الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حياة مريرة.. كيف أثرت كورونا على السكان في غزة؟

قطاع غزة
قطاع غزة

زادت جائحة كورونا من حدة الحياة في قطاع غزة، حيث فرضت البطالة نفسها على غالبية الشباب دون تفرقة بين خريج جامعة أو غير متعلم، كما أصبح الفقر أصبح السمة الرئيسية للأجيال الجديدة، وحالة الإحباط واليأس تسيطر على نفسيتهم، وتقودهم إلى المخدرات أو محاولات الارتماء في المجهول عبر الهجرة غير الشرعية، فما الحكاية؟

كشفت جولة صحيفة "لوموند" الفرنسية داخل قطاع غزة، عن صورة قاتمة، فالمتاجر خالية من الزبائن، وكأن سكان القطاع الذي يبلغ 2 مليون مواطن، أصبحوا غير قادرين على شراء شيء.

الجميع يعيش على نظام "محاولة البقاء"، كمثل الطافي على الماء الذي يخرج بصعوبة أنفه ليتنفس، كل يوم يمر، تزداد صعوبة الحياة على سكان القطاع، وأغلبهم الشباب، فالحصار المفروض على قطاع غزة، والخلافات المتواصلة، لا يدفع ثمنها سوى السكان، الذي يجد أيامه تمر بين حقيقتين مؤكدتين، الفقر والبطالة.

زيادة البطالة

وفقا لإحصاءات البنك الدولي، ومؤسسات أخرى بشأن البطالة في قطاع غزة، قبيل بدء وباء كورونا، فإن 53% من السكان، يعيشون بدون عمل، وأن 70% من الشباب في بطالة. 

المعدلات تتفاقم بالنسبة للشباب الخريجين من الجامعات، إذ تصل البطالة بينهم نسبة 78%، الأمر الذي يجعل القطاع هو الأعلى معدل بطالة في العالم.

يأتي وباء كورونا ليفاقم الوضع، ويضيف معطلين جدد إلى الشارع، ويفقد الكثير من الشباب من الدخل الذي يكفي فقط للعيش. 

وتكشف بيانات مركز الإحصاء الفلسطيني، أن معدلات البطالة والفقر في غزة خلال الربع الثاني من عام 2021، قد وصلت إلى نسبة 89%.

تحت خط الفقر

تخلف البطالة، بالتأكيد فقر مدقع، وتكشف عن اقتصاد في سقوط حر وعلى حافة الانهيار، هذا ما تظهره الصورة في قطاع غزة: أكثر من 53% من الشعب يعيش تحت خط الفقر، وأن 4 من كل 5 مواطنين في القطاع يعيشون فقط على المساعدات التي يتلقونها، والدعم الخارجي الذي يصل القطاع عبر السلطة الفلسطينية أو الولايات المتحدة، الذين خفضتا وأوقفتا لمرات عديدة هذا الدعم بسبب الخلافات على سياسة حركة حماس وتشددها.

توضح البيانات الصادرة من البنك الدولي، أن عوائد قطاعي الزراعة والصناعة في القطاع، الذين يشكلان الدخل الرئيسي له، قد تهاوت خلال الفترة الأخيرة، لتمثل 13% فقط من نسبة العوائد. 

ورغم انخفاضها، لم تظهر أي أنشطة جديدة تعوضها. خلال عقدين، يرى سكان القطاع أعدادهم تتضاعف، بينما معدلات النمو في تراجع، فمنذ عام 1994، زاد عدد سكان القطاع بنسبة 230%، بينما لم يرتفع الناتج المحلي للقطاع سوى 2% فقط.

خلال عام كورونا، أغلق أكثر من 300 مصنعا في القطاع أبوابهما، في حين تعرضت 100 منشأة صناعية للتدمير خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل. يؤكد الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، في يوليو الماضي أن نحو 30 ألف من العمال انضموا للبطالة بين مايو ويونيه 2021 فقط.

تظهر الإحصاءات أيضا أن معدل دخل الفرد اليومي في قطاع غزة أصبح أقل من 2 دولار، وهو واحدا من أسوأ معدلات الدخل في العالم.

خلال العام الماضي، أعلنت السلطة الفلسطينية تخصيصها 1.4 مليار دولار من موازنتها فقط للقطاع. مقارنة هذه الحصة بعدد سكان غزة، البالغ 2 مليون مواطن على مدار عام، تكشف أنها غير كافية للبقاء على قيد الحياة، خلاف الخدمات اللازمة، لاسيما الكهرباء التي لا تأتي سوى لساعة أو ساعتين في اليوم.

مخدر الفقراء

مع هذا الوضع المتردي، والإحباط المستشري بين فئة الشباب، واستمرار الحصار والانقسام بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، تحول القطاع لبيئة خصبة لتناول المخدرات لاسيما بين فئة الشباب، لاسيما الترامادول، الذي يسمى "مخدر الفقراء".

تؤكد الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في قطاع غزة، أن 80% من متعاطي المخدرات في قطاع غزة من الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، موضحة أن 60% من المخدرات التي يتم ضبطها من نوع الترامادول، يأتي بعدها الحشيش بنسبة 60% وحبوب السعادة بنسبة 10%.

هذه الظروف المعيشية الصعبة، واليأس من حدوث أي تحسن في المستقبل، ينطلق آلاف الشباب وخريجي الجامعات في رحلة محفوفة بالموت والمغامرة، للخروج من القطاع، عبر الهجرة غير الشرعية على أمل تغيير مسيرة واقعهم إلى الأفضل، أو الموت، في سبيل المحاولة.

يوضح أحد الشباب الخريجين الجامعيين، الذي لم يجد عمل بدرجته العلمية، لوكالة "وفا" الفلسطينية، أنه يحاول ليلا ونهارا لجمع الأموال اللازمة للهجرة من القطاع. تشير الوكالة إلى أن الآلاف من سكان القطاع يبيعون مقتنياتهم ومقتنيات زوجاتهم، في سبيل تمويل رحلتهم للهرب من القطاع.

هذا الوضع البائس، يجعل الشباب يئن تحت وطأة ظروف أكبر من قدراتهم على تغييرها، ويجعله يبحث عن سعادة وهمية عبر المخدرات وحبوب السعادة، أما من يريد تغيير هذا الواقع، فعليه إلقاء نفسه في جحيم الهجرة غير الشرعية.