الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رغم فارق الإمكانيات.. كيف انهارت الأنظمة الصحية للدول الكبرى بسبب كورونا ونجت مصر؟

صدى البلد

مع دخول مصر الموجة الرابعة من تفشي وباء فيروس كورونا، والتوقعات باقتراب الدخول في ذروتها مع تقدم فصل الشتاء، لا يزال النظام الصحي في مصر متماسكاً منذ بدء الجائحة على الرغم من تعرض الأنظمة الصحية في البلدان الكبرى لانهيارات ضخمة بسبب تفشي الوباء.

الأمر لا يقتصر فقط على انهيارات الأنظمة الصحية خلال ذروة الموجة الاولى لفيروس كورونا خلال عام 2020، فحتى الآن تعانى الأنظمة الصحية في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والهند وإيطاليا والبرازيل وإندونيسيا من تأثير الوباء المدمر عليها، ولا تزال تقف على حافة الانهيار.

الولايات المتحدة

على الرغم من المليارات التي أنفقتها وتنفقها الإدارة الأمريكية، قال تقرير نشرته قناة "إيه بي سي" في يوليو الماضي، إن نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة "على شفا الانهيار" حيث يقود التردد بشان اللقاحات موجة جديدة من تفشي عدوى فيروس كورونا.

وأضاف أن واحدة من أكثر البلدان تضررا من الفيروس، الولايات المتحدة، تواجه الآن معركة شاقة ضخمة ضد التردد في اللقاحات. في ولاية ميزوري، يُعتقد أن معدل التطعيم يصل إلى 20 في المائة في بعض المناطق، وبسبب العدد الكبير من مرضى كورونا الذين يتم إدخالهم إلى المستشفى، فإن نظام الرعاية الصحية 'على وشك الانهيار'.

وقال تقرير آخر من مجلة "سليت" الأمريكية، في سبتمبر، إن نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة قد انهار بالفعل، حيث يموت بعض المرضى في ولايات أثناء انتظارهم لسرير شاغر في مستشفى.

وأوضح التقرير أن ولايات مثل تكساس، بات الحصول فيها على سرير في وحدة العناية المركزة هذه الأيام ليس بالمهمة اليسيرة.

وقالت المجلة:"منذ عام أو نحو ذلك، قيل لنا مرارًا وتكرارًا أن النظام الصحي الأمريكي على وشك الانهيار. في الشهر الماضي، تم استخدام هذه العبارة لوصف محنة المستشفيات في أوكلاهوما ولويزيانا وألاباما وألاسكا؛ في الشتاء الماضي، تم استخدامها لوصف النظم الصحية في ولايتي كاليفورنيا وأيداهو. لوحظ أن نظام الرعاية الصحية في ولاية ميسيسيبي، في مقال نُشر مؤخرًا في مجلة (ذا نيويوركر)، يقترب من الانهيار على مستوى الولاية، بينما في عنوان سياسي في بداية الوباء، كانت المستشفيات في نيويورك تقترب بسرعة من نقطة الانهيار. تُصنف أوصاف الأنظمة الصحية عند الحد الأقصى من الوظائف بين كليشيهات كورونا الأخرى مثل الوضع الطبيعي الجديد وفي هذه الأوقات العصيبة".

وأضافت:"لكن القول بأن نظام الرعاية الصحية لدينا على وشك الانهيار هو تلطيف لحقيقة الأمر. توضح قصة موت أحد المحاربين القدامى بالقرب من مدينة معروفة بوجود بعض من أفضل المستشفيات في العالم - ومن مرض قابل للعلاج - أن نظامنا الصحي قد انهار بالفعل". (قدم دانيال ويلكينسون ، وهو محارب قديم يبلغ من العمر 46 عامًا خدم مرتين في أفغانستان ، إلى مستشفى مجتمعي على بعد بضعة أبواب من منزله في بيلفيل ، تكساس ، وهي بلدة صغيرة في ضواحي هيوستن. كان يشعر بالمرض وتم تشخيصه في النهاية بأنه مصاب بالتهاب البنكرياس المراري).

بريطانيا

قال تقرير "بيزنس إنسايدر" في يناير الماضي، إن نظام المستشفيات في بريطانيا على وشك الانهيار، مما يجبر الموظفين المرهقين على تأجيل علاجات السرطان، وتوسيع إمدادات الأكسجين، وتعريض أنفسهم لخطر الإصابة بفيروس كورونا.

ونقلت التقرير عن عدد من أفراد الطواقم الطبية المختلفة في بريطانيا قولهم إنهم يكافحون من أجل التعامل مع فوضى أزمة فيروس كورونا.

