الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مسعود شومان: بيرم التونسي هو ابن لمرحلة مليئة بالأحداث التاريخية.. واستطاع استشراف مناطق شديدة الخصوصية في الحياة الاجتماعية المصرية

صدى البلد

حلت أمس الذكرى الـ٦١ على رحيل الشاعر الكبير بيرم التونسي والذي ولد في عام 1893، وهو شاعر مصرى من أصول تونسية، إذ جاءت أسرته التونسية لمصر فى 1833 حين هاجر جدّه لأبيه للإسكندرية فى 1833.
وقد بدأت شهرته عندما كتب قصيدته "المجلس البلدي"، التى انتقد خلالها المجلس البلدى بالإسكندرية، لفرضه ضرائب باهظة، فكانت تلك القصيدة سببًا في شهرته الكبيرة خلال تلك الفترة. وفي ذكرى وفاته تحدثنا مع الشاعر والباحث مسعود شومان، الذي تحدث معنا عن منجزات بيرم التي قدمها خلال حياته، وما يعكف عليه خلال الفترة الحالية من تقديم موسوعة كاملة تخص شعراء الزجل، في محاولة منه للاقتراب أكثر من زجالي مصر، الذين ربما لم ينال الكثير منهم حظًا وافرًا خلال حياتهم.

شاعر الشعب

في حديثه يقول مسعود شومان إن إضافات بيرم التونسي في الشعر لا يمكن أبدا أن نختزلها في شعر العامية فقط، فقد صنف زجالًا وقد أطلق عليه "شاعر الشعب" فتصنيف "الزجل" هنا ليس تصنيفا للنوع، لكنه تصنيف يعتمد على قيمة الشعر نفسه، فقيمة بيرم الشعرية هي قيمة عظيمة جدا، والإضافات التي أضافها هي إضافات بالغة في تاريخ النوع؛ بمعنى أن بداية الزجل  بدأت في الأندلس، ثم تطور من خلال زجالين عظام مثل: الشيخ الغباري، وابن عروس، والشيخ محمد النجار، وعبدالله النديم، وكذلك بيرم التونسي والذي لم تكن إضافته في "الزجل" فقط فحسب؛ وإنما في لغة الزجل نفسها، وقدرته على التصوير، وعلى استشراف مناطق شديدة الخصوصية في الحياة الاجتماعية المصرية، ويمكن أن يكون ذلك سببا في نفيه، فقد كان شعره مفارقا، وصادما، وكان قادرا في أن يصل إلى "مفاصل السلطة"، فضلا عن ذلك فقد كان هاضمًا للشارع المصري والعربي. أضف إلى ذلك الأشكال والأنواع التي اخترعها بيرم، فقد كانت إضافات بالغة، لأنه لم بقتصر على شكل بعينه، وإنما كتب تقريبا في كل الأشكال الزجلية، بل وتمرد عليها أحيانا، إذ اختار قوالب متعددة مثل: قالب الموال، والزجل، والأغنية، والنشيد، والمقامة، والقصة الزجلية" فهذه القوالب التي استخدمها لا يمكن أن نقول أن بيرم كان يركن إلى شكل بعينه، فقد عاش متمردا على الأشكال، ودائما ما كان يعدد وينوع، فطاقته كانت أكبر من شكل واحد أو مجموعة من الأشكال، إذ كان مجربًا لكل الأشكال الشعرية.

مشوار طويل

ويضيف شومان في حديثه لـ"صدى البلد" ويقول: بيرم هو ابن لمرحلة تاريخية واجتماعية مليئة بالأحداث، فقد زاعت شهرته عندما كتب قصائده الأولى وخاصة قصيدة "المجلس البلدي" والتي لاقت تفاعلا كبيرا جدا في تلك الفترة، إذ نشرها في جريدة الأهالي السكندرية، وقد وزعت من هذا العدد تحديدا حوالي 4000 نسخة ونفدت النسخ بشكل كامل، وكان ذلك دليلا على الصدى الكبير الذي كان يتلقاه بيرم من خلال قصائده، فقد برع في مخاطبة الناس، وهذا ما ميزه، وقد خرج على النمط الزجلي المعتاد، وهو لم يكتفي أيضا بكتابة الزجل فقد كتب روايات كثيرة، إذ ألف للسينما والمسرح العديد من الروايات مثل: "عزيزة ويونس، وشهرزاد، وعقيلة" وقد كتب "أوبريتات" مثل: "الباروكة"، بالإضافة إلى ذلك فقد كان له صور إذاعية مثل: "الظاهر بيبرس، وملحمة محمد عليّ، وكرسي البرلمان، وبنت بحري" فقد كتب الكثير من الأغاني، فما رصدته أنا شخصيا حوالي 432 أغنية، فعالم بيرم هو عالم شديد الغنى وبالتالي تفوق على الكثير من أقرانه والتي كانت تجاربهم  قليلة في الحياة، وقليلة في الشعر، وقليلة في الارتحال، لذلك فبيرم التونسي كان له مراحله الاجتماعية والسياسية، فارتحالاته تلك جعلته يحتك بثقافات كثيرة جدا، سواء في فرنسا أو تونس، وغيرها من البلاد التي رحل إليها خلال مشواره الطويل.

تاريخ الزجل

أما بخصوص الموسوعة التي أعمل عليها، فهي تركز على أسماء عدد من الزجالين، وهي تتناول التاريخ الزجلي المصري، ومنهم بيرم التونسي بالطبع، فكل شاعر من هؤلاء خصصت له سيرة ذاتية، وقصيدة واحدة دالة، ومن الصعب بالطبع أن نتحدث عن مئات الزجالين الذين لم ينالوا حظهم، فما يهم القاريء هو أن يتعرف على سيرتهم، وإنتاجهم، ثم عرض نموذج واحد لهؤلاء، فالموسوعة ستتكون من 6 أجزاء؛ أي إنها قد تتناول أكثر من ستمائة زجال، وأنا بالفعل في صدد الانتهاء من الجزء الأول منها، ومن ضمن هذا الجزء شاعر الشعب بيرم التونسي.