الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حرب ضحيتها الطلاب.. خبراء تعليم يكشفون كيفية تأثير جروبات الغش وتداول الامتحانات على المجتهدين.. ويؤكدون: تهدد العملية التربوية

جروبات الغش
جروبات الغش

يخشى مئات الآلاف من أولياء الأمور والطلاب في مصر الذين قضوا شهورا طويلة في مذاكرة دروس الثانوية العامة والسهر ساعات طويلة من أجل الحصول على درجات عالية، من أن تسرّب أسئلة وإجابات الامتحانات، فيتساوى المجتهد بالغشاش.

وتسعى وزارة التربية والتعليم إلى منع الغش بشتى الوسائل القانونية، حتى يحصل كل طالب على حقه الكامل في درجات امتحانات الثانوية العامة، ويكون دخوله للكلية من خلال مجهوده والمعلومات التي يحملها كل طالب.

وفي هذا السياق أكد الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، الخبير التربوي، أن مشكلة الغش وتداول الامتحانات الي جروبات الغش علي مواقع التواصل الاجتماعى (سواء الواتس اب او الفيس بوك او التليجرام) من اخطر المشكلات التي تهدد العملية التربوية، حيث انها تقوم بعرقلة ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من جهود في تطوير العملية التعليمية والامتحانات، بل وتهدد الامن القومي في مجال التعليم، فضلا عن أضرارها بمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، وتؤدي إلى حصول بعض الطلاب على ما لا يستحقونه من درجات أو فرص تعليمية على حساب طلاب آخرين مجتهدين، فضلا عن تخريج  متعلمين لا يمتلكون أي  مهارات  دراسية أو تعليمية أو وظيفية .

وأوضح أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد" أن القائمون علي جروبات الغش يمثلون تجارا أخطر من تجار المخدرات نظرا لما يقومون به من اعمال اجرامية تضر بمصلحة الطلاب والوطن وتضرب كل القيم الأخلاقية في المجتمع  في مقتل. 

وتابع: "غالبا ما يكون الدافع وراء انشائهم تلك الجروبات هو جمع الأموال، ويسلك المسؤلين علي جروبات الغش بعض الطرق لجذب واغراء الطلاب للانضمام لها مثل الايحاء لهم بأن فرص الانضمام للجروب ضئيلة، كما يتبعون طرق النصب والاحتيال لجذب الطلاب لدفع اشتراكات لهم بدعوي امتلاكها نسخ الامتحانات قبل بدء الامتحانات وهي ليس لديها اي امتحانات فعلية".

ويهيب الدكتور تامر شوقي، بالطلاب عدم النظر إلى هذه الجروبات والتركيز في مراجعة المواد والتدريب بشكل أفضل على شكل أسئلة الامتحانات.

وأعلن الدكتور تامر شوقي، أن أسباب مشكلة الغش وتداول الامتحانات كالتالي:

1- تطوير نظم التقويم واسئلة الامتحانات بحيث أصبحت تقيس المستويات العقلية العليا مثل التطبيق والتحليل والتركيب، وبالتالي أصبح الطالب غير قادر علي التعامل مع  تلك الاسئلة، وخاصة ان معلميهم الخصوصين أنفسهم غير مدربين على صياغة والتعامل مع تلك الاسئلة بل وعلي الاجابة عليها. 

2- اصبح اهتمام الطلاب وأولياء أمورهم موجها فقط  نحو النجاح والحصول علي تقديرات باي وسيلة بدلا من ان يكون هدفهم هو التعلم والاتقان وخاصة في ظل ظروف  المنافسة والمطالبة بالنجاح والتفوق

3- كون الثانوية العامة سنة مصيرية يتحدد في ضوئها مستقبل الطالب مما يدفعه الي محاولة الحصول علي درجات بأي وسيلة.

4- ضعف ثقة الطالب في قدراته العقلية وفهمه للمادة العلمية.

