الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما حكم صناعة لعب البنات المجسمة ؟.. دار الإفتاء تجيب

حكم صناعة لعب البنات
حكم صناعة لعب البنات المجسمة

ما حكم صناعة لعب البنات المجسمة ودراسة آثار الأمم السابقة ؟.. سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية حيث قالت، إن دراسة آثار الأمم السابقة أمر جائز شرعًا.

حكم دراسة آثار الأمم السابقة

ولفتت الإفتاء في فتوى لها حول حكم دراسة آثار الأمم السابقة إلى أن دراسة آثارهم وتاريخهم والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون أمرٌ يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدم العلمي والحضاري النافع، والقرآن الكريم في كثير من آياته قد لَفَتَ الأنظار إلى السير في الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار والانتفاع بتلك الآثار.

وأفتت دار الإفتاء المصرية فتوى في شأن إقامة المتاحف وعرض التماثيل، وذلك في عهد الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر -جاء فيها-: [الآثار وسيلة لدراسة التاريخ، وإذ كان ذلك وكانت الأمم الموغلة في القدم؛ كالمصريين القدماء، والفرس، والرومان، وغير أولئك وهؤلاء ممن ملأوا جنبات الأرض صناعةً وعمرانًا، قد لجأوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيًّا وسياسيًّا وحربيًّا نقوشًا ورسومًا ونحتًا على الحجارة".

وتابعت: “وكانت دراسة تاريخ أولئك السابقين والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون، أمرًا يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدم العلمي والحضاري النافع، وكان القرآن الكريم في كثير من آياته قد لفت نظر الناس إلى السير في الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار والانتفاع بتلك الآثار، وكانت الدراسة الجادة لهذا التاريخ لا تكتمل إلا بالاحتفاظ بآثارهم وجمعها واستقرائها؛ إذ منها تعرف لغتهم وعاداتهم ومعارفهم في الطب والحرب والزراعة والتجارة والصناعة، وما قصة حجر رشيد، الذى كان العثور عليه وفك رموزه وطلاسمه فاتحة التعرف علميًّا على التاريخ القديم لمصر”.

وأكملت: "وما قصة هذا الحجر وقيمته التاريخية والعلمية- بخافية على أحد، والقرآن الكريم حثَّ على دراسة تاريخ الأمم وتبين الآيات في هذا الموضع؛ إذا كان كل ذلك كان حتمًا الحفاظ على الآثار والاحتفاظ بها سجلًّا وتاريخًا دراسيًّا؛ لأن دراسة التاريخ والاعتبار بالسابقين وحوادثهم للأخذ منها بما يوافق قواعد الإسلام، والابتعاد عما ينهى عنه، من مأمورات الإسلام الصريحة الواردة في القرآن الكريم في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 20]، وقوله سبحانه: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [الروم: 9]، وقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: 44].

وشددت: لعل مما نسترشد به في تقرير هذه الضرورة الدراسية والأخذ بها ما نقله أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في كتابه "الجامع لأحكام القرآن"، عند تفسيره قول الله تعالى في سورة سبأ: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ﴾ [سبأ: 13]، من استثناء لعب البنات المجسمة من تحريم صنع التماثيل، فقد قال في المسألة الثامنة ما نصه: [وقد استثني من هذا لعب البنات؛ لما ثبت عن عائشة رضى الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها وهى بنت سبع سنين، وزفت إليه وهى بنت تسع ولعبها معها، ومات عنها وهي بنت ثمانِ عشرة سنة"، وعنها أيضًا قالت: "كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل ينقمعن منه -أي: يتخفين منه- فيسرِّبُهن -أي: يرسلهن ويبعثهن- إليَّ ليلعبن معي" أخرجهما مسلم. 

واختتمت الإفتاء بقول العلماء: وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات؛ حتى يتدربن على تربية أولادهن. ثم إنه لا بقاء لذلك، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له فرخص في ذلك. اهـ. وتخريجًا على هذا: كان الاحتفاظ بالآثار؛ سواء كانت تماثيل أو رسومًا أو نقوشًا في متحف للدراسات التاريخية ضرورة من الضرورات الدراسية والتعليمية لا يحرمها الإسلام؛ لأنها لا تنافيه، بل إنها تخدم غرضًا علميًّا وعقائديًّا إيمانيًّا حث عليه القرآن، فكان ذلك جائزًا إن لم يصل إلى مرتبة الواجب، بملاحظة أن الدراسات التاريخية مستمرة لا تتوقف] اهـ.