الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لحياة زوجية مستقرة.. 45 نصيحة من دليل الأسرة الصادر عن دار الإفتاء

الزوجين
الزوجين

أصدرت دار الإفتاء المصرية، كتاب "دليل الأسرة من أجل حياة مستقرة" بالتعاون مع وزارة العدل، وقد غطَّى كافَّة الموضوعات التي تهمُّ الأسرة المصرية.

ونرصد في هذا التقرير أبرز النصائح المقدمة للزوجين لينعموا حياة سعيدة ، وبناء علاقة زوجية قوية ومتماسكة، وذلك من واقع صفحات دليل الأسرة الصادر عن دار الإفتاء ووزارة العدل.
 

1 - . الزواج ارتباط شرعي بين الرجل والمرأة وميثاق غليظ، يقوم على المودة والرحمة، بغرض تحقيق الاستقرار والسكينة والانسجام بينهما، وبقاء النسل الإنساني؛ ومن ثم فلا بد أن تُراعى فيه المسؤولية والقيام بالحقوق والواجبات.


2 - الحياة الزوجية سكنٌ ومودةٌ قبل أن تكون حقوقًا وواجبات، فالحياة الزوجية -قبل أن تكون حقوقًا وواجبات- هي علاقة تقوم على السكن والمودة، والتسامح والتراضي بين الزوجين؛ لتسير عجلة الحياة، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡ﴾ [البقرة:237].


3 - لكل منكما حقوقٌ على الآخر، فلا ينشغل أحدكما بما له ويتناسى ما عليه، فالزواج حقوق وواجبات مشتركة بين الزوجين، قال الله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ﴾ [البقرة: 228]؛ يعني: للمرأة حق على زوجها، كما للرجل حق على زوجته، فيجب على الزوج تلبية احتياجات زوجته النفسية: كالاحتواء والاحترام والشعور بالأمان والمشاركة في الرأي، وكذا الاحتياجات المالية: من نفقة وكسوة وطعام وشراب وغيرها، وكذا الاحتياجات الاجتماعية: كالسماح لها بزيارة والديها وأقاربها، كما يجب على المرأة أيضًا أن تراعي حقوق زوجها عليها، كالطاعة وحسن العشرة، وذلك حتى تستقيم الحياة بينهما وينعما بالاستقرار.


4 - مسؤوليتكما عن الأسرة واجب شرعي، فليقم كل طرف بما يجب عليه تجاه زوجه وأولاده، فالزوجان مسؤولان عن كل ما يخص البيت، ولا يصح لأحدهما أن يرمي الحِمْل على الآخر وحده، بل ينبغي أن تترسخ بينهما روح المشاركة والتعاون، وذلك حتى تستطيع الأسرة أن تعبر إلى بر الأمان، وينشأ الأطفال على التعاون، قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا».
 

5 - ابتعدا عن التنافس على قيادة الأسرة، فلكل منكما أعماله وواجباته التي يلزمه القيام بها، ويجب أن تكون العلاقة قائمة بينكما على الحب والتعاون والمشاركة والمساندة، لا على سيطرة أحد الطرفين على الآخر، وذلك حتى تستقر الأسرة، قال الله تعالى في شأن المؤمنين: ﴿وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ﴾ [الشورى: 38]، فما ندم من استخار ولا خاب من استشار، فيجب مراعاة كل من الزوجين ما له وما عليه دون أن أن يقصي الآخر أو يقهره، فالإقصاء والقهر يؤديان إلى ضياع الأسرة وانعدام استقرارها.


6 - التشارك بين الزوجين من أكبر عوامل نجاح الحياة الزوجية بينهما، فيشارك كل منكما الآخر؛ وذلك بالقيام بمسؤوليته تجاه الأسرة؛ فمتى قام كل منكما بما يجب عليه تجاه أسرته نعمت الأسرة بالراحة والسكينة والاستقرار.


7 - احرصا على التعاون فيما بينكما، واعلما أن كلا منكما يكمل نقص الآخر، والتعاون فيما بينكما وسيلة من وسائل تحقيق المودة والرحمة، وذلك بأن يساعد كل طرف الآخر في إكمال مسؤولياته وتتميمها وسد النقص فيها، فالتعاون سبيل التكامل بينكما حتى تسير سفينة الحياة بأمان واطمئنان.


