الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العالم يترقب.. ماذا لو انتُخبت لوبان رئيسة لفرنسا؟

العالم يترقب .. ماذا
العالم يترقب .. ماذا لو انتُخبت لوبان رئيسة لفرنسا؟

ساعات تفصلنا عن جولة الإعادة الحاسمة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، حيث تواجه مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف، الرئيس إيمانويل ماكرون المنتهية ولايته، في وقت يترقب العالم نتائج الاقتراع وسط مخاوف من "كابوس" يهز أوروبا بأكملها ويغير خارطة التحالفات الغربية.

ورغم أن المؤشرات تصب في صالح ماكرون، تترقب دول العالم بقلق، خاصة العواصم الأوروبية، الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية التي تجري يوم 24 أبريل، خوفا من وصول اليمين المتطرف للإليزيه، ما سيكون بمثابة زلزالا تمتد تداعياته في أوروبا ومحيطها الإقليمي والدولي.

ماذا لو فازت لوبان؟

ترك حصول مارين لوبان على نحو 23% من الأصوات بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، تساؤلات بشأن تداعيات فوزها على فرنسا، وعلى علاقات باريس بالعالم، خاصة أوروبا وروسيا والشرق الأوسط.

أعدت لوبان برنامجا انتخابيا يتضمن تدابير ستتخذها عام 2022، حال انتخابها رئيسة لفرنسا، يتضمن وقف الهجرة غير المنضبطة، و"اجتثاث الأيديولوجيات الإسلاموية وكل شبكاتها من الوطن"، ومنح أولوية لمسألة الأمن.

وتعرف زعيمة حزب التجمع الوطني، بمواقفها المتشددة تجاه المهاجرين والمسلمين، وأكدت أن "عدم كبح الهجرة منذ سنوات أدى إلى استحالة اندماج الأجانب المقيمين في فرنسا، وأسفر عن نزعة انفصالية"، محذرة من "عواقب دراماتيكية في أوروبا وفرنسا".

كما تثير لوبان مخاوف دول الاتحاد الأوروبي، خاصة ألمانيا وبلجيكا، بسبب اختلاف سياستها بشأن صلاحيات التكتل والتعاون مع برلين، فضلا عن موقفها من الحرب الأوكرانية وروسيا.

حظر الحجاب

تصر لوبان على تشددها تجاه الحجاب، مؤكدة أنه "حال انتخابها فإنها ستفرض غرامة على النساء اللواتي ترتدينه في الأماكن العامة".

وقالت خلال المناظرة الرئاسية أمام ماكرون إنها تتمسك "بحظر حجاب الرأس الإسلامي"، معتبرة إياه "زيا موحدا فرضه الإسلاميون"، لكنها أكدت أنها "لا تحارب الإسلام".

بينما رد ماكرون متهمها إياها بدفع البلاد نحو "حرب أهلية"، مضيفا "سوف تتسببين بإشعال حرب أهلية.. أقول ذلك بصدق".

والأسبوع الماضي، واجهت مارين لوبان سيدتان محجبتان خلال زيارة نارية لسوق للمواد الغذائية في جنوب فرنسا، حيث سألتها سيدة ترتدي حجابا أبيضا "ما علاقة الحجاب بالسياسة؟".

ودخلت لوبان في نقاش حاد مع السيدة، زاعمة أن الحجاب مخالفة وتمييزا للمرأة، وأنها لا تريد رؤية ذلك في فرنسا، وقالت المرشحة إنه في بعض المناطق يتم "عزل" النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب وتتم "محاكمتهن".

واحتد امرأة جزائرية الأصل تبلغ 70 عاما على المرشحة اليمينية، وسألتها عن سبب تأييدها لمنع الحجاب، فردت لوبان قائلة إن الحجاب "لباس موحد تم فرضه بمرور الوقت من قبل أشخاص لديهم رؤية متطرفة للإسلام".

وفي وقت سابق، قالت لوبان في مقابلة لقناة "بي أف أم" إن"وضع الحجاب في الأماكن العامة في فرنسا يجب أن يعد مخالفة تستوجب أن تفرض الشرطة غرامة عليها تماماً مثل مخالفة المرور"، واصفة الحجاب بأنه "زي موحد".

على جانب آخر، هاجمت لوبان مجددا طريقة ذبح الحيوانات وفقا للشرائع الدينية، حيث وعدت  بالاستجابة لمطلب وقف ذبح الحيوانات على الطريقة اليهودية والإسلامية، حال فوزها بالانتخابات.

وذكرت لوبان أن ذلك لا يعني منع بيع اللحم الحلال و "الكوشير" لأنها سترخص باستيراد اللحوم التي يتناولها المسلمون واليهود، موضحة أنه لن يتم إلغاء محال بيع اللحم الحلال والكوشير.

مخاوف أوروبية من فوز لوبان

طرحت لوبان مواقفها بشأن السياسة الخارجية، منها رفض انتهاج سياسة "تبعية" لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، منتقدة "نوعاً من الخضوع" إزاء الصين، داعية إلى تطوير "شراكة مع اليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى كثيرة".

وتقول المرشحة الرئاسية إنها ستعمل على استعادة الدبلوماسية السرية "الفعالة"، عكس دبلوماسية "الثرثرة" التي اتهمت ماكرون بانتهاجها.

واعتبرت أن لبنان من "أولوياتها"، ودافعت عن الفرنكوفونية و"مسيحيي الشرق"، كما طالبت  باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، ودافعت عن حل الدولتين لتسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، مرحبة بالتقارب بين إسرائيل وبلدان عربية.

وفي دعم واضح لماكرون، يكشف مدى القلق الأوروبي من سقوطه بجولة الإعادة، أعلن  المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيسا حكومتي إسبانيا والبرتغال، سانشيز وكوستا، دعمهم للرئيس ماكرون، داعين الفرنسيين لإعادة انتخابه.

وفي مقال رأي مشترك بعدد من الصح، حذر زعماء يسار الوسط في ألمانيا وإسبانيا والبرتغال، من مخاطر فوز اليمينية المتطرفة مارين لوبان.

وجاء في المقال المنشور بعدد من الصحف الأوروبية، أن الفرنسيين أمام اختيار بين "رئيس منتهية ولايته يقدر الديمقراطية والسيادة والحرية وسيادة القانون ومتطرفة تقف إلى جانب مستبدين مثل بوتين".

وأكد زعماء ألمانيا والبرتغال وإسبانيا في المقال المنشور، أن "الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية لا يمكن أن تكون انتخابات عادية بالنسبة لنا.. الخيار الذي أمام الشعب الفرنسي خطير، بالنسبة لفرنسا ولكل فرد منا في أوروبا".

وكتبوا "الاختيار هو بين مرشح ديمقراطي يؤمن بأن قوة فرنسا ستمتد إلى اتحاد أوروبي قوي ومستقل.. ومرشحة يمينية متطرفة تقف بكل صراحة إلى جانب أولئك الذين يعتدون على حريتنا وديمقراطيتنا وقيمنا المستندة لأفكار التنوير الفرنسية".

العلاقات مع روسيا

خلال المناظرة الرئاسية أمام ماكرون، قالت لوبان إنه ينبغي لأوروبا ألا تحظر استيراد النفط والغاز من روسيا.

وأوضحت أنها توافق على العقوبات ضد نخبة رجال الأعمال الأثرياء الروس والنظام المالي لكنها لا توافق على الإجراءات المرتبطة بالطاقة.

وأشارت المرشحة اليمينة إلى أن "العقوبة الوحيدة التي اختلف معها هي وقف استيراد الغاز والنفط الروسيين.. ذلك ليس الأسلوب الصائب".

واستغل ماكرون المناظرة لاتهام منافسته بالسعي لإخراج فرنسا من الاتحاد، فيما نفت لوبان قائلة إنها "تريد تطوير المنظومة الأوروبية".

واعتبر الرئيس المنتهية ولايته أن جولة الإعادة بمثابة استفتاء مع أو ضد أوروبا، وقال لمنافسته "أنت غير واضحة.. مشروعك لا يسمى الأشياء بمسمياتها.. لكنه يتمثل في الخروج من أوروبا".

واستغل ماكرون القرض الذي حصل عليه حزب لوبان لحملتها في انتخابات 2017 من بنك روسي للهجوم على غريمته، قائلا أنت تعتمدين على القوة الروسية وتعتمدين على السيد بوتن".

وفي 2017، حصل حزب لوبان على قرض ممول من بنك روسي ومازال تسديده جاريا، وكررت المرشحة عزمها رفع العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا إثر ضمها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية.

وفي مقابلة سابقة، قالت لوبان إن "أوكرانيا جزء من دائرة النفوذ الروسي، وهذه حقيقة.. وإذا كنتم تحاولون القول إن روسيا تمثل خطرا عسكريا على الدول الأوروبية، فإنني أعتقد أنكم تخطئون التحليل".

وأشارت إلى أن "روسيا لا تستحق أن تعامل بإجحاف.. ما دامت لم تشن حملات ضد الدول الأوروبية أو ضد الولايات المتحدة".

في المقابل، تصف لوبان الانتقادات التي تتهمها بتقربها الشديد من روسيا، بمثابة محاكمة غير عادلة، مؤكدة أنها لم تكن تدافع سوى عن مصالح فرنسا.

وعقب المناظرة الرئاسية، أظهر استطلاع للرأي نشرته محطة "بي إف إم" التلفزيونية، أن 59% من المشاهدين يرون أن ماكرون أكثر إقناعا من لوبان، لكن من غير الواضح كيف ستترجم هذه النتيجة في صناديق الاقتراع يوم الأحد المقبل.