الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوكرانيا تفجر الخلافات بين روسيا واليابان.. هل تنضم طوكيو لضحايا موسكو؟

القوات الأمريكية
القوات الأمريكية في بحر اليابان

أعربت اليابان، اليوم الثلاثاء، عن غضبها؛ عقب إعلان روسيا انسحابها من محادثات السلام معها، وتجميد مشاريع اقتصادية مشتركة تتعلق بـ جزر الكوريل المتنازع عليها؛ وذلك بسبب العقوبات التي تفرضها طوكيو على موسكو بسبب الهجوم الأخير على أوكرانيا والذي بدأ 24 فبراير الماضي.

وكان روسيا واليابان، لم ينتهيا من الأعمال العدائية التي تخللت الحرب العالمية الثانية، بشأن المواجهة حول الجزر الواقعة قبالة جزيرة هوكايدو في أقصى شمال اليابان والمعروفة في روسيا باسم جزر الكوريل وفي اليابان باسم الأقاليم الشمالية، حيث تم الاستيلاء على الجزر من قبل الاتحاد السوفييتي في نهاية الحرب العالمية الثانية.

جزر الكوريل

غضب اليابان من روسيا

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيانها إنه في ظل الظروف الحالية لا تنوي روسيا مواصلة المفاوضات مع اليابان بشأن معاهدة السلام، بسبب مواقف اليابان غير الودية علنا ومحاولاتها الإضرار بمصالح موسكو، فيما عارض رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بشدة قرار روسيا، واصفا إياه بأنه "غير عادل" و"غير مقبول على الإطلاق.

وأضاف: "هذا الوضع برمته خلقه الهجوم الروسي لأوكرانيا، ورد روسيا لدفع هذا الأمر إلى العلاقات اليابانية الروسية، غير عادل للغاية وغير مقبول على الإطلاق"، وأن "مواقف اليابان تجاه السعي للتوصل إلى معاهدة سلام لم تتغير واحتجت على الخطوة الروسية".

وتابع:"يجب على اليابان أن تواصل بحزم فرض عقوبات على روسيا بالتعاون مع بقية العالم".

جزر الكوريل

انسحاب روسيا من مفاوضات السلام

وكانت روسيا، قد انسحبت من محادثات إبرام معاهدة سلام مع اليابان، وجمّدت المشروعات الاقتصادية المشتركة المتعلقة بجزر الكوريل المتنازع عليها بسبب العقوبات التي فرضتها طوكيو على أوكرانيا، مما أثار رد فعل غاضباً من اليابان، حيث لم تنهي البلدان بشكل رسمي من الأعمال العدائية في الحرب العالمية الثانية بسبب المواجهة بخصوص الجزر الواقعة قبالة جزيرة هوكايدو في أقصى شمال اليابان، والمعروفة في روسيا باسم الكوريل.

حرب أوكرانيا أفسدت العلاقات الروسية اليابانية

كل هذه الخلافات، حدثت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، فكانت تصريحات العام الماضي تشير إلى تقارب شديد في وجهات النظر بين موسكو وطوكيو بشأن جزر الكوريل، وقد قال في هذا الوقت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن كلاً من طوكيو وموسكو تريدان علاقات جيدة، وإنه من العبث أنهما لم يتوصلا إلى اتفاق سلام بعد.

ووصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خطابه الذي ألقاه في إطار منتدى الشرق الأقصى الذي عقد بمدينة فلاديفوستوك، العام الماضي، إن غياب معاهدة السلام بين روسيا واليابان أمر غير منطق، موضحا أن كلامه لا يغير من وجهة نظر روسيا تجاه جزر الكوريل الجنوبية وأنها جزء من الأراضي الروسية إلى الأبد.

منظومات صاروخية روسية في جزر الكوريل

وأكد الرئيس الروسي أنه من المهم بالنسبة لروسيا أن تكون لديها ضمانات بعدم نشر المنظومات الصاروخية الأمريكية بالقرب من الحدود الروسية، مشددا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الحقائق القائمة، وتنحصر إحداها في أنه يجب على موسكو خلال الحوار حول معاهدة السلام أن تضمن مستقبلا سلميا، ويعني ذلك: "أننا يجب أن نكون مضمونين من مفاجآت متعلقة بالنشر المحتمل للقوات الأمريكية، ولا سيما المنظومات الصاروخية الضاربة بالقرب من حدودنا".

وشدد بوتين في الوقت ذاته على اهتمام كلا البلدين بتطبيع العلاقات الثنائية بينهما بالكامل.

وجهات نظر مختلفة

وترى اليابان أن جزر كوناشير وشيكوتان وإيتوروب وهابوماي الروسية هي جزر يابانية، وذلك اعتمادا على معاهدة 1855 الثنائية للتجارة والحدود، وجعلت طوكيو عودة هذه الأراضي شرطا لتوقيع معاهدة سلام مع موسكو، لم يتم توقيعها بين البلدين في نهاية الحرب العالمية الثانية، وينحصر موقف روسيا في هذا المجال في أن جزر الكوريل الجنوبية أصبحت جزءا من الاتحاد السوفيتي وفق النتائج الرسمية للحرب العالمية الثانية، والسيادة الروسية عليها لا شك فيها.

