الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف حقق الإسلام قيم التسامح في التعايش بين الأديان؟ علي جمعة يجيب

 كيف حقق الإسلام
كيف حقق الإسلام قيم التسامح والسلام في التعايش بين الأديان

بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الأسس التي بنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم منهجه في التعايش مع الآخر، خاصة الأطياف والمذاهب التي كانت متواجدة في المدينة المنورة.

 كيف حقق الإسلام قيم التسامح والسلام في التعايش بين الأديان ؟

وقال علي جمعة ، من خلال منشور عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: منذ أن نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء‏,‏ كانت دعوته تعتمد السلام منهاجا‏,‏ والتسامح سلوكا‏,‏ فقد بدأ صلى الله عليه وسلم دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة ولم يتخل يومًا عن الرفق واللين في القول والعمل.

واستدل بقول الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل:125] وبهذا المنهج الوسطي اليسير أسس الإسلام مبدأ التعايش بين جميع الأطياف والمذاهب المختلفة في إطار من العدل والمساواة والدعوة إلى التعارف والتعاون, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) [الحجرات:13] كما عمل على توطيد العلاقات السلمية بين الناس في الداخل والخارج قال سبحانه: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة:8].

وتابع علي جمعة قائلاً: من خلال ما قدمناه من نماذج يتبين لنا كيف حقق الإسلام قيم التسامح والسلام والرحمة بصورة واضحة في التعايش بين الأديان والمذاهب المختلفة، على أساس من حرية ممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني والتمييز العنصري, بل نراه كيف منح الحرية في الإبداع من خلال دائرة الاجتهاد القائمة إلى يوم الدين.

كذلك أكد الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال هذه النماذج أن الإسلام يرسخ حقوق المواطنة في دولته للمسلم وغيره, فالجميع سواء من حيث الحقوق والواجبات, وهو ما أتضح في وثيقة المدينة التي عقدها بمجرد وصوله إليها، وهي معاهدة تمثل دستورا شاملا يعالج قضايا التكامل الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات القانونية داخل الدولة وخارجها.

ولفت علي جمعة إلى أن السيرة النبوية المشرفة تزخر بالأمثلة والروايات التي تؤكد أن الإسلام دين السلام والتعاون, فالدولة الإسلامية في عهد الرسول عملت على مد جسور الحوار البناء والتعايش السلمي داخل الدولة الإسلامية بين مواطنيها على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم, وخارجها في علاقاتها مع دول الجوار, وذلك عبر توطيد العلاقات السلمية من خلال المعاهدات التي أبرمها الرسول صلى الله عليه وسلم مع مختلف القبائل والدول المجاورة, دون اعتبار لاختلاف الدين أو العرق أو اللون, إذ هدف هذه الرسالة العالمية هو الحفاظ على بنية الإنسان جسمانيا وفكريا وروحيا, واتضح ذلك من خلال تكريم الله تعالى للإنسان وتسخير الكون له, وذلك بغية تحقيق سعادته في الدنيا, وفوزه بالنعيم المقيم في الآخرة: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء:70] ومن هنا جاء اهتمام الإسلام بالإنسان, فجعل مقاصد الشريعة تدور حوله وتحقق له ومنه وبه, ولذلك فرض عليها الحفاظ على النفس والعقل والدين والعرض والمال, سواء كان ذلك له أو لغيره.