8 - سر السعادة الزوجية يكمن في إخلاص كلٍّ من الزوجين للآخر، فالإخلاص بين الزوجين يكون من خلال عدد من الأمور، أهمها: أن يحب كل منهما لزوجه ما يحبه لنفسه، وأن يبذل الغالي والنفيس لسعادته والعمل على رفاهيته، وأن يشاركه الآمال والأحلام والأفراح والأوجاع، وكذلك التزام صدق الحديث، وحفظ السر، والأمانة على العرض والمال.

9 - الحنان والأمان هما أساس العَلاقة بين الزوجين، فعلى الزوجين أن يُشعِر كلٌّ منهما الآخر بالحنان والأمان؛ قولًا وفعلًا، وهذا هو التطبيق العملي لقوله تعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةً﴾ [الروم: 21]، فبالعطف والحنان تُؤسر القلوب، وتقوى الأُلفة، وترسخ المحبة، بما يحقق الأمن والأمان، فيمتزج الزوجان ويتحدان في تشييد أسرتهما ودعم أركانها.
 

10 - عظِّما قدر الزواج في نفوسكما فلا تذكرا لفظ الطلاق أبدًا مهما اشتد الخلاف بينكما، فالبيوت لا تخلو من النزاع وإن طالت فيها أوقات الصفاء، فقد يشتد النزاع مرة فتطلب المرأة من زوجها الطلاق، وبعض الرجال ربما يهدد زوجته بالطلاق عند فعل شيء لا يرضاه، فينبغي ألا يُذكر لفظ الطلاق في البيت أبدًا، لا في وقت الوفاق ولا في وقت الخلاف، وأن يظل ميثاق الزواج ميثاقًا غليظًا معظَّمًا في النفوس، فإن ذكر لفظ الطلاق يهدد الأسرة بعدم الاستقرار وعدم الأمان والطمأنينة؛ فلا ينبغي أبدًا أن تسارع المرأة في طلب الطلاق، ولا يليق أبدًا أن يهدد الرجل زوجته بالطلاق.


11 - ليساعد كلٌّ منكما الآخر عند الخطأ، فاحرصا على أن يكمل كل منكما نقص الآخر، مع التماس الأعذار، واتِّبَاع ألطف الطرق وأحسنها. وإن صادف إعراضًا، ردَّ الآخرُ صاحبَه برفقٍ وحلمٍ وذكاء، متجنبًا التعنيف أو اللوم أمام الناس، مهما كانت الأسباب؛ فإنَّ أشد ما يؤلم أحد الزوجين أن يسمع اللوم أمام الآخرين، ولو كان الوالد أو الولد أو الأخ.


12 - تحليا بحسن الخلُقِ وأحسنا العِشرة بالمعروف فيما بينكما، ولا يقل أحدكما للآخر كلمة تجرح، أو عبارة تكسر، خاصة ساعة الغضب، فالعلاقة بينكما قائمة في الأصل على المودة والرحمة والسكينة، قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا﴾ [النساء: 19]، ومن حسن العشرة أن يحترم كلٌّ من الزوجين الآخر، فلا إهانة بالقول أو الفعل، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، لا امرأةً ولا خادمًا...»، فبالإيذاء تستحيل العشرة وتحصل النفرة.


13 - لا يجوز لأحدكما أن يُلحِق بالآخر ضررًا نفسيًّا أو بدنيًّا، وعليكما باستعمال الرفق والحكمة والموعظة الحسنة على الدوام، فمتى وجد أحدكما من الآخر ما لا يحبه، فلا يجوز له إيذاؤه بإلحاق ضررٍ نفسيٍّ: كحرمان الرجل زوجته من زيارة أهلها، أو حبسها في منزل الزوجية، أو إهانتها بالسب والقذف، وكذا على المرأة ألَّا ترفع صوتها عليه، أو تذكره بسوء أمام الناس، ونحو ذلك.


14 - قيام الزوجة بشؤون بيت زوجها وأولادها بنفسها من تمام المروءة وحسن العشرة، وقد جرت بذلك العادة بين الناس، وقيام الزوجة بشؤون بيت الزوجية ورعاية زوجها والعناية بأولادها سنة حسنة سارت عليها نساء المسلمين، ولتكن قدوتك في ذلك سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها؛ فقد كانت تخدم زوجها سيدنا علي بن أبي طالب، وترعى بيتها.


15 - العلاقة الخاصة بين الزوجين أساس من أسس السعادة الزوجية، فاحرصا على إشباعها، وعبرا عن احتياجاتكما منها، وساعدا بعضكما على الاستمتاع بها، وليذكِّر أحدُكما الآخر باللحظات السعيدة بينكما، وذلك نحو لحظات المودة، وأوقات الصفا، وعبارات الحب، ومواطن النجاح، فإن ذلك مما يزيد في الانسجام ويؤكد نجاح العلاقة بينكما.


