الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سنوات طويلة منذ صدوره.. ماذا قدم "حق الشعوب في تقرير مصيرها" للدول؟

صدى البلد

تتباين وجهات نظر فقهاء القانون الدولي ومواقف الدول من تقرير المصير على نحو يتضح معه أنه ليس من السهل وضع تعريف جامع مانع له، مع أن تقرير المصير اقترن منذ القرن السابع عشر بتعبير حرية الإرادة free will. 

وذهبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 2625 الصادر في 24/11/1970 الذي تضمن التصريح الخاص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، إلى أن مبدأ التسوية في الحقوق وحق الشعب في تقرير مصيرها من مبادئ القانون الدولي الخاص بهذه العلاقات، وجاء فيه «بموجب مبدأ التسوية في الحقوق وتقرير المصير للشعوب المعلنين في ميثاق الأمم المتحدة، لكل الشعوب الحق في أن تقرر، دون تدخل أجنبي، مركزها السياسي، وأن تسعى لتأمين نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وعلى كل دولة واجب احترام هذا الحق وفق نصوص الميثاق».

 

بدأ طرح فكرة حق تقرير المصير

طُرحت فكرة حق تقرير المصير لأول مرة في اوروبا في القرن الثامن عشر، وذلك بعد ان استطاعت علاقات الانتاج الرأسمالية في هذه البلدان أن تنتصر على علاقات الانتاج الإقطاعية، حيث ولد اثناءها المجتمع المدني وأنشأت اثنائها دولة القانون، وأقرت ايضا مبادئ الحقوق السياسية والمدنية.

وجاء مفهوم حق تقرير المصير، بعد ان تحولت الرأسمالية من منتجة ومصدرة للبضاعة الى منتجة ومصدر للرأسمال، حيث تم تقسيم العالم واعادة تقسيمه عبر ما عرف بالاستعمار الذي سيطر على الشعوب من اجل نهب ثرواتها وخيراتها، عبر ما عرف بالشركات العلمية المتعددة الجنسية وعبر نظام" الكارتلات"، و"التروستات " و"السنديكات"، لبسط سلطة الرأسمال عبر الاستعمار المباشر على الغالبية العظمى من دول العالم، لاسيما في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

ونتيجة لتنامي حركات التحرر الوطني المطالبة بالاستقلال من جهة، ورغبة الاحزاب والقوى السياسية والاجتماعية ومن نشطا المجتمع والمدني في البلدان الأوربية من جهة اخرى نشأت حركات مناهضة للمد والتوسع الاستعماري، وداعمة لحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها عبر الاستقلال وتكوين كيانات مستقلة خاصة بها.

 

أبرز النماذج في أوروبا

لعل من اهم الأعمال التي أسفرت عنها هذه التحركات والتي تمت تحت شعار حق تقرير المصير هو استقلال النرويج عن السويد عام 1905، حيث كانت النرويج آنذاك تحكم من قبل السويد من خلال تمتعها بالحكم الذاتي عبر إلية النظام الفيدرالي.

ومن خلال مطالعة أدبيات الحركة اليسارية، نرى ان اول من طرح حق تقرير المصير وجعله هدف من اهداف اليسار هو "لينين"، الذي الف كتابا اسماه حق تقرير المصير، وقد انتقد فيه اطروحات الكثير من اليساريين من أمثال "كاتسكي" و"روزا لوكسمبورج" حول هذا المفهوم، وقال بالحرف الواحد متسائلا: «ما ذا نعني بحق تقرير المصير؟»، مجيبا بصراحته المعهودة ان هذا الحق يعني الاستقلال وتكوين سياسي مستقل.

النرويج

ومن بين الذين طرحوا مبدأ حق تقرير المصير، هو رئيس الولايات المتحدة الامريكية الأسبق «وودرو ولسون» وذلك عام 1919، لان الديمقراطية الأمريكية وكما هو معروف تأثرت بالديمقراطية الغربية الذي انبثقت في اوروبا، واصبح هذا الحق وبعد الحرب العالمية الأولى يطرح بقوة على الساحة الدولية، كما ان فرنسا قد عارضت حينها مبدأ حق تقرير المصير ورفضت اجراء أي انتخابات في إقليمي ”الألزاس واللورين" واحتجت بوجود المستوطنين "الألمان" بكثافة فيهما.

ولسون

 

حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره

اعتمدت الأمم المتحدة قرار يحمل الرقم 3236 في 22 نوفمبر 1974 بموافقة 89 صوتاً مقابل رفض 8 وامتناع 37، ويحمل هذا القرار عنوان "حقوق الشعب الفلسطيني" وفيه يؤكد الحقوق الثابتة لشعب فلسطين.

«إن الجمعية العامة، وقد نظرت في قضية فلسطين، وقد استمعت إلى بيان منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة شعب فلسطين، وقد استمعت أيضاً إلى بيانات أخرى ألقيت خلال المناقشة، وإذ يقلقها عميق القلق أنه لم يتم، حتى الآن، التوصل إلى حل عادل لمشكلة فلسطين، وإذ لم تعترف بأن مشكلة فلسطين لا تزال تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر، واعترافاً منها بأن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وإذ تعرب عن بالغ قلقها لكون الشعب الفلسطيني قد منع من التمتع بحقوقه، غير القابلة للتصرف، لاسيما حقه في تقرير مصيره، وإذ تسترشد بمقاصد الميثاق ومبادئه، وإذ تشير إلى قراراتها المتصلة بالموضوع، والتي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره».

وتبنت الجمعية العامة هذا القرار، في جلستها العامة رقم 2296، وحتى يوما هذا لا تزال القرارات والبنود على الورق فقط، ونفس الأمر يتقرر في مختلف القضايا العربية، والتي تخص الدول الفقيرة، ومنها الأزمة بين بغداد وأربيل على أساس المقترح الفرنسي بإنشاء اتحاد كونفدرالي، هذا فيما يتعلق بكردستان، أما في كاتالونيا، فإن الحلول أو حتى معالم انفراجة تبدو غائبة تماما.

كردستان

في حالة كردستان، برز الظرف السياسي ومصالح القوى الإقليمية بصورة مباشرة، ولم يحاول أي طرف تجميل الصورة، بحديث عن قانون دولي أو مبادئ دستورية، ولكن الاستفتاء جرى بصورة طبيعية لأن حكومة كردستان تتمتع بقوة عسكرية قادرة على حمايته.

وفي حالة كاتالونيا، وإن حاول البعض التلويح بالدستور الإسباني وأحكام القضاء، إلا أن الحديث الأساسي ارتبط بالأوضاع الصعبة للاتحاد الأوروبي، وشاهدنا كيف يمكن للشرطة، في ديمقراطية أوروبية، أن تُمارس قمعا وحشيا للناخبين، أثار إعجاب الكثير من الديكتاتوريات.


-