الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أرواح خلدها رمضان.. خاطرة الإمام الشعراوي -1

محمد الغريب كاتب
محمد الغريب كاتب صحفي بموقع صدى البلد

ولد الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، إمام الدعاة ووزير الأوقاف الأسبق، في قرية دقادوس التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وللمصادفة الجليلة أن تحل ذكرى مولده مع شهر القرآن الكريم، ففي منتصف إبريل من العام 1911 كانت ولادته، وكان الرحيل بعد انتصاف يونيو من العام 1998، في جنازة شعبية لازلت أتذكر مشهدها الذي تناقلته شاشات التلفزيون المصري، وقد كنت حينها طفلاً في المرحلة الابتدائية.


أظل واقفاً متأملاً حينما أسمعه يقول في افتتاحية خاطرته التي تذيعها إذاعة القرآن الكريم كل يوم: خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن، وانما هي هبات صفائية تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره، لانه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل وله ظهرت معجزاته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم احكام التكليف في القرآن الكريم وهي افعل ولا تفعل.


وربما لم ينل جيلي شرف اللقاء المباشر مع فضيلة الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي أو الجلوس بين يديه، وأن ينهل من فيض أفاء الله به عليه من العلم والخواطر ما جعله أستاذاً لا ينازعه أحد في مجال التدبر والتفكر في بحار العربية التي أعيت أهل الفصاحة حين خاطبتهم في عهد الرسول الخاتم والهادي البشير محمد صلى الله عليه، فكان لإمام الدعاة ما كان من خواطر تتلألأ في تبسيط معاني القرآن الكريم.


وقد يحل علينا رمضان شهر الرحمة والقرآن عاماً تلو آخر، وقد رحل عنا الشيخ الشعراوي بجسده إلا أن روحه وكلماته وعلمه الجم لايزل وجبة دسمة على مائدة إفطارنا جيل تلو آخر لا يكل ولا يمل من سماع خواطره، فكان له خلوداً روحياً في رمضاننا بأطيب الذكر، وإن كان لمدرسة التلاوة المصرية عصائب دون عصائب من القراء في معين لا ينضب أبداً مع الفارق في تفوق أولها عن آخرها، إلا أن مدرسة التدبر والتفسير قد يشوبها كثير من العقم في أن تنجب من يقول ها أنا ذا فارساً أقرب أو أتفوق على الإمام، فهو بحق حالة فريدة من نوعها وإن شئت أن تجعله تالياً لمدرسة التفسير الأولى من رعيل الصحابة فسيكون قد وفى قدره.


خواطر الإمام الراحل التي ترفع أن يضعها في مصاف تفسير كتاب الله تبارك وتعالى، ودأب على أن يجعلها كلمات مبسطة سهلة ميسرة تقذف بكلمات الوحي إلى أضيق شرايين القلب فتسكنها، تجعلك تتأمل وتتدبر وكأنك ما قرأت في كتاب الله يوماً وما تبحرت في تفاسيره على تنوعها لتقفوا أثر هذا المعنى الذي أرشدك إليه بسلاسته المعهودة وعلمه الجم فلله أدبه وبساطته وتواضعه الذي تفتقر إليه في كثير من أدعياء العلم.


وفي ظل الحاجة الملحة لقدوة رمضانية نقفوا إثرها ويعلم الجيل الحالي، ومن يعقبه كيف يكون لرمضان روحانيات عظيمة كتلك التي عاشها من عاصر الإمام، وما قدره الله تبارك وتعالى لي ولجيلي من نعمة الإنصات والاستماع بل ورؤيته في شاشات التلفاز وعبر المنصات المختلفة فإن اقتفاء أثره سبيل لفهم كتاب الله دون مبالغة أو إهمال فإن الله جعل لهذه الأمة من يصحح لها دينها، وأحسب على الله أن يكون الراحل منهم، وأسأله تبارك وتعالى أن يجعل ما قدم في ميزان حسناته ".. رحم الله إمام الدعاة.