قال الدكتور توم دولفين ، الذي يعمل في أحد مستشفيات لندن، إن خزان الأكسجين بالخارج يمكنك سماع صريره بسبب الضغط الهائل وكثافة ضخ الاكسجين اللازم لمرضى فيروس كورونا.

وقال الدكتور دانش ديوان إنه يتم إفراغ أجنحة السرطان لإفساح المجال لمرضى فيروس كورونا.

و قال وزير الصحة آنذاك، مات هانكوك يوم الثلاثاء، إن الخدمة الصحية لا تواجه نقصًا في الأكسجين - لكن اعترف بأن بعض المستشفيات قد تضطر إلى نقل مرضى إلى مستشفيات أخرى لتزويدهم بالأكسجين الذي يحتاجون إليه.

وفي أكتوبر، انطلقت أزمة جديدة في نظام الصحي البريطاني، وهي أزمة الموظفين، مع انتماء العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (إن إتش إس) التي تعتبر مصدر اعتزاز للبريطانيين إلى ما لا يقل عن 211 جنسية، فهي تعتبر من أرباب العمل الأكثر اختلاطا في العالم.

وهذا ما جعل القطاع يعاني من أزمة بالغة في العاملين مع استحالة السفر في ظل تفشي الوباء، على ما أوضحت مسؤولة العمليات في أحد مستشفيات لندن فيزان رنا لوكالة "فرانس برس".

وتشير الأرقام إلى أن عدد العاملين الصحيين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة بين مارس 2020 و2021 أدنى بـ3700 شخص منه في 2019/2020.

لكن الواقع أن بريطانيا تسجل تراجعا في عدد العاملين الصحيين الوافدين منذ عدة سنوات، ويشير السجل الرسمي إلى أن عدد الممرضات والممرضين الأوروبيين هو في عام 2021 أدنى بثمانية ألاف منه في 2016، سنة تنظيم الاستفتاء حول الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وأظهر تحقيق أجراه مجلس الممرضات والقابلات عام 2020 أن أكثر من نصف الذين يغادرون المملكة المتحدة يذكرون بريكست سببا لقرارهم.

إيطاليا

كانت إيطاليا أول أنظمة الرعاية الصحية التي سقطت بشكل مأساوي أمام تفشي وباء فيروس كورونا، ويذكر العالم مشاهد مرضى كورونا ملقون على الأرض أمام المستشفيات التي لم تستطع استيعاب التفشي الهائل للوباء. تلك المشاهد التي لم تعرفها مصر طيلة تفشي الوباءن حتى مع الأخطاء التي تم رصدها من قبل المواطنين والوزارة لم تكن تقارب ما شاهده العالم في إيطاليا وإسبانيا والهند.

وتجاوز عدد وفيات كورونا في إيطاليا حاجو الـ 131 ألف وفاة، وتحتفظ الولايات المتحدة بالرقم الاعلى بواقع 758 ألف وفاة.

الهند

ثاني أكثر البلاد تضرراً في العالم من فيروس كورونا، وعلى الرغم من كونها سادس أكبر اقتصاد في العالم.

ظهرت ذروة تفشي كورونا في الهند متأخرة بمسافة بعيدة نسبيا عن ذروة التفشي في أوروبا وأمريكا والبرازيل، وعلى الرغم من سعة الوقت تلك، بيد أن الهند لم تستعد بجدية لقدوم الفيروس، حيث سجلت 455 ألف وفاة و34 مليون إصابة في مدة قياسية.

حطمت الهند الارقام القياسية في تسجيل الإصابات اليومية، بمعدل أكثر من 350 ألف إصاب لمدة 8 أيام متتالية، ووفاة أكثر من 3 آلاف شخص يوميا، ويقول الخبراء إن عدد الوفيات الفعلي بسبب كورونا قد يكون أعلى بخمس مرات.

صور الجثث التي تحترق في محارق الجنائز الجماعية، والقصص عن المستشفيات المكتظة بما يتجاوز طاقتها، والنداءات اليائسة على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الأكسجين والإمدادات الطبية، لفتت الانتباه الدولي إلى الوضع المزري في الهند؛ تعهدت الولايات المتحدة ودول أخرى بتقديم المساعدة. إن استجابة الهند المتراخية بشكل مؤسف للموجة الثانية والبنية التحتية للرعاية الصحية التي تعاني من الفقر بالفعل هما المحركان الأساسيان لهذا التفشي المرعب.

وبحسب تقرير لجنة صندوق الكومنولث، كان الإغلاق الوطني للهند في مارس 2020 واحدًا من أكثر عمليات الإغلاق صرامة في العالم. كانت هذه الاستجابة الأولية في تناقض صارخ مع الاستجابات البطيئة في الولايات المتحدة والبرازيل والسويد.

