الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفراشة الطائرة.. من هي أول باليرينا مصرية ورئيس لدار الأوبرا ؟

صدى البلد

فراشة رقيقة طائرة نفذت تجربة ترقى بها لمقام الأسطورة.. الباليرينا القديرة ماجدة صالح.. أول راقصة باليه مصرية وأول رئيس لدار الاوبرا.. أدخلت ذلك الفن الراقي لمصر وقدمت اول عرض باليه مصري امام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

 

نشأة الفراشة

وُلدت ماجدة من أب مصري وأم اسكتلندية تدعى فلورانس، وكان والدها عبد الغفار صالح أكاديمي متميز، ومن رواد التعليم الزراعي في مصر تقلد العديد من الوظائف الجامعية، وفي النهاية كان نائب رئيس الجامعة الأمريكية في القاهرة وكانت ماجدة الابنة الثانية من أربعة أطفال.

 

معهد الباليه

مع تأسيس معهد الباليه في مصر عام 1958 بقرار من وزير الثقافة المصري ثروت عكاشة، بدأ يتردد على المعهد راقصو باليه من البولشوي وروسيا لتعليم الراقصات المصريات الباليه، إلى أن أصبح هناك أستاذة دائمون في المعهد من روسيا والاتحاد السوڤيتي.

بعد ما بدأت ماجدة صالح دراستها في معهد الكونسرڤتوار في إسكندرية، أكملت تعلميها في المعهد العالي للباليه في مصر، وبمجرد وصولها للمعهد حصلت مع 4 طالبات أخريعلى منحة للدراسة في أكاديمية بولشوي في موسكو، وتخرجت الطالبات الخمسة من الأكاديمية سنة 1965، وبعد رجوعهم من موسكو، أطلق عليهم لقب "Bolshoi Five" وبعدها بدأت ماجدة صالح احتراف الباليه.

اللحظة الأكثر تشويقًا كانت سنة 1966، عندما كان من المفترض تقديم أول عرض باليه مصري بالكامل والذي كان يحمل اسم "نافورة بختشي سراي"، والمقرر عرضه في دار الاوبرا المصرية بالقاهرة، حضر العرض الرئيس السابق جمال عبد الناصر وأهم رجال الدولة في ذلك الوقت، وتم منح الراقصات وسام الاستحقاق من الدولة، وهذا في حد ذاته اعتراف بفنهم ووجودهم.

 

أول دور سينمائي

شاركت ماجدة صالح في فيلم ابنتي العزيزة عام 1971، بطولة رشدي اباظة ونجاة الصغير، وأدت فيه دور ليلى، ابنة شقيق رشدي اباظة وصديقة نجاة وأدت راقصة باليه في استعراض بالفيلم، وفي 2016، شاركت في فيلم بعنوان "هامش في تاريخ الباليه"، وهو فيلم يتناول قصة نشأة فن الباليه في مصر أثناء الستينات، من خلال شهادات رواد فن الباليه المصري وبداية المعهد العالي للباليه تحت إشراف المدرسين الروس والدراسة بالخارج وتأسيس فرقة الباليه المصرية وعروضها مرورًا بحريق دار الأوبرا الخديوية ورحيل بعض نجوم الباليه للخارج وشاركت فيه بشخصيتها الحقيقية كراوية لتاريخ الباليه في مصر.

 

روايتها عن الباليه

 

قالت ماجدة صالح في حوار سابق لها انها تعلمت على يد مدرسين أجانب فى معهد «الكونسرفتوار»، فبعدما افتتح وزير الثقافة مدرسة للباليه ضمت خبراء من «البولشوى»- مسرح ثقافى وفنى روسى-، قابلت رئيس فرقة عالمية روسية يُدعى «موسييف»، وأكد أن لدىّ الموهبة، ونصحنى بالاشتراك فى الاختبارات، وهو ما حدث، وتم اختيارى من بين 35 طفلًا وطفلة.

وعن فكرة تأسيس «المعهد العالى للباليه قالت  الرئيس جمال عبدالناصر  كلف الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة حينها بتأسيس أول وزارة ثقافة فى مصر، خلال خمسينيات القرن الماضى، وكان ركن أساسى منها إنشاء أكاديمية الفنون فى الهرم، وفى 1958 خصص مبنى لـ«المعهد العالى للباليه» فى نطاقها.

