الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«غرفة رقم 8» رحلة أمل دنقل الأخيرة على فراش الموت كما دونها

الشاعر الراحل أمل
الشاعر الراحل أمل دنقل

في عام 1983، اتخذ الشاعر الراحل أمل دنقل في الكتابة سبيلا للراحة من ألم السرطان الذي كان ينهش في جسده، يقتله ببطئ في كل يوم، بل كل ساعة، ظلت مشاعره المرهفة وحسه الرقيق كما هما، إذ وجد في كل ما كان يراه على فراش المرض تجربة جديدة رغم قسوتها تستحق الكتابة عنها.

في غرفته بالمعهد القومي للأورام، قضى أمل دنقل (1940- 21 مايو 1983) ما يقرب من 4 سنوات، يصارع السرطان اللعين، والخوف، والوحدة، والألم، حتى قرر تدوين كل ما يراه، على فراش المرض قدم ديوانا كتبه بدمائه، وهو "غرفة رقم 8" الذي صار ديوانه الأخير.

كان أمل دنقل، الذي توفي في 21 مايو 1983، أصيب بمرض السرطان وعانى منه لمدة 3 سنوات، وأوضح معاناته مع هذا المرض في المجموعة الشعرية، التي حملت رقم الغرفة التي مكث فيها لتلقي العلاج حتى رحيله، وعبرت المجموعة عن آخر لحظاته ومعاناته مع المرض وفي الحياة.

وكتب قصيدته الشهيرة «ضد من»، في مايو 1982 وتم نشرها في المجموعة الشعرية الصادرة عن "كتب عربية"، وقال فيها: "في غرف العمليات، كان نقاب الأطباء أبيض، لون المعاطف أبيض، تاج الحكيمات أبيض، أردية الراهبات، الملاءات، لون الأسرة، أربطة الشاش والقطن، قرص المنوم، أنبوبة المصل، كوب اللبن، كل هذا يشيع بقلبي الوهن، كل هذا البياض يذكرني بالكفن، فلماذا إذا مت، ليأتي المعزون متشحين، بشارات لون الحداد؟ هل لأن السواد هو لون النجاة من الموت، لون التميمة ضد.. الزمن.. ضد من..؟".

وضم هذا الديوان القصائد الأخيرة التي كتبها أمل دنقل خلال السنوات من 1940 حتى عام 1983، طوال فترة مرضه الذي صارعه أربع سنوات، منذ أوائل سبتمبر 1979 حتى أواخر مايو 1983.

وحمل الديوان اسم "غرفة رقم 8" لأن الديوان ينطوي على أوراق أمل الأخيرة، والغرفة رقم 8 هي آخر الغرف التي قاوم فيها أمل مرضه، قرابة عام ونصف في الدور السابع من المعهد القومي للأورام من فبراير 1982 إلى يوم رحيله الساعة الرابعة من صباح السبت الحادي والعشرين من مايو 1983.

وبحسب خاتمة "الديوان" كانت "الجنوبي" هي الورقة الأولى من هذا الديوان ولكنها الورقة الأخيرة في رحلة إبداع أمل دنقل، فقد كتبها في فبراير 1983، وتنطوي على رؤيا النهاية التي اكتملت دائرتها بعد تأملات "الغرفة 8" عام 1982، وتلك التأملات التي صاغتها قصائد "ضد من" و"زهور" و"لعبة النهاية" و"السرير".

وهناك قصائد أخرى في هذا الديوان تنتمي إلى تاريخ مقارب منها: "الطيور"، و"الخيول"، وقد كتبت كلتاها عام 1981، ولكن أمل ظل يغير ويبدل فيهما كعادته في الحرص على أقصى درجات الدقة اللغوية، وأقصى درجات التجانس البنائي، إلى أن استقر على الصياغة الأخيرة لـ "الطيور" في أكتوبر عام 1982 والصياغة الاخيرة لـ "الخيول" في أواخر ديسمبر العام نفسه.