بعد الموجة الأولى من حالات الإصابة بفيروس كورونا في الخريف الماضي، بدا أن الهند تغلبت على الفيروس. حتى مارس 2021، كانت البلاد تسجل بالكاد 13000 حالة جديدة يوميًا، أي أقل من ألمانيا أو فرنسا وبين سكان أكبر 18 مرة. أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي الانتصار على الفيروس وسمح للبلاد بالعودة إلى العمل كالمعتاد، على الرغم من بوادر المشاكل والتحذيرات من مسؤولي الصحة العامة. نتج عن ذلك تجمعات انتخابية اجتذبت حشودًا ضخمة غير مقنعة، ومهرجان ديني في أوائل أبريل اجتذب ما بين مليون وثلاثة ملايين شخص إلى ضفاف نهر الجانج، الذي يطلق عليه الآن اسم "حدث فائق الانتشار" الفيروسي.

كما خلق المسؤولون إحساسًا زائفًا بالأمان ، انخفض ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي.

على الرغم من أن الحكومة الفيدرالية قد أدركت في الأيام الأخيرة خطورة الأزمة ، إلا أنها لا تزال مترددة في فرض إغلاق وطني وتترك الأمر للدول لفرض قيود. يشبه تفويض السلطة هذا التفويض في الولايات المتحدة ، حيث اجتاحت موجات الفيروس المتتالية الولايات عندما رفع الحكام إجراءات الإغلاق قبل الأوان.

ينهار نظام الرعاية الصحية الهندي تحت الضغط. يموت المرضى وهم ينتظرون أسرة المستشفى أو الأكسجين. هذا، في جزء منه، نتيجة نقص التمويل. تنفق الهند 73 دولارًا فقط على الرعاية الصحية للفرد، مقابل متوسط ​​عالمي قدره 1110 دولارًا في عام 2018.

مصر

بالنسبة لانتشار فيروس كورونا في مصر فالأمر ليس بالمثالي، ولكن بالنظر إلى الفروق في الإمكانيات مع الدول الكبرى بالنسبة لقدرات نظام الرعاية الصحية في مصر، ومدى الوعي الصحي لدى المواطنين وعددهم، يمكن اعتبار الاستجابة مثالية.

سجلت مصر حتى الآن 508325 ألف إصابة و18333 وفاة منذ بدء تفشي الوباء.

ووتوضح تصريحات مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحة الدكتورعوض تاج الدين، خلال مؤتمر للجنة العلمية لمكافحة وباء كورونا، السبب وراء كون التجربة المصرية رائدة بالفعل في مكافحة وباء كورونا، حيث بدأت مصر الكفاح ضد الوباء قبل  وصوله بأشهر.

وقال إن مصر أعادت تأهيل 88 مستشفى عزل، ووفرت كل الأجهزة المطلوبة لعزل المرضى، ووفرت 1000جهاز تنفسي تحت الطلب كاحتياطي استراتيجي، كما أعادت تركيب وتحديث تنكات الأكسجين بكل المستشفيات. مع تضافر الجهود من قبل كافة القطاعات في الدولة.

وأشار تاج الدين إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع منذ الوهلة الأولى ميزانية تقدر ب100مليار جنيه لدعم النظام الصحي استعدادا للوباء وكان لها أعظم الاثر للمكافحة القوية لمصر.

ومن جهة أخرى، شرح أن  مصر في الموجة الرابعة من كوورنا، وهناك زيادة في عدد الإصابات والوفيات وكذلك الحالات التي تدخل المستشفي وتحتاج إلي رعاية مركزة.

ولفت إلى أن حالات الوفاة لا تشكل خطورة؛ لأنها تراكمات سابقة لـ 15 يوما، وأن الزيادة الحالية غير مضاعفة وغير عنيفة/ ويتم التعامل معه بشكل جيد، وأن الحالات التي تم رصدها يتم التعامل معها بمنتهي الحرفية من الأطقم الطبية التي أكتسبت خبرة في كيفية التعامل مع تلك الحالات بشكل حرفي، وهناك 85% من الحالات بسيطة الي متوسطة وتعالج خارج إطار المستشفيات. 

وعلى جانب آخر تبذل مصر جهودا كبيرة على صعيد تلقيح المواطنين من فيروس كورونا، حيث تحول التلقيح ضد الفيروس إجباريا في المؤسسات الحكومية وبالنسبة للمواطنين الذين يتعاملون معها، وكذلك بتصنيع اللقاح محليا واستيراد أكبر كميات ممكنة.