وكان الرئيس بوتين، قد أكد في تصريحات سابقة أن جزر الكوريل شأنها شأن "شبه جزيرة القرم"، وتعتبر "جزءاً لا يتجزأ من أراضي روسيا الاتحادية"، ولا يجوز بحكم الدستور المساس به، أو طرحها موضوعاً لأية مناقشات أو جدل مع أية جهات خارجية.

زيارة بوتين لليابان

زيارة بوتين لليابان وتفسير موقف موسكو

ويذكر المراقبون أيضا ما قاله بوتين خلال الزيارة الأولى له لليابان بعد توقف دام 11 عاماً، وكانت الزيارة في ديسمبر 2016، وشكك بوتين وقتها في مشروعية مطالب اليابان بشأن جزر الكوريل، مؤكداً أنها طالما كانت متنازعاً عليها، وتدين اليابان باكتشاف وجودها إلى الروس.

واستعرض بوتين ما يذكره التاريخ بأن إن الأدميرال بوتياتين وهو من مواليد سان بطرسبورغ، أبلغ اليابان في عام 1855 بموافقة الحكومة الروسية والإمبراطور على تسليم جزر أرخبيل كوريل التي كانت مملوكة لروسيا لأنها التي اكتشفتها، إلى اليابان مقابل توقيع معاهدة سلام بين البلدين.

وأوضح أن اليابان لم تكتف فقط بهذه الجزر، حيث استولت بعد انتصارها على روسيا في الحرب التي نشبت بين البلدين عام 1905 على نصف جزيرة سخالين المجاورة، بل وحصلت بموجب اتفاق بورتسموث على حق إجلاء السكان الروس من هذه الأراضي.

وبالرغم مما قال الرئيس الروسي إلا أنه وقع 12 اتفاقاً حكومياً مشتركاً و68 من العقود التجارية بين المؤسسات الروسية واليابانية، غير أن كل هذه الاتفاقات والعقود وما جرى من لقاءات بين بوتين ورئيس الوزراء الياباني خلال الفترات اللاحقة والتي بلغ عددها تسعة لقاءات لم تسفر عن نقلة نوعية أو تطور جذري، يمكن أن يسهما في التوصل إلى الاتفاق المنشود، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد من سوء الوضع، وتنسحب روسيا رسميا من مفاوضات السلام بين البلدين.

جزر الكوريل

أصل النزاع بين اليابان وروسيا

ولليابان تاريخ طويل، في محاولة إقناع القادة الروسي بشأن الجزر التي خسرتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكنها لم تفلح في أي محاولة، وكان الزعيم السوفياتي ميخائيل جورباتشوف على شفا توقيع الحلول الوسط التي طرحتها طوكيو، مرفقة بمساعدات اقتصادية ضخمة خلال الزيارة الرسمية التي قام بها لليابان في أبريل 1991، ولكن لم تفلح.

وفي عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مضت اليابان لما هو أبعد وأجرت محادثات معه، وهي المحادثات التي خلصوا فيها إلى حلول مقبولة من كلا الطرفين، بحسب تقديرات الجانب الياباني، وتقضي باقتسام الجزر واستعادة اليابان لاثنتين منهما بموجب الإعلان المشترك الذي وقعه الجانبان في 1956، عندما أكد الجانب الياباني وقتها أن هذا الإعلان المشترك ينص ضمناً على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تمهيداً للاعتراف بإنهاء حال الحرب وتوقيع معاهدة السلام بين البلدين، والنظر في تسليم جزيرتي "هابوماي" و"شيكوتان".

المناورات الأمريكية في بحر اليابان

التدخل الأمريكي أفسد عملية السلام

ولكن رجع الاتحاد السوفيتي، عن إعلام 1956، عندما أبرمت اليابان معاهدة التعاون العسكري مع الولايات المتحدة في عام 1960، وهي المعاهدة التي تقضي بإنشاء قواعد عسكرية أميركية في الأراضي اليابانية.

ومع ذلك طرح الرئيس فلاديمير بوتين استعداد بلاده لتوقيع معاهدة السلام الروسية - اليابانية على أساس الإعلان المشترك الصادر في عام 1956، الذي ينص على إعلان نهاية الحرب وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن بعيداً من بند النظر في تسليم جزيرتي "هابوماي" و"شيكوتان" مع ضرورة الالتزام بعدم المساس بسيادة روسيا على أي من هذه الجزر الأربع، مشيرا إلى أن تغير الظروف "الجيوسياسية" في المنطقة، وعدم تطبيق ما سبق ووقعت عليه موسكو وطوكيو في إشارة إلى الإعلان المشترك في عام 1956 الذي كان يقضي بالموافقة على تسليم الاتحاد السوفيتي جزيرتي "شيكوتان" و"هابوماي" بعد توقيع معاهدة السلام بين البلدين، ولكن لم يحدث بسبب المعاهدة الأمريكية اليابانية عام 1960.