تقرير حقوقي حول الانتخابات: الصحف القومية أيدت الإسلاميين.. والبرامج الحوارية انحازت لليبراليين

أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم الخميس تقريرها السادس لرصد التغطية الإعلامية للساحة السياسية ،والانتخابات خلال شهر ديسمبر لعام 2011، والذي يتناول بالرصد والتحليل الكمي والكيفي لعينة من وسائل الإعلام المصرية التى تابعت العملية الانتخابية.
وقد أظهرت نتيجة الرصد خلال شهر ديسمبر الماضي أن صحيفة الأهرام المملوكة للدولة شهدت انحيازاً واضحاً لنشر أخبار الإخوان والسلفيين، واختلف هذا الانحياز نسبياً بعد نتائج المرحلتين الأولى والثانية، حيث بدأت الأخبار والتقاريرعن "التخوف" من التيارات الدينية تظهر على صفحات الأهرام.
وبالنظر إلى مضمون الرسالة التي قدمتها الأهرام خلال الشهر الماضي فيما يتعلق بتغطية أخبار التيارات الدينية، كانت تنقل مواقفهم وتحركاتهم في الشارع وهو ما نقل رؤيتهم للجميع، ثم نقل هجوم بعض الفئات التي لا تجد لها قبولاً أو تواصلاً مع الشارع مثل الفنانين، فتكون النتيجة مزيدا من التأييد للتيارات الدينية، خاصة مع عدم تقديم التيارات الأخرى باعتبارها تعبر عن توجهات فكرية، بل كان تواجد التيارات اليسارية والليبرالية والعلمانية يعتمد بالأساس في التغطية على مناهضتها للتيار الديني، وليس من خلال نقل أفكارها عبر صفحات الأهرام.
وبالطبع اهتمت صحيفة الأخبار بالانتخابات، وكان للتيارات الإسلامية أيضا نصيب الأسد من التغطية التي ركزت بها في كثير من الأحيان على الإخوان باعتبارهم الوجه المعتدل للدين مقابل التشدد السلفي، وساهمت الأخبار بقوة خلال تغطيتها سواء في الشهر الماضي أو قبله في تشويه المنظمات غير الحكومية عبر نقل الاتهامات الموجهة لها وتسريبات نقلا عن "مصادر قضائية" و"مصادر مطلعة"، وغيرها من المصادر غير المحددة.
أما بالنسبة لصحيفة المصري اليوم فقد انشغلت بقوة بالمعركة الانتخابية من خلال الدعاية غير المباشرة للتيار الليبرالي الذي تمثله والدعاية المضادة للمنافسين وخاصة جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، وأيضا التيار السلفي وأحزابه التي يأتي حزب النور على رأسها.
ومن ناحية أخرى، استمر الانحياز للمتظاهرين في مواجهة المجلس العسكري مع الزج بأخبار تشوه صورتهم من وقت لآخر، فتورطت في نقل أخبار عن مصادر غير محددة تنسب اتهامات لبعض الشخصيات العامة بالتورط في التحريض على العنف.
وبالنسبة لصحيفة الوفد، فكانت المعركة الانتخابية محل تركيزها أيضا، فقدمت مرشحي الحزب وعرضت لمواقفهم وبرامجهم وتصريحاتهم سواء فيما يتعلق بالانتخابات أو غيرها من الأحداث الجارية في البلاد، مع تركيز على قيادات الحزب ومن بينهم السيد البدوي الذي أفردت له على سبيل المثال صفحة كاملة يوم ١٩ ديسمبر لتغطية كلمته في مؤتمر انتخابي دون اهتمام بباقي المشاركين في المؤتمر.
أما صحيفة الشروق، فقد استمرت في محاولتها قدر الإمكان الابتعاد عن إثارة الاستقطابات مع توضيح الاختلافات في الوقت نفسه. وفيما يتعلق بأبرز أحداث الشهر الماضي، وهي قمع متظاهري مجلس الوزراء، حرصت الشروق على نقل وجهة نظر المجلس العسكري في الأحداث الجارية.
بالنسبة للمواقع الإخبارية محل الرصد، كانت مساحة الحرية أعلى نسبيا، وحرصت المواقع كلها على التركيز على أعضاء الوطني السابقين المتقدمين للانتخابات والتأكيد على تعريفهم بالاسم وبمكان ودائرة الترشح ومن يدعمهم أو يتحالف معهم.
