الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حصاد 3أشهر من الحرب الروسية الأوكرانية..خسائر فادحة للطرفين واليابان تدخل على الخط

الحرب بين روسيا وأوكرانيا
الحرب بين روسيا وأوكرانيا

دخلت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، شهرها الثالث، في ظل تقدم للقوات الروسية شرقا ناحية إقليم دونباس، بعدما أعلنت روسيا أنها ستركز عملياتها في هذه المنطقة، بينما قالت وزارة الدفاع البريطانية، اليوم الثلاثاء، في آخر تقدير للموقف العسكري، إن الجيش الروسي، استولى على مدينة كريمينا، ويحاول محاصرة المواقع الأوكرانية المحصنة بشدة في شرق البلاد.

أما على الساحة الدولية، فتستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها، في إطار سياسة الضغط على روسيا، لتضييق الخناق على موسكو وتشتيت جهودها فيما بين معالجة الاقتصاد أو جبهة القتال المشتدة في أوكرانيا بسبب الدعم الغربي بالاسلحة والأموال لكييف، ومؤخرا يمكن أن تظهر جبهة جديدة ولكن في الشرق بعدما أثارت اليابان مؤخرا الأزمة العالقة في جزر الكوريل المتنازع عليها بين طوكيو وموسكو، كل هذا في إطار حصار وتشتيت الدب الروسي.

في هذا التقرير نستعرض أبرز مستجدات الحرب الروسية الأوكرانية، والأحداث المتعلقة بها على الساحة العالمية.

روسيا تتقدم بخطى ثابتة شرقا

وفقا لآخر تقدير موقف نشرته وزارة الدفاع البريطانية، فقد استمرت حرب الشوارع لعدة أيام في مدينة كريمينا، والتي تقع في مقاطعة لوجانسك بإقليم دونباس، واليوم وردت أنباء عن سقوط المدينة، بالتزامن مع وقوع معارك عنيفة جنوبي إيزيوم، كما تحاول القوات الروسية التقدم نحو مدينتي سلوفينسك وكراماتورسك من الشمال والشرق.

وأكدت وزارة الدفاع البريطانية أن القوات الأوكرانية، تجهز دفاعات في زابوريجيا استعدادا لهجوم روسي محتمل من الجنوب، موضحة أن القوات الروسية حققت تقدما طفيفا في بعض المناطق منذ أن حولت تكيز عملياتها على منطقة دونباس، أما في نطاق الجنوب ناحية ماريوبول، قالت المخابرات العسكرية البريطانية، إن دفاعات أوكرانيا استنفذت العديد من الوحدات الروسية، وقلل فاعليتها القتالية.

الحرب بين روسيا وأوكرانيا

مقتل 500 جندي وتدمير منظومات إس 300

من جانبها أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الثلاثاء، إن قواتها الجوية أصابت 87 هدفا عسكريا في أوكرانيا، خلال الليلة الماضية، ما أدى لمقتل 500 جندي أوكراني، كما ودمرت القوات الصاروخية منظومتين "إس-300" للدفاع الجوي ومنصة لإطلاق صواريخ "توتشكا أو" التكتيكية.

كما أصابت الصواريخ والمدفعية الروسية 37 موقعا للقيادة و114 معقلا للقوات الأوكرانية و983 منطقة لتركز القوى العاملة والمعدات العسكرية و139 موقعا للمدفعية الأوكرانية و21 مستودعا للذخيرة.

ومنذ بدء العملية الروسية تم تدمير: 141 طائرة و110 مروحيات و583 مسيرة دون طيار و269 منظومة مضادة للطائرات و576 2 دبابة ومركبات قتالية مصفحة أخرى و287 راجمة صواريخ و111 1 مدفعية ومرابط هاون فضلا عن 392 2 وحدة عسكرية خاصة".

الحرب بين روسيا وأوكرانيا

أوكرانيا تعلن إجمالي خسائر روسيا

من جانبها أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية، أن إجمالي الخسائر القتالية التقريبية للجيش الروسي بين يومي 24 فبراير و26 أبريل بلغ حوالي 22 ألفا و100 جندي و918 دبابة و2308 مركبات قتالية مدرعة و416 من الأنظمة المدفعية و149 من أنظمة الصواريخِ متعدّدِ الانطلاقِ و69 من أنظمة الدفاع الجوي و184 طائرة و154 مروحية و1643 مركبة و8 سفن وقوارب و76 خزان وقود و205 طائرات بدون طيار من المستوى التشغيلي والتكتيكي و31 وحدة من المعدات الخاصة و4 أنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى".

