الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى أبو العينين شعيشع.. حكاية أول قارئ مصري بالمسجد الأقصى

الشيخ أبو العينين
الشيخ أبو العينين شعيشع

احتفت الصفحة الرسمية للأزهر بمائة عام على مولد الشيخ أبو العينين شعيشع، أحد أعلام مدرسة التلاوة وذلك من خلال صفحة التواصل الاجتماعي فيس بوك .

الشيخ أبو العينين شعيشع في سطور

ولد الشيخ أبو العينين شعيشع بمدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ في شمال مصر، في 12 أغسطس 1922، وهو الابن الثاني عشر لأبيه، وهو صاحب مدرسة متفردة فى التلاوة، وقضى نحو 80 عاما من إجمالى 89 عاما عاشها، فى خدمة كتاب الله، وتلاوته فى أنحاء العالم.

التحق الشيخ أبو العينين شعيشع بالكُتَّاب بـ«بيلا»، وهو في السادسة، وحفظ القرآن قبل سن العاشرة، وألحقته أمّه بالمدرسة الابتدائية؛ فشجعه ذلك وساعده على القراءة بالمدرسة أمام المدرسين والتلاميذ كل صباح، خاصة في المناسبات الدينية والرسمية، فنال إعجاب واحترام الجميع، فأشار ناظر المدرسة إلى والدته أن تذهب به إلى أحد علماء القراءات والتجويد.

كما التحق الشيخ أبو العينين شعيشع بالإذاعة سنة 1939، وكان وقتئذ متأثرًا بالشيخ محمد رفعت وكان على علاقة وطيدة به، وقد استعانت به الإذاعة لإصلاح الأجزاء التالفة من تسجيلات الشيخ رفعت.

كما اتخذ الشيخ أبو العينين شعيشع لنفسه أسلوبًا خاصًا في التلاوة بدءًا من منتصف الأربعينيات، وكان أول قارئ مصري يقرأ بالمسجد الأقصى، وزار سوريا والعراق في الخمسينيات،  وأصيب بمرض في صوته مطلع الستينيات من القرن الماضي، ثم عاد للتلاوة وعين قارئًا لمسجد عمر مكرم سنة 1969، ثم لمسجد السيدة زينب منذ 1992.

ناضل الشيخ الراحل في السبعينيات لإنشاء نقابة القراء مع كبار القراء وقتئذ أمثال الشيخ محمود على البنا، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وانتخب نقيبًا لها سنة 1988 خلفًا للشيخ عبد الباسط ، وعين الشيخ أبو العينين عضوًا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعميدًا للمعهد الدولي لتحفيظ القرآن الكريم، وعضوًا للجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وعضوًا باللجنة العليا للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف وعضوًا بلجنة عمارة المسجد بالقاهرة.

ويقول الشيخ أبو العينين شعيشع : «في عام 1936 ذهبت إلى المنصورة، وكانت المفاجأة التي لم أتوقعها في حياتي؛ فقد وجدت أكثر من 4 آلاف نفس في مكان الاحتفال، فقلت: معقول، أأقرأ أمام هذا الجمع! كانت سني وقتها 14سنة وخفت وزاد من هيبتي للموقف، أنني رأيت التلاميذ في مثل سني يتغامزون ويتلامزون، لأنني في نظرهم ما زلت طفلًا، وقرأت الافتتاح والختام، وفوجئت بعد الختام بالطلبة يلتفون حولي، يحملونني على الأعناق يقدمون لي عبارات الثناء؛ فلم أستطع السيطرة على دموعي».

وعندما توفي الشيخ الخضري شيخ الجامع الأزهر آنذاك، أشار أحد علماء بيلا إلى الشيخ «أبو العينين» أن يذهب معه إلى القاهرة ليقرأ في هذا العزاء، وجاء دوره وقرأ وكان موفقًا فازدحم السرادق بالمارة في الشوارع المؤدية إلى الميدان، وتساءل الجميع: "من صاحب هذا الصوت الجميل؟!"، وبعد أكثر من ساعة ختم الشيخ أبوالعينين تلاوته ليجد نفسه وسط جبل بشري تكوّم أمامه لرؤيته ومصافحته إعجابًا بتلاوته، وبعد هدوء عاصفة الحب جاءه الشيخ عبد الله عفيفي – إمام القصر الملكي- وقبّله، وقال له: "لابد أن تتقدم للإذاعة، لأنك لا تقل عن قرائها بل سيكون لك مستقبل عظيم بإذن الله".

ويضيف الشيخ: "والتحقت بالإذاعة عام 1939، ثم تدفقت عليَّ الدعوات من الدول العربية الإسلامية، لإحياء ليالي شهر رمضان بها، ووجهت لي دعوة من فلسطين، لأكون قارئًا بإذاعة الشرق الأدنى، والتي كان مقرها «يافا»؛ وذلك لمدة 6 أشهر، والاتفاق كان عن طريق المدير الإنجليزي للإذاعة المصرية وسافرت عام 1940، وبدأت القراءة كل يوم افتتح إذاعة الشرق الأدنى واختتم إرسالها بتلاوة القرآن، وانتقل كل يوم جمعة من يافا إلى القدس لأتلو قرآن الجمعة بالمسجد الأقصى؛ ولأنني كنت صغيرًا فقد كنت مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بأسرتي، ولذلك لم أحتمل الغربة أكثر من شهر".

كما سافر الشيخ أبو العينين إلى معظم دول العالم، وقرأ بأكبر وأشهر المساجد في العالم، أشهرها المسجد الحرام بمكة، والمسجد الأقصى بفلسطين، والأموي بسوريا، ومسجد المركز الإسلامي بلندن، وأسلم عدد غير قليل تأثرًا بتلاوته، ولم يترك دولة عربية ولا إسلامية إلا وقرأ بها عشرات المرات على مدى مشوار يزيد على ستين عاما قارئًا بالإذاعة،حتى توفاه الله فى 23 يونيو 2011 عن 89 عاما.

قالوا عن الشيخ أبو العينين شعيشع

نعاه عدد كبير من القراء الشيخ شعيشع، واصفين حياته بأنها كانت حافلة بالعطاء، مؤكدين أهمية اقتفاء أثره، وقال القارئ الشيخ محمد محمود الطبلاوي: إن «شعيشع من الأعلام الذين لا ينسى فضلهم في الفكر الإسلامي، امتاز بالوسطية والبساطة»، موضحا أنه كان عف اللسان طوال حياته، لافتا إلى أننا افتقدنا شيخا جليلا خدم القرآن أكثر من ٨٠ عاما.

وعرف الشيخ شعيشع بروح الشجن في قراءته للقرآن، ما أدى إلى أن يصفه متخصصو القراءات بلقب «ملك الصبا»، وهو المقام الموسيقي الذي يحوي الشجن في مقامات النغم، ويقول الراحل «إن ذلك يعود إلى حادث وفاة والده الذي أثر على نفسه كثيرا فاكتسى صوته بالحزن والشجن‏».‏

وأبو العينين شعيشع توفي وله ثلاثة أولاد ولدان وابنة واحدة، ورغم أن زوجته الحاجة حسنات قد توفيت قبل رحيله بما يقارب خمسة عشر عامًا، إلا أنه لم يتزوج بعدها، عُرف شعيشع بوفائه لزوجته المتوفية، ففي أحد اللقاءات معه سُئِل لماذا لم يتزوج بعدها فقال «أنا راجل مشاعري لم تسمح لي بالزواج بعد وفاة زوجتي وفاءً لها رغم أن هذا حقي».