5- إخفاء بعض الطلاب وتسريبهم للموبايلات داخل اللجان وتصويرهم للامتحانات بالرغم ما تتخذه الوزارة من إجراءات لمنع المحمول في اللجان.

6- تهاون المراقبين والملاحظين في التعامل بحزم وحسم ضد الطلاب الغشاشين.

7- غياب القدوة والنموذج الصالح امام الطلاب ، حيث يشجع أولياء الأمور أبنائهم علي الغش وقد يتشاجرون مع المعلمين في حالة منعهم ابنائهم من الغش، بل هم من يطلبون من يدفعون الأموال لإشراك أبنائهم في جروبات الغش ، وبالتالي يصبح هذا الأمر بالنسبة للطالب مباحا لا مشكلة فيه.

8- وجود حالات غش لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة حيالها او كانت العقوبات فيها ضعيفة. 

9- تصوير الافلام والمسلسلات للممثلين الذين يؤدون  دور الطلاب يغشون وكأنهم أبطال، بل وفلتوا من هذه الجريمة وحققوا النجاح في حياتهم، وبالتالي يقوم الطلاب بتقليدهم.

ومن جانبة أكد الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي وأستاذ المناهج بجامعة عين شمس، أن الغش بالثانوية العامة يعد من اخطر المشكلات التي تهدد العملية التعليمية لقيام الطلاب بالمخاطرة بمستقبلهم، دون حساب عواقب المشاركة في الغش، بالرغم من وعود وزارة التربية والتعليم بتشديد الإجراءات ضد الغش الإلكتروني، إلا أن مشاهد الغش تتكرر باختلاف الوسائل، والصفحات الرائدة في ذلك الأمر لازالت تسرب الامتحانات ونموذج الإجابات ويزيد تفاعل الطلاب معها.

وأوضح أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن هناك خلط بين الغش الإلكتروني والتسريب عند بعض الوسائل الإعلامية لكن من الناحية القانونية يجب التفريق وعدم تسمية أي غش بالتسريب، موضحا: "طالما الوزارة لم تعترف بتسرب الامتحان مثلما حصل سابقا في بعض المحافظات المصرية خلال الشهادة الإعدادية، فهذا يندرج تحت الغش وليس التسريب".

وأضاف الخبير التربوي، أن الغش يكون عادة بعد بداية الامتحان ومن خلال أي شخص داخل اللجنة، وذلك عن طريق مراقب أو موظف أو طلاب أنهوا امتحانهم مبكرا لأي سبب كان.. فإذا استطاع الطالب التواصل بأي وسيلة سيستطيع الغش إلكترونيا".

وأشار أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، إلى أن السبب وراء زيادة انتشار الغش بجروبات السوشيال ميديا وجروبات التليجرام بالامتحانات واضح وهو تصدير رأى عام ضد التطوير للرجوع الى الوراء وهدم كل شئ من اجل المكاسب الشخصية من النظام القديم البائس.

وعن أهداف مسربي امتحانات الثانوية العامة 2022، قال: "بعضهم هدفه الربح المادي ببيع النماذج والحصول على الأموال إلكترونيا، وآخرين هدفهم عرقلة الأنظمة التعليمية في الحكومات".

وأوضح الدكتور حسن شحاتة، أن الضغط النفسي للطلاب يزداد بسبب التقلبات على السوشيال ميديا بالإضافة للقلق المستمر من أولياء الأمور والضغط على الطلاب، وتعد التغيرات المتجددة سبب التشتت وضغط آخر عليهم، كما يتناقل الطلاب القلق والتوتر بينهم، كما أضاف أن الضغط النفسي مضاعف عند الطلاب الذين لم يعتادوا بعد على النظام الجديد.