وأعلنت السلطات الأوكرانية أن صاروخين من طراز كروز حلقا على ارتفاع منخفض صباح اليوم الثلاثاء فوق محطة الطاقة النووية زابوريجيا، كما تواصل القصف على المنطقة.

أزمة الكوريل تلوح بالأفق

وفي ظل المشهد المعقد في أوروبا والغرب، تظهر على السطح، أزمة أخرى عالقة منذ الحرب العالمية الثانية، ولكن هذه المرة شرقا، ناحية جزر الكوريل، وهي أزمة عالقة بين روسيا واليابان، حيث وصفت الأخيرة في الكتاب الأزرق الدبلوماسي لعام 2022، الذي أصدرته وزارة الخارجية، أن الجزر الأربع المتنازع على ملكيتها مع موسكو، محتلة بشكل غير قانوني من روسيا.

يعد وصف الاحتلال هو الأقوى في مسار الأزمة ووصف النزاع منذ عام 2003، وهو ما دفع الكرملين للرد، وقال ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، ردا على التصريحات اليابانية، بأن كل الجزر الأربع في جنوب أرخبيل الكوريل على الحدود مع اليابان ستبقى جزءا لا يتجزأ من أراضي روسيا.

جزر الكوريل

أزمة الكوريل ليست جديدة

في هذا الصدد، قال الدكتور رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، إن الجزر الأربعة من الأرخبيل الجنوبي، كوناشير وشيكوتان وإيتوروب وهابوماي الروسية، جزء من قوسين من أرخبيل بحري بين روسيا واليابان وجزء لا يتجزأ من النزاع بين مجموعة الكوريل، وشبه جزيرة كامتشاتكا.

وأوضح العزاوي، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن التصريحات الأخيرة للمتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، جاءت بشكل واضح بأن جزر الكوريل لا تتجزأ من روسيا، في حين أعلنت الدبلوماسية اليابانية، في خلال كتابها الازرق، أن هذه الجزر محتلة بشكل غير قانوني، وهذه المرة الأولى تتحدث فيها اليابان بهذه النبرة منذ 2003، في الوقت الذي اعتبرت روسيا أن هذا التصعيد يعرقل عمليات السلام مع اليابان واعتبارها دولة غير صديقة بعد أزمة أوكرانيا وانضمامها لدول العقوبات على روسيا.

ضغط أمريكي لحصار روسيا وتشتيتها

وأضاف العزاوي، أن هذا النزاع المتجدد، جزءا من الصراع الخافت بين الأطراف المتخندقة، وهم روسيا وحلفاؤها من جهة، والولايات المتحدة وحلفاؤها من جهة أخرى، مشيرا إلى أن تجدد هذا النزاع، جزء من التصعيد اللفظي والإعلامي،  ولازالت الأمور مسيطرة عليها من الطرفين، ولازالت روسيا تحاول البحث عن مخارج لها، حيث أن تجدد أزمة الكوريل جزء من حملة تقوم بها الولايات المتحدة ضد روسيا.

وأوضح رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، أن هذا التصعيد الإعلامي هو مسألة قديمة وليست جديدة، حيث أن جزر الكوريل، محتلة منذ عام 1945، وتثار الآن للضغط على روسيا وتشتيت انتباهها، عما تقوم به في أوكرانيا.

واختتم: إن أرخبيل جزر الكوريل ضخم وجزء مهم، به 20 ألف نسمة، وله من الحيوية العسكرية للقوات البحرية الروسية واليابانية، ما يدفع الطرفين، لمحاولة كسب أكبر قدر من الأرض، وضغط كل منهما على الطرف الأخر، وهو يظل بعيدا عن الأزمة الأوكرانية المحصورة في أوروبا والقريبة من الناتو غربا.

توتر العلاقات الروسية اليابانية

تاريخ النزاع بين روسيا واليابان

وترى اليابان أن جزر كوناشير وشيكوتان وإيتوروب وهابوماي الروسية هي جزر يابانية، وذلك اعتمادا على معاهدة 1855 الثنائية للتجارة والحدود، وجعلت طوكيو عودة هذه الأراضي شرطا لتوقيع معاهدة سلام مع موسكو، لم يتم توقيعها بين البلدين في نهاية الحرب العالمية الثانية، وينحصر موقف روسيا في هذا المجال في أن جزر الكوريل الجنوبية أصبحت جزءا من الاتحاد السوفيتي وفق النتائج الرسمية للحرب العالمية الثانية، والسيادة الروسية عليها لا شك فيها.

وكان الرئيس بوتين،  أكد في تصريحات سابقة أن جزر الكوريل شأنها شأن "شبه جزيرة القرم"، وتعتبر "جزءاً لا يتجزأ من أراضي روسيا الاتحادية"، ولا يجوز بحكم الدستور المساس به، أو طرحها موضوعاً لأية مناقشات أو جدل مع أية جهات خارجية.

