الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طرد جويل ماير يشعل غرب إفريقيا|هل تنهي قمة بروكسل صراع فرنسا ومالي

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

اندلعت أزمة دبلوماسية طاحنة بين فرنسا ومالي قام على إثرها النظام الحاكم في الدولة الإفريقية بـ طرد سفير الإليزيه في باماكو جويل ماير.

وغادر السفير الفرنسي في باماكو جويل ماير الأراضي المالية مطرودا بعد أن قطع النظام الحاكم في مالي آسمي غويتا الشك باليقين وأمهله 72 ساعة لمغادرة البلاد، في تطور بالغ السوء في العلاقات بين فرنسا ومستعمرتها السابقة التي حملت لعقود كثيرة اسم "السودان الفرنسي".

السفير الفرنسي
السفير الفرنسي

اشتعال الصراع بين فرنسا ومالي

وخرج حكام باماكو الجدد من العباءة الفرنسية، وغيروا لهجة الخطاب إلى المطالبة بمراجعة الاتفاقيات التاريخية مع فرنسا والتي رأوا أنها تنتقص بشكل كبير من سيادة مالي.

ولا توجد سابقة لهذه الخطوة في تاريخ العلاقة بين فرنسا ومالي، ولا يعرف لها سابقة أيضا في منطقة الغرب الأفريقي التي تتحكم فرنسا بنسبة كبيرة في قرارها السياسي وثرواتها منذ عقود من الزمن كما يقول عدد من أبنائها، ولكنها طرد سفير باريس في باماكو ينسجم مع موجة غضب شعبية واسعة تجاه فرنسا.

ووجه رئيس الوزراء المالي، شوجويل كوكالا مايجا، انتقادات لتصرف القوات الفرنسية في بلاده، متهما باريس بمساعدة جماعات انفصالية في شمال البلاد وتحريض دول الاتحاد الأوروبي ضد باماكو.

وقال مايجا، إن فرنسا من خلال ممثليها في جميع المؤسسات الدولية، تحاول عرقلة المشاريع التنموية في مالي، مشيرا إلى أن فرنسا لها تأثير على المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، وأنها تضغط على المجموعة من أجل إصدار عقوبات ضد باماكو.

وأضاف: "مالي تعتقد أن فرنسا تمتلك كافة المعلومات حول القرارات، التي ستتخذ في قمم دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وقادرة على التأثير على تلك القرارات وتوجيهها".

كما اتهم رئيس الوزراء المالي، فرنسا بانتهاك اتفاقيات التعاون العسكري، مشيرا إلى أنها قررت مغادرة القاعدة العسكرية في شمال البلاد دون إخطار الحكومة، ما دفع الأخيرة لمراجعة اتفاقية التعاون التي سمحت لفرنسا بإنشاء قاعدة عسكرية.

القائد المالي آسمي غويتا
القائد المالي آسمي غويتا

وأشار مايجا إلى أن "الحكومة الحالية في مالي حللت الوضع من خلال استخلاص الدروس من التاريخ، في ضوء التطورات التي شهدها العالم خلال العشرين أو الثلاثين سنة الماضية"، موضحا أن باريس "ما تزال تسعى للهيمنة على القارة الأفريقية".

لماذا طردت باماكو سفير باريس

وجاء قرار باماكو بطرد سفير الإليزيه ردا على تصريحات لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قال فيها إن "النظام الحاكم في مالي غير شرعي ويتخذ إجراءات غير مسؤولة"، وتصريحات أخرى لوزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي أكدت فيها أن "الوجود العسكري الفرنسي في مالي لا يمكن أن يستمر تحت أي ظرف".

وانتقد وزير الخارجية الفرنسي، النظام الحاكم في مالي واصفا إياه بأنه "غير شرعي" وقراراته "غير مسؤولة" بعدما دفعت السلطات في مالي الدنمارك إلى سحب كتيبتها من القوات الخاصة.

وأضاف لودريان في مؤتمر صحفي، مطلع الشهر الجاري، أن بلاده تتضامن مع رد فعل أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي "قررت بقوة وشجاعة معاقبة مالي".