ولفت الخبير التربوي، إلى أن هناك قانونا جاهزا لمكافحة الغش وتم العمل عليه من قبل مجلس الوزراء، مشيرًا إلى أنه يحدد عقوبات تصل إلى للسجن والفصل النهائى والحرمان من دخول الامتحان عامين، وإن اللجان التى يتم فيها تصوير الامتحان يتم رصد مسربها علي الفور ووقف الملاحظ عن العمل ويحول إلى الشئون القانونية ويتم تغيير اللجنة بالكامل.

ومن جانب آخر أكد الدكتور محمد فتح الله، أستاذ القياس والتقويم بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، أن منظومة التعليم والتقويم، تواجه العديد من العقبات والتي أصبحت مصاحبة للامتحانات بشكل أكبر سواء كانت هذه الامتحانات تتعلق بسنوات النقل أو الشهادات النهائية، وذلك على مستوى جميع المراحل التعليمية ولكن بنسب متفاوتة أعلاها وأخطرها ما يتعلق بامتحانات الثانوية العامة. 

وأوضح أستاذ القياس والتقويم بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد" أنة يتفق مع إجراءات وزارة التربية والتعليم ضد الغشاشين باعتبارها الحل الأمثل لانتهاء ظاهرة الغش نهائيا، فيقول إن القضية الأساسية أن الدولة حريصة على أنها تحقق العدالة في الامتحان وإعطاء تكافل الفرص، لتكون نتيجة الطالب معبرة عن قدرته ومهاراته في الصف الدراسي، لأن الامتحانات تعتمد على الفهم والتركيز وليس الحفظ.

وأشار الخبير التربوي، إلى أن التشهير بالطلاب الغشاشين لا يحل هذه الأزمة، فحل هذه الظاهرة تحتاج إلى معرفة أسبابها ووضع طرق لحلها تتناسب مع الطلاب، لأن هؤلاء الطلاب في سن المراهقة لا يعون تأثير ما يحدث أو العواقب التي تلاحقه اذا تم الامساك بة، فهم اعتادوا على الغش ويعتبرونه شيئا أساسيا للنجاح، كما يجب تغير نظام الامتحان ووضعه بطرق معيارية لكي يخرج لنا طالب يفهم جيدا، ويجب التفكير في مصلحة الطلاب وليس نجاح نظام فقط.

وأعلن الدكتور محمد فتح الله، الغش ظاهرة ترجع الأسباب إلى "سوء أحوال المعلمين، فقدان نظام التعليم لمصداقيته وقيمته بالنسبة للطلاب وأولياء الأمور، فكرة الفرصة أخيرة والوقت الأخير التي ينطوي عليها الامتحان في مفهوم الطالب المصري، واعتماد الامتحانات على قياس المعلومات وليس الفهم"، مؤكدًا أن من يريد علاج ظاهرة الغش عليه أن ينظر في هذه الأسباب أما تغليظ العقوبة وعمل حالة من الرعب في مؤسسات المجتمع المختلفة فلن يلغى الظاهرة.

وصرح أستاذ القياس والتقويم بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، بأننا نعيش في مأساة حقيقية، حيث إن الغش والتسريب بين الطلاب فى جميع الامتحانات زاد بشكل ملحوظ ورأينا ذلك في امتحانات الشهادة الإعدادية، ولم تستطع الوزارة القضاء على هاتين الظاهرتين في الثانوية العامة، وسوف تزيد كمية الغش والتسريب.

يذكر أن القانون رقم 205 لسنة 2020 بشأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات، جاء في إطار سياسة الدولة التى تهدف لمكافحة الغش والقضاء على كل الوسائل التي تسهله.

ونص القانون على تغليظ العقوبات على من يطبع أو يروج أسئلة الامتحانات بأي وسيلة أو في أي نظم تقييم سواء في مدارس مصرية أو أجنبية أو امتحانات المعادلة وتشمل العقوبات الحبس والغرامة والحرمان من الامتحانات، وعاقب أيضًا من يحوز أجهزة محمول أو أي نوع من أجهزة الاتصال.