16 - الإعفاف من الحقوق المشتركة بين الزوجين، فمن الحقوق المشتركة بين الزوجين: أن يلبي كل منهما رغبة الآخر، ما لم يكن هناك مانع، وعلى الزوجين أن يعلما أن هذه العلاقة لهما فيها أجر، إن قصد كل منهما بعلاقته الخاصة إعفاف نفسه وكذا زوجه وإحصانه عن الحرام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وفي بضع أحدكم صدقة»، قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أكان عليه وزرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ».


17 - لا تهملا المداعبة والملاطفة والمزاح فيما بينكما، فلا شك أن المداعبة والملاطفة من أهم أسباب السعادة النفسية لكل من الزوجين، وذلك مما يجعل كلًّا منكما متقبلًا للعلاقة في غالب وقته، فالابتعاد يورث الجفاء، والقرب يجلب المودة، وهو مما يدخل البهجة والسرور عليكما، واجتنبا مثل هذا السلوك أمام الغرباء وفي الأماكن العامة.


18 - التزما بآداب الجماع، وما يقال عنده من الذكر والدعاء، وفي ذلك تحصين وحفظ ووقاية لكما من كل مكروه وسوء، وليقل كما جاء في الحديث الشريف: «إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله، قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا».


19 - لا تهملا الاهتمام بغرفة نومكما واحذرا هجر بعضكما في الفراش، فمن المهم للزوج أن يحتضن زوجته أثناء النوم، فإنه يزيد من الود والمحبة، ولا بأس لو أحسنتما استغلال الوقت قبل النوم في الحديث حول لحظاتكما السعيدة ومواقفكما المضحكة، وتجنبا الحديث عن المشكلات الأسرية أو المواقف الـمؤلـمة.


20 - ليراعِ كل منكما ظروف الآخر الخاصة، عند طلب ممارسة العلاقة، واحرصا على اختيار الوقت والحال المناسب، ولا ينبغي أن يطلب الزوج زوجته أو الزوجة زوجها في حال المرض أو التعب، أو مع شدة الغضب إلا إذا حصل الرضا، وطيب الخاطر، وتم الفرح والسرور؛ إذ مراعاة نفسية الآخر تشعره بقيمته في الحياة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جامع أحدُكم أهلَه فلْيَصْدُقْها، ثم إذا قضى حاجتَه قبلَ أن تَقْضِيَ حاجتَها فلا يَعْجَلْها حتى تَقْضِيَ حاجتَها».


21 - احذرا الأمور المحرمة عند الجماع، وذلك كإتيان الزوجة في الدبر “فتحة الشرج” أو أثناء الحيض، قال الله تعالى: ﴿فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطۡهُرۡنَ﴾ [البقرة: 222]، وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن»، وفي ذلك أضرار بدنية جسيمة تحدث للرجل والمرأة أيضًا.


22 - التجمل أساس في العلاقة بين الزوجين، فاحرصا على التجمل فيما بينكما بارتداء الثياب الحسنة، واستخدام العطور ذات الروائح الجذابة، وهو حق متبادل بين الزوجين، قال ابن عباس: “إني لأحب أن أتزين للمرأة كما تتزين لي”، وقالت  امرأة بدوية لابنتها حين أرادت زفافها: “لا يطَّلِعَنَّ منك على قبيح، ولا يشمن إلا أطيب رائحة”.


23 - عليكما بالتجمل فيما بينكما بالأقوال الحسنة، كما تتجملان بالملابس الأنيقة، كما أن الاهتمام بالمظهر الخارجي بين الزوجين مما يزيد في الود والمحبة بينهما، فإن التجمل في الأقوال باختيار الألفاظ الجميلة والكلمات المعسولة كذلك يزيد في استقرار الأسرة وسعادتها، لكن بشرط عدم الإفراط في المبالغة التي قد تؤدي بعد ذلك إلى نتائج عكسية. 


24 - يجب عليكما الحفاظ على أسرار العلاقة الخاصة بينكما، ولا تسمحا لأحد بالاطلاع عليها حتى الأقارب والأصدقاء، فالبيوت أسرار، وإفشاء أسرار البيوت منهي عنه شرعًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا». فلا يصح أن يفشي أحدُ الزوجين أسرار العلاقة الخاصة، أو أمور البيت الخاصة كالنفقة ونحوها، أمام أي أحد كائنًا من كان، ما لم تكن هناك ضرورة داعية لذلك، فلا يفشين أحدكما سر الآخر، فشرُّ الناس منزلة عند الله تعالى هو من يفشي سر صاحبه.