زيارة بوتين لليابان

زيارة بوتين لليابان وتفسير موقف موسكو

ويذكر المراقبون أيضا ما قاله بوتين خلال الزيارة الأولى له لليابان بعد توقف دام 11 عاماً، وكانت الزيارة في ديسمبر 2016، وشكك بوتين وقتها في مشروعية مطالب اليابان بشأن جزر الكوريل، مؤكداً أنها طالما كانت متنازعاً عليها، وتدين اليابان باكتشاف وجودها إلى الروس.

واستعرض بوتين ما يذكره التاريخ بأن إن الأدميرال بوتياتين وهو من مواليد سان بطرسبورغ، أبلغ اليابان في عام 1855 بموافقة الحكومة الروسية والإمبراطور على تسليم جزر أرخبيل كوريل التي كانت مملوكة لروسيا لأنها التي اكتشفتها، إلى اليابان مقابل توقيع معاهدة سلام بين البلدين.

وأوضح أن اليابان لم تكتف فقط بهذه الجزر، حيث استولت بعد انتصارها على روسيا في الحرب التي نشبت بين البلدين عام 1905 على نصف جزيرة سخالين المجاورة، بل وحصلت بموجب اتفاق بورتسموث على حق إجلاء السكان الروس من هذه الأراضي.

وبالرغم مما قال الرئيس الروسي إلا أنه وقع 12 اتفاقاً حكومياً مشتركاً و68 من العقود التجارية بين المؤسسات الروسية واليابانية، غير أن كل هذه الاتفاقات والعقود وما جرى من لقاءات بين بوتين ورئيس الوزراء الياباني خلال الفترات اللاحقة والتي بلغ عددها تسعة لقاءات لم تسفر عن نقلة نوعية أو تطور جذري، يمكن أن يسهما في التوصل إلى الاتفاق المنشود، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد من سوء الوضع، وتنسحب روسيا رسميا من مفاوضات السلام بين البلدين.

جزر الكوريل

أصل النزاع بين اليابان وروسيا

ولليابان تاريخ طويل، في محاولة إقناع القادة الروسي بشأن الجزر التي خسرتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكنها لم تفلح في أي محاولة، وكان الزعيم السوفياتي ميخائيل جورباتشوف على شفا توقيع الحلول الوسط التي طرحتها طوكيو، مرفقة بمساعدات اقتصادية ضخمة خلال الزيارة الرسمية التي قام بها لليابان في أبريل 1991، ولكن لم تفلح.

وفي عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مضت اليابان لما هو أبعد وأجرت محادثات معه، وهي المحادثات التي خلصوا فيها إلى حلول مقبولة من كلا الطرفين، بحسب تقديرات الجانب الياباني، وتقضي باقتسام الجزر واستعادة اليابان لاثنتين منهما بموجب الإعلان المشترك الذي وقعه الجانبان في 1956، عندما أكد الجانب الياباني وقتها أن هذا الإعلان المشترك ينص ضمناً على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تمهيداً للاعتراف بإنهاء حال الحرب وتوقيع معاهدة السلام بين البلدين، والنظر في تسليم جزيرتي "هابوماي" و"شيكوتان".

المناورات الأمريكية في بحر اليابان

التدخل الأمريكي أفسد عملية السلام

ولكن رجع الاتحاد السوفيتي، عن إعلام 1956، عندما أبرمت اليابان معاهدة التعاون العسكري مع الولايات المتحدة في عام 1960، وهي المعاهدة التي تقضي بإنشاء قواعد عسكرية أميركية في الأراضي اليابانية.

ومع ذلك طرح الرئيس فلاديمير بوتين استعداد بلاده لتوقيع معاهدة السلام الروسية - اليابانية على أساس الإعلان المشترك الصادر في عام 1956، الذي ينص على إعلان نهاية الحرب وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن بعيداً من بند النظر في تسليم جزيرتي "هابوماي" و"شيكوتان" مع ضرورة الالتزام بعدم المساس بسيادة روسيا على أي من هذه الجزر الأربع، مشيرا إلى أن تغير الظروف "الجيوسياسية" في المنطقة، وعدم تطبيق ما سبق ووقعت عليه موسكو وطوكيو في إشارة إلى الإعلان المشترك في عام 1956 الذي كان يقضي بالموافقة على تسليم الاتحاد السوفيتي جزيرتي "شيكوتان" و"هابوماي" بعد توقيع معاهدة السلام بين البلدين، ولكن لم يحدث بسبب المعاهدة الأمريكية اليابانية عام 1960.