ما حكمُ ما يقومُ به أَبٌ حال حياته من كتابة الوصية بقصد منْع ابنه من الميراث منه بعد وفاته بسبب أنه لا يسأل عنه ويعقه .
قال الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية أن عقوق الأب أو الوالدين معًا هو عدمُ البر والصلة والإحسان إليهما ، ويكون بأقل الأذى ، سواء كان قولًا أو فعلًا ، والعقوق من الكبائر ومنهيٌّ عنه شرعًا ؛ لحديث أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟! قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ " .
وأضاف عاشور خلال البرنامج الإذاعي "دقيقة فقهية "أن: من المقرَّر شرعًا أن الميراث أنصبةٌ مقدَّرةٌ من الله تعالى ، ولا يجوزُ لأحدٍ أن يمنعَ أحدًا من إرثه ما لم يقم به مانع من موانعِ الميراث : كالقتل ، أو اختلاف الدين ، وقد قال الله تعالى : {ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ لَا تَدۡرُونَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ لَكُمۡ نَفۡعٗاۚ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} [النساء: 11].
وجاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ : " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا المَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي الوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ . ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو هُرَيْرَةَ : {مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصَىٰ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٍ غَيۡرَ مُضَآرّٖۚ وَصِيَّةٗ مِّنَ ٱللَّهِ} [النساء: 12])).
والخلاصة : أنه لا يجوز شرعًا للابن أن يَعُقَّ أباه ، بل ذلك من الكبائر التي نهى الله عنها ، لكن لا يجوز للأب أن يوصيَ بمنع ابنه العاق من الميراث منه بعد وفاته بسبب العقوق ، والقاعدة الفقهية تقول : «العقوق لا يمنع الحقوق» .
والله أعلم