25 - يجب على الزوج مراعاة حال زوجته الخاصة، فلا يكلفها من العمل فوق طاقتها، وعليه أن يراعي حالها وقت الحيض ووقت المرض، وكذا وضعها الصحي في فترة حملها، فلا يحمِّلَها فوق طاقتها، وعلى المرأة كذلك أن تراعي حال زوجها.


26 - من حق الزوجة على زوجها ألا يطيل فترة غيابه عنها، وذلك حفاظًا على حقها في العلاقة، فالزواج قائم على السكن والمودة. وغياب الزوج عن زوجته يضر بحقها في السكن والمعاشرة، قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ﴾ [النساء: 19]، وحق العشرة واجب على الزوج لزوجته وعلى الزوجة لزوجها، ومن العشرة بالمعروف أن لا يغيب الإنسان عن زوجته مدة طويلة حتى يضرَّ بها؛ إلا إذا رضيت بذلك فإن الحق لها، ولا يلحق الزوج إثم حينئذ، لكن بشرط أن يكون قد تركها في مكان آمن لا خوف عليها فيه.


27 - من السُّنة المسارعة إلى الاغتسال من الجنابة بعد الجماع، والأفضل أن تبادرا بالاغتسال بعد العلاقة الزوجية، واعلما أنه لا إثم في النوم على جنابة بشرط عدم تفويت فريضة، وقد جاء في الحديث عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ أَفَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ»، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي».


28 - احرصا على وجود جوٍّ من المرح والسمر في حياتكما، وينبغي أن يحرص الزوجان على وجود جوٍّ من المرح من خلال تبادل النكات اللطيفة، أو الحكايات المضحكة، أو القصص الطريفة، أو المواقف المحبوبة، وغيرها، للخروج من الضغوط النفسية والحياتية داخل البيت وخارجه لأنه يشرح الصدر ويدفع الملل.


29 - احرصا على تناول الطعام معًا ولو مرة في اليوم، فهو مما يحافظ على قوة العلاقة بينكما رغم بساطته، ولا مانع من اتفاق الزوجين على العودة مبكرًا إن تيسر ذلك لكي يشعر كل منهما بالتقدير، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجلَ مأجورٌ بوضع اللقمة في فم امرأته، في حديث: «إِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ عَلَى أَهْلِكَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّكَ تُؤْجَرُ فِيهَا، حَتَّى اللُّقْمَةُ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ».


30.- من الخطأ الكبير أن تستغرقا الوقت كله في العمل، وذلك على حساب استقرار الأسرة، فتماسك الأسرة أسمى وأغلى ألف مرة من الحرص على العمل أو التكسب، ويجب أن يكون البيت أهم ما لدينا، فاشتغال الرجل بالعمل على حساب البيت وحق الزوجة أمر لا ينبغي، ومثله انشغال المرأة بالعمل على حساب حق زوجها وأولادها، فلتحذرا من الاستغراق في همومكما وأعمالكما الخاصة فيترتب عليه إهمال الآخر مما يؤثر على العلاقة بينكما، ويشعر بعدم التقدير والاحترام، ولا شك أن الحرص على العمل ومطالب الحياة أمر مهم، لكن ينبغي ألا يتجاوز حده في بيوتنا، ليظل الود والوئام بين أفراد الأسرة.


31 - على كل من الزوجين تقديم الدعم النفسي للآخر، فالدعم النفسي مهم لأن وجود الاتزان النفسي والاجتماعي في الأسرة يساعد الزوجين على تجديد ذاتهما وتطوير ملكاتهما، ومن ثَمَّ تكون لديهما القدرة على تحمل صعوبات الحياة وتحمل أعباء البيت وتربية الأطفال، وانظرا إلى موقف سيدتنا خديجة مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عاد إليها وفؤاده يرتجف مما رأى من الوحي في بداية البعثة، فقالت مطَمْئنةً له: “كلا والله! لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتَقْرِي الضيفَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المعدومَ، وتُعين على نوائب الحق”.