واضافت ان أول عرض باليه فى مصر نظم عام 1966، بعنوان «نافورة بختشى سراى»، وجميع المشتركات فيه كن مصريات، ووصفته الجرائد بـ«قنبلة الموسم»، وحضره الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ومنحنا عقب انتهاء الحفل وسام الاستحقاق، الذى كان أول تكريم لراقصات فى تاريخ مصر.

 


حريق الأوبرا

بعد ٨ سنوات وصل نجاح الفرقة إلى مدى بعيد، وانضم إليها عدد من الشباب، وكذلك بعض الفرق العالمية، وقدمنا عروضًا مثل «كسارة البندق»، و«دون كيشوت»، و«جيزيل»، لكن حدثت المأساة، حريق دار الأوبرا، الذى كان أشبه بضربة قاسية مدمرة للحياة الثقافية فى مصر وخارجها يوم 28 أكتوبر 1971.
وعن الفترة التي تلت تلك المأساة قالت: توفى جمال عبدالناصر بعد حريق الأوبرا بعدة أيام، وأتبع ذلك خروج ثروت عكاشة من الوزارة، وتحولت العلاقات السياسية من الاتحاد السوفيتى إلى الولايات المتحدة، ونصحتنى والدتى بالدراسة الأكاديمية للاستمرار فى مجال الباليه، وبالفعل حصلت على منحة سفر للدراسة فى أمريكا، وهناك حصلت على الماجستير والدكتوراه.

درست الرقص الحديث، ووجهت أبحاثى للرقصات التقليدية المصرية، لتوضيح التراث الثرى جدًا الذى نمتلكه فى مصر ولا نعرف عنه شيئًا، خاصة مع اقتصارنا على الحديث عن الرقص الشرقى فقط وإيمانًا بما أعتقده، أنتجت فيلمًا تسجيليًا تحت عنوان «أشواق الأهالى»، مع المخرج إبراهيم الموجى، واستعنت بمركز الفنون الشعبية، وسجلت رقصات شعبية مصرية من مختلف أنحاء الجمهورية، وعدت عام 1983، وعينت بعدها بفترة مديرًا للأوبرا وتحديدًا عام 1988 وبذلت مجهودًا كبيرًا لكن وزير الثقافة - آنذاك- أقالنى دون وجه حق، وتعرضت لظلم بشع وكانت هذه تجربة مريرة بالنسبة لى بعد أن وضعوا الشمع الأحمر على مكتبى فقررت السفر إلى أمريكا سنة 1992.


الفراشة تروى قصة زواجها

قالت ماجدة صالح انها التقتِ زوجها عالم المصريات بينما كانت تكمل رسالة الدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1978 عن الرقصات الشعبية المصرية، وقد كانت تعد فقرة مميزة عن الرقصات الفرعونية، وسردت قائلة: حينها احتجت بعض المعلومات، فتوجهت صحبة والدتي إلى متحف بروكلين، حيث كان يحتضن مكتبة خاصة بعلم المصريات، وبالمصادفة كانت السماء تمطر في هذا التوقيت، فدعانا مدير قسم المصريات للعشاء صحبة زوجته، وذهبنا.

ولكن حتى هذا الحين لم يكن القدر قد كشف لعبته بعد، وأكملت رسالة الدكتوراه وسلمتها للمشرفة، ثم سافرت وانقطعت علاقتي برئيس قسم المصريات، ولم أره بعد ذلك إلا مصادفةً، بعد ثلاث سنوات من اللقاء الأول في القاهرة، خلال حضوري حفل لمركز البحوث الأمريكي، وتعارفنا بشكلٍ أفضل على بعضنا، ودعاني مرة أخرى للعشاء، و لكن لم ألبِ الدعوة لأن والدتي كانت قد توفيت، ولم أكن مهيأة لمقابلة أحد، فهي كانت سندي الأعظم في هذه الحياة.

وبعد عشر سنوات في القاهرة مررت خلالها بظروف سيئة، قررت السفر إلى أمريكا وتذكرته وهاتفته لكي يساعدني في الحصول على فرصة عمل، وكان وقتها مستشارًا لرئيس أمريكا للشئون الثقافة وحماية التراث، ولبى ندائي، ودعاني للعشاء للمرة ثالثة، وعرفت منه أنَّ زوجته قد توفيت، وكان وحيدا، وكنت أنا أيضًا وحيدة، وتقرَّبنا من بعضنا، وفي أحد الأيام قال لي: "إيه رأيك في يوم من الأيام نتجوز؟"، وظللت شهور أفكر في الأمر، وفي الأخير تزوجنا.