الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من طرف خفي 27

نجاة عبد الرحمن
نجاة عبد الرحمن

الحضارة المصرية ظلت مثار استهداف عبر العصور من قبل الغزاة والحاقدين، فتم استخدام القوى العسكرية تارة والغزو الثقافى تارة، من خلال بث الأفكار المسمومة والعبث بعقول شبابنا من أجل سهولة هدم الدولة وأعمدتها من خلال بث الشائعات والأفكار الهدامة، وترويج المفاهيم المغلوطة التى من شأنها تساهم تغيب عقول شبابنا وتهميش فكرهم ، ويصبحون أداة هدم بدلاً من أن يكونوا أداة بناء، فعهدت دول الأعداء على استهداف الثقافة المصرية وغزوها وكان أخرها هو مخطط برنارد لويس الذى أقره الكونجراس الأمريكى فى جلسته المنعقدة عام 1983 ويحمل اسم مشروع الشرق الأوسط الجديد.

 

ولوحت به كوندليزا رايس فى عام 2006 والذى  يستهدف تفتيت الوطن العربى إلى كاناتونات صغيرة متناحرة تناحراً عرقياً وطائفياً ، الذى سبق وقمت بشرحه باستفاضة خلال سلسلة المقالات السابقة التى تحمل عنواناً من " طرف خفى "، وتم البدء فعلياً على ترسيخ فكرة الغزو الثقافى ووطمس الهوية المصرية منذ عام 2004 عقب سقوط بغداد عقب الاجتياح الأمريكى لها ، فتم العمل على محورين محور الإعلام المضلل، ومحور الثقافة العشوائية من خلال نشر الثقافات الغريبة بين الشباب  فى ظل تهميش الإعلام الحكومى والتسفيه منه، الذى كان يعد منارة الشرق وقبلة إفريقيا  فى الثقافة والفنون والسياسة.

 

فتهميش دور ماسبيرو كان مقصوداً حتى تم إعلان شهادة وفاته ، وعاد مرة أخرى ينبض فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أدرك أهمية الإعلام الرسمى التابع للدولة فى مواجهة مخطط الشر الذى يحاك ضد وطننا العربى ككل وليس المصرى فقط ، و إعادة الروح ويعود كما كان منبراً يجابه ويواجه كل أعداءنا ويحبط مخطط الشر، كان هدف الغزو الثقافى هو تأهيل الأرض لأحداث الربيع العبرى ، حتى يكون هناك سهولة فى تحريك وحشد الجماهير، واستخدامهم كوقود لحرق كل ماهو ذات قيمة، بجانب الإساءة للرموز الوطنية والقادة، واستبدال التواريخ الخاصة بالأحداث التاريخية بأحدث جديدة فى نفس ذات التاريخ لطمس الهوية المصرية وحضارتها واستبدالها بأحداث خاصة بانتصارات الأعداء الوهمية علينا، ليتلقفها الأجيال القادمة باعتبارها أحداثاً حقيقية مع طمس التاريخ الحقيقى الذى يشهد بطولات وعظمة المصريين.


ولَم يتوقف الغزو الثقافى لمجتمعنا المصرى عند حد الهدام فى جدران الدولة المصرية، بل أصبح يشمل أجندة هدم المجتمع من الداخل من خلال بث بعض الأفكار الهدامة التى تستهدف هدم الأسرة المصرية، ومن شأنها تعمل على صنع فجوات بين الزوج والزوجة، لضمان عدم وجود ترابط فى المجتمع من الداخل ويصبح مفككاً ضعيفاً لا يقوى على المواجهة والصمود والتحدى لأى مؤامرات تحاك ضد وطنناً.


فمصطلح الغزو الثقافي هو أحد المصطلحات التي تتردد كثيرا في حياتنا الثقافية ، وبخاصة على امتداد العقود الماضية التي بدأت تشهد انحسار الغزو بمعناه التقليدي المباشر ، الذي عرف تاريخيا باسم الغزو العسكري أو الاحتلال العسكري المباشر ، الذي تعرضت له أكثر أرجاء العالم الأقل اقتصاديا ( الدول الفقيرة ) .

يتركب مصطلح الغزو الثقافي – كما هو واضح – من كلمتين هما : غزو ، وهي ( لغة) مصدر غزا ، وتعني : الدخول إلى مجال غريب أو مجال جديد ، وعادة ما ترتبط هذه الكلمة بمعنى القوة وإحداث التغيير ، سواء كان ذلك إلى الأفضل كقولنا : الوطن العربي يغزو الفضاء .. ، أو كان ذلك على الأسوأ كما نقول : أسراب الجراد تغزو الشمال الإفريقي ، وهذا المعنى التغييري الذي تحتويه كلمة غزو جعلها تكتسب مرونة تمكنها من أن تؤدي معاني كثيرة أيديولوجية أو علمية أو اقتصادية أو غيرها . هذا ، وقد تعني كلمة غزو أيضا ، في اللغة العربية معنى القصد ، والطلب والسير إلى الأعداء في ديارهم وانتهابهم وقهرهم والتغلب عليهم . ويلاحظ أن كلمة الغزو يشيع – الآن – استعمالها أكثر في المعنى الأخير.