كما أعلن الوزير الفرنسي أنه سيتم فرض عقوبات على قادة النظام الحاكم بـ مالي في إطار الاتحاد الأوروبي.

واستمرت العلاقات بين البلدين في التدهور منذ تولي النظام الحالي في باماكو السلطة في أغسطس 2020، حيث يغرق البلد الإفريقي منذ العام 2012 في أزمة أمنية وسياسية عميقة.

وفي يونيو الماضي، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنهاء عملية برخان في منطقة الساحل، وتقليص عدد قوات بلاده من 5100 عسكري إلى ما بين 2500 و3000 فرد، بالإضافة إلى الانسحاب تمامًا من مدن تيساليت وكيدال وتومبوكتو.

وزير الخارجية الفرنسي
وزير الخارجية الفرنسي

ورأت باماكو أن القرار الفرنسي تخليا عنها، بل إن رئيس وزراء مالي تشوغويل كوكالا مايغا شجب في حوار مع إذاعة فرنسا الدولية، في 27 سبتمبر الماضي، ما وصفه بـ"إعلان أحادي الجانب"، دون التنسيق الثلاثي مع الأمم المتحدة والحكومة المالية.

وفي هذا الصدد قال خالد شقير الصحفي المتخصص بالشأن الفرنسي، إن الأزمة بين فرنسا ومالي تأتي بسبب الصراع على إفريقيا التي كانت دائما وأبدا في قلب أولويات السياسة الفرنسية وهذا يجعلنا نفهم أهمية اللقاء القادم المنتظر بين أوروبا وإفريقيا ببروكسل، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بصفته رئيسا للإتحاد الأوروبي.

الصراع على إفريقيا والتحكم بها

وأضاف شقير في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن فرنسا والأوروبيين استشعروا الخطر بسبب تواجد قوات روسية بمالي ولهذا كانت هناك مواقف ورسائل مباشرة من خلال تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان بمهاجمة السلطة الانتقالية في مالي.

ولفت: "تضغط باريس بطريقة غير مباشرة على بعض الدول الإفريقية والتي أوقفت التعامل مع مالي فجاء رد فعل مالي بطرد السفير الفرنسي"، مشيرا إلى فرض الاتحاد الأوروبي في الرابع من فبراير الماضي، عقوبات على خمسة مسؤولين ماليين بينهم رئيس الوزراء الانتقالي لاتهامهم بإعاقة الانتقال السياسي في هذا البلد الذي يحكمه مجلس عسكري، وأن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي تقضي بتجميد أصول هؤلاء ومنعهم من دخول أراضي الاتحاد الأوروبي.

وقال شقير، إنه من خلال متابعته للصحف الفرنسية والتي تحدثت عن مسألة مستقبل عملية برخان التي طرحتها اليوميات بإلحاح غداة طرد سفير فرنسا في باماكو، قالت الصحف الفرنسية: "النظام الحاكم في مالي يدفع باتجاه إخراج فرنسا" عنوان مانشيت "لوموند"، بدورها اعتبرت "لوفيجارو" أن "فرنسا غير مرحب بها، على ما يبدو، في مالي بعد مضي تسع سنوات على استقبال قواتها بالترحاب".

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

وأضاف شقير، أن "لوفيجارو" تشير إلى أن "العلاقات بين باريس وباماكو بدأت بالتدهور منذ الإطاحة برئيس مالي في شهر مايو الماضي".

واختتم شقير حديثه بأن ما فاقم الأمور فيما بعد هو تراجع الكولونيل آسمي غويتا عن التزامه بتنظيم انتخابات واستعانته بمقاتلين أجانب ما اعتبرته باريس خطا أحمرا، حيث تشير"لوفيجارو" وقد نقلت عن أحد مصادرها أنه "من المرجح أن الكرملين يقف أيضا وراء محاولة إخراج القوة الدانمركية المشاركة بعملية برخان"، وهذا يظهر أن هناك توترا بين البلدين في تطور جديد تحاول فرنسا تفاديه.

القوات الفرنسية
القوات الفرنسية