الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف احتفى الأزهر الشريف باليوم العالمي للمعلم

شيخ الأزهر الشريف
شيخ الأزهر الشريف

اليوم العالمي للمعلم.. ذكرى اتفق العالم على الاحتفاء بها في 5 أكتوبر من كل عام، كتاريخ حددته الیونسكو منذ عام ١٩٩٤ للاحتفال بالمعلم، تقديراً لمكانة التعليم والقائمين عليه، وهو الأمر الذي حرص الأزهر الشريف من خلال رسائل عديدة على مدار اليوم يرصدها "صدى البلد" من خلال التقرير التالي:

 

الأساس الأول في تقدم المجتمعات

قال فضيلة الإمام الإكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف: "آن الأوان لكي تعيد المؤسسات العلمية الدولية الكبرى نظرها في الاهتمام بقضية التعليم، وإدارة حوار جاد حول التحديات التي تواجهه، وتواجه المعلم معا في عالمنا اليوم، فهذا المحور ينبني عليه، وعليه وحده، تقدم الدول ورقيها وإنسانيتها".

 

وطالب فضيلته لجنة التوافق العالمي بشأن التعليم، خلال كلمته في قمة قادة الأديان بشأن التعليم، والتي تعقد بالتزامن مع يوم المعلم العالمي بالفاتيكان، بضرورة الاهتمام ب"المناهج التعليمية"، مؤكدا أنه من المحزن أن نرى هذه المناهج وقد بدأت تتآكل في الآونة الأخيرة وتتفكك تحت حداثة مفتوحة وحرية بلا سقف ولا كوابح، وهي التي تتولى تشكيل عقول الشباب، ومعارفهم وأذواقهم وأنماط سلوكهم وتصرفاتهم، مصرحا: "إننا كممثلين للأديان لا نستشعر الخطر من قبل المعلم بقدر ما نستشعره من المناهج التعلمية التي اختارت عن عمد، أن تمشي على ساق واحدة، حين استبدلت الإنسان بالإله، والمادة بالروح، فهذه المناهج قد اكتسبها «المعلمون» تحت تأثير فلسفات مادية وفيزيقية خالصة، طال عليها الزمن، حتى استبدت بالسيطرة على مفاصل العقل الإنساني وشعوره وحواسه، وشلت قدرته على التفكير خارج أطرها الحداثية أو التغريد خارج سربها".

 

وكشف شيخ الأزهر عن أحد الأسئلة التي طالما شغلت ذهنه وتفكيره، وهو كيفية التقريب بين حداثة الغرب الفكرية والعلمية، التي تحاول جاهدة بكل ما أوتيت من دعم وقوة أن تفرض نفسها على التلاميذ والشباب في ربوع العالم شرقا وغربا وجنوبا، وبين مناهج أخرى جمعت في جنباتها مقررات العلم وتقنياته مع قيم الدين وأخلاقه، جنبا إلى جنب، وحتى امتزجت في ظلالها مطالب الجسد وأشواق الروح، مؤكدا أن هذا التقريب غاية في الصعوبة؛ لأنه يشبه مواجهة للعالم بأسره، ومراجعة لأهم مقومات حضارته وثقافته، لكنه، وبكل تأكيد، ليس أمرا مستحيلا ولا مستبعدا على القدرة الإلهية. 

 

نحو اتفاق عالمي بشأن التعليم

وشارك فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، القادة الدينيين من حول العالم في إطلاق ميثاق قادة الأديان تحت عنوان "نحو اتفاق عالمي بشأن التعليم"؛ حيث يأخذ الميثاق بعين الاعتبار التحديات والتوقعات التي تواجه التعليم والمعلم في الوقت الراهن.

 

وأعرب القادة الدينيون من خلال هذا الميثاق العالمي، عن تقديرهم للجهود التي يقوم بها المعلمون حول العالم وتفانيهم وتضحياتهم أثناء أدائهم لمهمتهم النبيلة المتعلقة بتربية الـنشء وغرس القيم الحميدة، وتشكيل القدوة الحسنة للأطفال في سن مبكرة.

