دورًا بارزًا في نشر الحقائق والوعي من خلال تعريف الشباب والمواطنين عامة بالانجازات على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، مثل إنشاء المدن الذكية ، وتنفيذ المشروعات التنموية الضخمة ، مشروعات الحماية الاجتماعية ، مشروع تطوير الريف المصري ، الطفرة الهائلة في مجالات الطرق والنقل والكباري ، وغيرها ، فضلًا عن تعريفهم بأهم التحديات والقضايا التي تواجه الدولة على المستويين الإقليمي والدولي مثل مشكلة سد النهضة ، وانتشار فيروس كورونا ... الخ ... هذا بخلاف أهمية تطوير وتثقيف العنصر البشري في المجال الاعلامي ، وتوفير التقنيات والأدوات الأخرى اللازمة لعملية التطوير في المنظومة الإعلامية ككل
‎  كما أن تحقيق وتنفيذ دور الاعلام في كل ما سبق ، يستدعي أيضًا تضافر جميع أجهزة الدولة بكل إمكانياتها للتصدي للشائعات الهدامة التي تؤثر بشكل مباشر على مقدرات الأوطان واستقرار الدول، فيجب وضع الخطط والاستراتيجيات الموحدة والهادفة التي توضح الصورة الصحيحة للمتعاملين مع وسائل التواصل الاجتماعي، كما يجب على أجهزة الدول الإفصاح بشكل شفاف على كافة المعلومات الاقتصادية والسياسية والقانونية مما يطلق عليه سياسة الشفافية، مما يقطع الطريق على وسائل الإعلام المغرضة والموجهة في النيل من مقدرات الشعوب والأوطان.
‎   وحتى نكون صادقين مع أنفسنا .. يجب أن نوضح أن الإعلام بكل أشكاله وأنواعه ما زال في حاجة إلى العديد من جهود التطوير والتحديث ليواكب التغييرات المتسارعة في التكنولوجيا العالمية وليتماشى مع التحديات المستجدة سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، كما أن مجتمعاتنا العربية بشكل عام والمجتمع المصري بشكل خاص يجب عليها التركيز على الإعلام الهادف البناء الذي يستطيع أن يستوعب جميع وسائل الإعلام الموجه ضده ويرد عليها بالأساليب والأسانيد العلمية متبعًا في ذلك كافة الوسائل الحديثة والمبتكرة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط