الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

توتر بين روسيا واليابان..هل تشعل جزر الكوريل الحرب العالمية الثانية من جديد؟

توتر العلاقات بين
توتر العلاقات بين روسيا واليابان

ظهر على سطح مشهد الخلافات السياسية، النزاع حول جزر الكوريل بين روسيا واليابان من جديد، حيث وصفت الأخيرة في الكتاب الأزرق الدبلوماسي لعام 2022، الذي أصدرته وزارة الخارجية، الجزر الأربع المتنازع على ملكيتها مع موسكو، بأنها محتلة بشكل غير قانوني من روسيا، وذلك يعد أقوى وصف للنزاع بينها وبين روسيا بشأن الجزر.

وقالت اليابان في الكتاب الأزرق الدبلوماسي: "الأراضي الشمالية هي جزر تخضع لسيادة اليابان، وجزء لا يتجزأ من من أراضيها، وهي الان تخضع لاحتلال غير قانوني من روسيا"، لم يرد في الكتاب الأزرق منذ 2003، مثل هذه العبارات بأنه احتلال غير قانوني.

توتر العلاقات الروسية اليابانية

الكرملين يرد على اليابان

من ناحية أخرى، رد المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، على التصريحات اليابانية، بأن كل الجزر الأربع في جنوب أرخبيل الكوريل على الحدود مع اليابان ستبقى جزءا لا يتجزأ من أراضي روسيا.

وحذر العديد من المتابعين، من استحضار الأعمال العدائية التي تعود إلى الحرب العالمية الثانية، حيث أن اليابان وروسيا، لم ينتهيا من الأعمال العدائية التي تخللت الحرب العالمية الثانية، بشأن المواجهة حول الجزر الواقعة قبالة جزيرة هوكايدو في أقصى شمال اليابان والمعروفة في روسيا باسم جزر الكوريل وفي اليابان باسم الأقاليم الشمالية، حيث تم الاستيلاء على الجزر من قبل الاتحاد السوفييتي في نهاية الحرب العالمية الثانية، ويتخوف المراقبون من أن يقود التصعيد بين الطرفين لتفجير أزمة أخرى على هامش الأزمة الأوكرانية.

أزمة عالقة منذ الحرب العالمية الثانية

وتعد أزمة جزر الكوريل، من أبرز الملفات العالقة من الحرب العالمية الثانية، ولم تنتهي بعد، في هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي بسام البني، إن جزر الكوريل، هي أزمة عالقة ولا يوجد حتى الآن اتفاقية سلام، أو إنهاء حالة الحرب بين روسيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، مؤكدا أن روسيا تعتبر الجزر جزءا لا يتجزأ من أراضيها.

وأضاف البني، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن الرئيس بوتين عندما زار اليابان في وقت سابق، قد طرح عقد اتفاقية سلام دون شروط مسبقة، لإنهاء حالة الحرب، وبعد ذلك يتم مناقشة قضية الجزر وحلها، لكن اليابان لم تتجاوب مع هذا الاقتراح وقتها، وأصرت على إعادة الجزر إلى السيادة اليابانية، فيما يعد هذا الأمر مرفوض كليا من جانب روسيا.

جزر الكوريل

إمكانية الحرب بين روسيا واليابان

أما عن احتمالية اندلاع حرب بين البلدين بشأن الجزر، أكد المحلل السياسي بسام البني، إن اليابان لا تجرأ على القيام بحرب ضد روسيا، لأن اليابان قوة عسكرية ضعيفة مقارنة بالدب الروسي، أما إذا كانت ستصعد، فبالتأكيد هذا التصعيد، يأتي بتحريض من الولايات المتحدة الأمريكية، عبر حملة تشوية سمعة روسيا، لاضعافها واستنزافها كما يخطط زعماء الغرب.

واختتم: كل الاحتمالات واردة، ولكن من المؤكد أن اليابان لن تدخل بحرب مع روسيا بشأن جزر الكوريل، لأنها تذكر تماما كيف انتهت الحرب العالمية الثانية.

تاريخ النزاع بين روسيا واليابان

وترى اليابان أن جزر كوناشير وشيكوتان وإيتوروب وهابوماي الروسية هي جزر يابانية، وذلك اعتمادا على معاهدة 1855 الثنائية للتجارة والحدود، وجعلت طوكيو عودة هذه الأراضي شرطا لتوقيع معاهدة سلام مع موسكو، لم يتم توقيعها بين البلدين في نهاية الحرب العالمية الثانية، وينحصر موقف روسيا في هذا المجال في أن جزر الكوريل الجنوبية أصبحت جزءا من الاتحاد السوفيتي وفق النتائج الرسمية للحرب العالمية الثانية، والسيادة الروسية عليها لا شك فيها.

وكان الرئيس بوتين، قد أكد في تصريحات سابقة أن جزر الكوريل شأنها شأن "شبه جزيرة القرم"، وتعتبر "جزءاً لا يتجزأ من أراضي روسيا الاتحادية"، ولا يجوز بحكم الدستور المساس به، أو طرحها موضوعاً لأية مناقشات أو جدل مع أية جهات خارجية.

زيارة بوتين لليابان

زيارة بوتين لليابان وتفسير موقف موسكو

ويذكر المراقبون أيضا ما قاله بوتين خلال الزيارة الأولى له لليابان بعد توقف دام 11 عاماً، وكانت الزيارة في ديسمبر 2016، وشكك بوتين وقتها في مشروعية مطالب اليابان بشأن جزر الكوريل، مؤكداً أنها طالما كانت متنازعاً عليها، وتدين اليابان باكتشاف وجودها إلى الروس.

واستعرض بوتين ما يذكره التاريخ بأن إن الأدميرال بوتياتين وهو من مواليد سان بطرسبورغ، أبلغ اليابان في عام 1855 بموافقة الحكومة الروسية والإمبراطور على تسليم جزر أرخبيل كوريل التي كانت مملوكة لروسيا لأنها التي اكتشفتها، إلى اليابان مقابل توقيع معاهدة سلام بين البلدين.

وأوضح أن اليابان لم تكتف فقط بهذه الجزر، حيث استولت بعد انتصارها على روسيا في الحرب التي نشبت بين البلدين عام 1905 على نصف جزيرة سخالين المجاورة، بل وحصلت بموجب اتفاق بورتسموث على حق إجلاء السكان الروس من هذه الأراضي.

وبالرغم مما قال الرئيس الروسي إلا أنه وقع 12 اتفاقاً حكومياً مشتركاً و68 من العقود التجارية بين المؤسسات الروسية واليابانية، غير أن كل هذه الاتفاقات والعقود وما جرى من لقاءات بين بوتين ورئيس الوزراء الياباني خلال الفترات اللاحقة والتي بلغ عددها تسعة لقاءات لم تسفر عن نقلة نوعية أو تطور جذري، يمكن أن يسهما في التوصل إلى الاتفاق المنشود، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد من سوء الوضع، وتنسحب روسيا رسميا من مفاوضات السلام بين البلدين.

جزر الكوريل

أصل النزاع بين اليابان وروسيا

ولليابان تاريخ طويل، في محاولة إقناع القادة الروسي بشأن الجزر التي خسرتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكنها لم تفلح في أي محاولة، وكان الزعيم السوفياتي ميخائيل جورباتشوف على شفا توقيع الحلول الوسط التي طرحتها طوكيو، مرفقة بمساعدات اقتصادية ضخمة خلال الزيارة الرسمية التي قام بها لليابان في أبريل 1991، ولكن لم تفلح.

وفي عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مضت اليابان لما هو أبعد وأجرت محادثات معه، وهي المحادثات التي خلصوا فيها إلى حلول مقبولة من كلا الطرفين، بحسب تقديرات الجانب الياباني، وتقضي باقتسام الجزر واستعادة اليابان لاثنتين منهما بموجب الإعلان المشترك الذي وقعه الجانبان في 1956، عندما أكد الجانب الياباني وقتها أن هذا الإعلان المشترك ينص ضمناً على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تمهيداً للاعتراف بإنهاء حال الحرب وتوقيع معاهدة السلام بين البلدين، والنظر في تسليم جزيرتي "هابوماي" و"شيكوتان".

المناورات الأمريكية في بحر اليابان

التدخل الأمريكي أفسد عملية السلام

ولكن رجع الاتحاد السوفيتي، عن إعلام 1956، عندما أبرمت اليابان معاهدة التعاون العسكري مع الولايات المتحدة في عام 1960، وهي المعاهدة التي تقضي بإنشاء قواعد عسكرية أميركية في الأراضي اليابانية.

ومع ذلك طرح الرئيس فلاديمير بوتين استعداد بلاده لتوقيع معاهدة السلام الروسية - اليابانية على أساس الإعلان المشترك الصادر في عام 1956، الذي ينص على إعلان نهاية الحرب وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن بعيداً من بند النظر في تسليم جزيرتي "هابوماي" و"شيكوتان" مع ضرورة الالتزام بعدم المساس بسيادة روسيا على أي من هذه الجزر الأربع، مشيرا إلى أن تغير الظروف "الجيوسياسية" في المنطقة، وعدم تطبيق ما سبق ووقعت عليه موسكو وطوكيو في إشارة إلى الإعلان المشترك في عام 1956 الذي كان يقضي بالموافقة على تسليم الاتحاد السوفيتي جزيرتي "شيكوتان" و"هابوماي" بعد توقيع معاهدة السلام بين البلدين، ولكن لم يحدث بسبب المعاهدة الأمريكية اليابانية عام 1960.