 

كما تضمن الميثاق رسالة تشجيعية من قادة الأديان إلى المعلمين لمواصلة العمل وبذل الجهود رغم كل الصـعوبات والتحـدیات التـي تواجه المعلم في الوقت الراهن، التـي تفاقمت بسبب جائحة كورونا.

 

ونص الميثاق على أنه استنادًا إلى الوعي الراسـخ بـأن الأدیـان مصـادر للقـیم الأساسـیة للإنسانیة، ونظرا للاهتمام المشترك والمتزاید بأزمة التعلیم الیوم؛ يأمل القادة الدينيون أن يعيد القادة السياسيون والحكومات تقييم أوضاع المعلمين حول العالم، وإقرار سياسات مختلفة تتناسب مع ما يواجهه المعلمون من تحديات صعبة، وخاصة إقـرار سياسة الأجـر العـادل، وخلق ظروف عمل أفضـل للمعلمين للقيام بعملهم، وإدراك قيمة المعلم ومكانته التي يستحقها؛ إیمانا بأن مستقبل البشریة یعتمد على جودة المعلمین بشكل كبير. 

 

كما تضمن الميثاق التوصية بضرورة وضع الإنسان في محور كل عملیة تربویة، وتنمية قدرات الطلاب على إقامة علاقات مع الآخرین بدلا من ثقافة الإقصاء والتهميش، والاستماع إلى الطلاب ومناقشتهم في كافة الموضوعات والقضايا، خاصة ما يتعلق باحتـرام كرامـة المـرأة وبنـاء مسـتقبل یسـوده العـدل والسلام.

 

كما حث الميثاق المعلمين على تمكین الأسرة والتعاون مع المجموعات التعلیمیة الأخرى وتثقـیفهم؛ لیكونـوا موضع ترحیـب خاصة تجاه الأفراد الأكثر ضعفًا وتهميشا بالمجتمع، والبحث عن طرق جدیدة لفهم الاقتصـاد والسیاسـة وتسخيرهما لخدمـة الإنسانية بأكملها، وتعلیم أنماط حیاة أكثر احتراما للبیئة من خلال منظور بیئي شامل.

 

وشارك فضيلة الإمام الأكبر في قمة قادة الأديان تحت عنوان "نحو اتفاق عالمي بشأن التعليم"، التي تنظمها لجنة التوافق العالمي بشأن التعليم مع مجمع التعليم الكاثوليكي، بحضور كوكبة من القادة الدينيين وممثليها حول العالم، بهدف تعزیـز "میثـاق عالمي للتعلـیم"، يضع في الاعتبـار التحديات الراهنة التي تواجه التعليم والمعلم في وقتنا المعاصر. 

اللَّبِنةُ الأساسيةُ في بناء الأمم

وقال الأزهر الشريف من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، إن المعلمَ هو حَجرُ الزاوية في التعليم والتربية وبناء جيل المستقبل، وهو اللَّبِنةُ الأساسيةُ في بناء الأمم والحضارات؛ لذلك يُولِي الأزهر الشريف اهتمامًا كبيرًا بالمعلم؛ لِـمَا يحملُه من رسالةٍ نبيلةٍ وأمانةٍ عظيمةٍ.

ولفت إلى أن الإسلام قد رفع شأن العلم والمعلِّمِ؛ قال تعالى: ﴿يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العلماء وَرَثَةُ الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثوا دِينارًا ولا دِرهمًا، وإنما ورَّثوا العِلمَ، فمَنْ أخذَه أخذَ بحظٍّ وافرٍ» رواه أبو داود.

وتابع: قد نوَّه القرآن بقدرِ العلماءِ؛ قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9]، مشيراً إلى منزلتهم؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28].

 كما قرَنَهم الله تعالى بنفسه وملائكته في الشهادةِ بوحدانيَّتِه تعالى فقال: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18].

يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في وصف المعلم وبيان فضله:

قُـمْ للمعلِّمِ وَفِّـهِ التَّبجِيـلا * كـادَ المعلِّمُ أن يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من * الَّذي يَبني ويُنشئُ أنفـسًا وعقولا