وفي تغطية موقع "اليوم السابع" للانتخابات ظهرت الخلافات قوية من خلال العناوين من نوعية "حرب الشائعات بين الكتلة والإخوان بحدائق القبة". وبشكل عام كان الاهتمام كبيرا بالتيارات الدينية وأحزابها سواء في الأخبار المتعلقة بالانتخابات أو المقالات التي تتحدث عنها، وأيضا في ترجمات تغطية الصحف العالمية للأحداث في مصر.
أما للبرامج محل الرصد، اتضح خلال الشهر الماضي أن برنامج العاشرة مساء حاول أن يكون محايدا إلا أن بعض الحلقات التي ناقشت الانتخابات، خرجت منحازة ولو نسبيا، وكان الانحياز العام- نسبيا وبطريقة غير مباشرة- للتيارات المدنية في مواجهة التيارات الدينية وخاصة السلفيين.
وبالنسبة لبرنامج بلدنا بالمصري، فقد حاول قدر الإمكان تقديم أكثر من تيار سياسي خلال الفترات التي لا تشهد انتخابات كي لا يخترق الصمت الانتخابي، إلا أن الأحداث في مجلس الوزراء بخلاف فترات الصمت عرقلت الفقرة التي كان يقدمها البرنامج في السابق، فلم تظهر توجهات سياسية بعينها، رغم بعض انتقادات للتيارات الدينية واستغلال الدين. وحرص البرنامج خلال شهر ديسمبر على تقديم جميع الأخبار المتعلقة بالمجلس العسكري وركز على موقف المتظاهرين.
أما برنامج مباشر من مصر فحاول عدم انتقاد المجلس خلال التغطية الإعلامية التي قدمها، بالإضافة إلى التركيز على الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة خلال متابعته لأخبار الانتخابات. إلا أن هذا التركيز كان أقل كثيرا من اهتمام الصحف والمواقع، حيث سعى البرنامج إلى التنويع في الضيوف قدر الإمكان فاختار ممثلين لمختلف القوى السياسية خلال الشهر.
ومن خلال متابعة الرصد الكمي؛ تلاحظ أنه خلال الشهر الماضي، حرصت الصحف محل الرصد على عدم التدخل بشكل مباشر في التغطية الإعلامية فجاءت في أغلبها محايدة دون توصيفات أو مواقف مباشرة، بمساحة قدرت 303553 سنتيمترا مربعا، من إجمالي التغطية التي خصصتها الصحف محل الرصد للساحة السياسية والانتخابات. والنسبة الباقية ما بين سلبي (٤٪ ) وإيجابي (١٨٪ ). كما حرصت المواقع على عدم التدخل بشكل مباشر في التغطية فجاءت في ٩٢% منها محايدة دون توصيفات أو مواقف مباشرة، بمعدل ٩٨٨٩٧ كلمة. وكانت نسبة الـ٨% الباقية ما بين سلبي (٥٪ بمعدل ٥٩٣٤ كلمة) وإيجابي (٣٪ بمعدل ٣٦٠٢ كلمة).
وفي البرامج الحوارية محل الرصد، ظهر الفاعلون السياسيون بصورة محايدة خلال 99474 ثانية مقابل 3323 ثانية من التناول السلبي، و70 ثانية من التناول الإيجابي، خلال شهر ديسمبر.
ومن بين مساحة التغطية للسياسة والانتخابات في الصحف، كانت المساحة التي حصلت عليها النساء تقدر فقط بـ ١١٣٣٣ سنتيمترا، بما يعادل ٣٪ ، مقابل ٢٦٨١٤٠ سنتيمترا للرجال و١١٢١٢٩ سنتيمترا للمجموعات كالأحزاب والائتلافات وغيرها من الكيانات التي تضم رجالا ونساء. النسبة كانت أقل في المواقع، حيث حصلت النساء على ٢% فقط ن التمثيل في التغطية الإعلامية، مقابل ٧٠٪ للذكور و٢٨٪ للجماعات والأحزاب.
إلا أن النساء حصلن على اهتمام أكبر من الشهور الماضية في البرامج الحوارية، وإن كانت النسبة لا تزال ضعيفة، فوصل معدل تمثيل النساء إلى ٧٪ من الزمن الكلي، فيما لم يزد طوال الشهور الماضية عن ٣٪.