32 - ينبغي أن يراعي كل منكما طبيعة الآخر، فلكل منكما طبيعته الخاصة، بحيث يصبر الرجل إذا ما وجد في زوجته عيبًا أو تقصيرًا، ويدعمها ويساندها لتغييره، وكذا على المرأة أن تتحمل عيب زوجها أو تقصيره وتساعده على أداء واجباته، ويراعي كل من الزوجين حدة المزاج أو الغضب أو العناد ويعمل جاهدًا على أن يتفهم هذا ويحسن التعامل معه، ويكون ذلك بتقديم مصلحة حبيبه على مصلحته، ويلحظ وقت فرحه وحزنه، وانشراحه وهمه، ونومه وسهره، وأن يشاركه أحواله وأن يخفف عنه قدر الوُسع.

33 - كن لطيفًا في ردود أفعالك، ليكن كلٌّ منكما معتدلًا في تعامله مع زوجه، فلا يظلمه ساعة الغضب، ولا يعينه على الظلم ساعة الرضا، فعن الحسن رضي الله عنه وقد أتاه رجل، فقال: إن لي بنتا أحبها وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوجها؟ قال: “زوجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها”. فلا يغلبن أحدكما طبعه فيظلم الآخر.


34 - الحب عطاءٌ فأشعِر من تحب بمحبتك له قولًا وعملًا، فاحرصا على التعبير عن مشاعر كل منكما تجاه الآخر بالأفعال الطيبة، والألفاظ اللطيفة كقول: “إني أحبك، وأنت روحي، وقلبي، وعقلي، وعمري”، وهكذا، وعبِّر عنه كذلك بفعلك، فعندما يكون الجو باردًا امنحها الدفء، وافتح لها الباب أيضًا أثناء دخولها أو خروجها، فهذه الأفعال تظهر المودة والاحترام تجاه بعضكما.


35 - لا تفوّت فرصة تستميل بها زوجك أو زوجتك نحوك، فالحرص على إظهار الود في المناسبات الدينية والاجتماعية من أفضل الفرص لتعميق الروابط الأسرية، فلا تهمل التهنئة بيوم ميلاد، أو يوم زواج، أو يوم نجاح، ونحو ذلك، وفي الحديث قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ»، والأهل هم أولى الناس بهذا.
36. تقبيل الزوجين كل منهما يد الآخر من أسباب التآلف وجلب المودة بين الطرفين، ومن أقصر الطرق للوصول إلى القلب.


37 - للهدايا أثر جميل في النفوس فتبادلوها فيما بينكم ولو كانت بسيطة، وأثر الهدية ليس في قيمتها المادية، بل في مشاعر الحب الكامنة فيها، فالهدية بين المتحابين تُذهب مشاعر الكره والبغض، وتقضي على الشحناء، وتزيد في الود والبر، وفي الحديث الشريف قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا»، فأظهرا مشاعر السعادة والفرح بالهدايا التي تقدمونها لبعضكم، فالتصرف الجميل ينبغي أن يقابَل برد فعل جميل، فإنَّ تجاهل ذلك يُشعر بعدم التقدير من الطرف الآخر، ويؤدي إلى فتور العلاقة وبرودها.
 

38 - داوما على زيارة الأماكن التي تحمل لكما ذكريات سعيدة، حبذا لو كانت الزيارة في نفس الأوقات التي حصلت فيها تلك الذكريات، كأن يذكِّر الرجل زوجته بأيام نزهة في مكان معين، أو يتذكرا يوم زواجهما، أو مكانًا كانت لهما فيه ذكريات سعيدة، فكل هذا مما يطفئ نار المشكلات ويَزيد المحبة والمودة بين الزوجين.


39 - امدحا اختيارات بعضكما، وعبِّرا عن ذلك بعبارات صريحة ومباشرة، فتقدير آراء الآخرين مطلب شرعي لا ينبغي التغافل عنه، لأن المؤمن لا يحتقر أحدًا ولا يقلل من شأنه أو اختياراته، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وما عاب صلى الله عليه وسلم طعامًا قط قُدِّم إليه. فعبارات الثناء تزيد المرء ثقة في نفسه، وتجعله يقدِّم أحسن ما عنده، وفيها إدخال السرور على النفس.


40 - تعودا على الحديث فيما بينكما عن احتياجاتكما ومشاعركما وما ترغبان فيه، فقد علّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن من أحب أحدًا فليخبره أنه يحبه، وهذا بين الزوجين أولى وأحق، ولا شك أن التعبير عن المشاعر بالكلمات الطيبة عامل كبير من عوامل ترسيخ معاني المودة والرحمة.


41 - إذا دخلت بيتك فأقبل على زوجك وأولادك بوجه مبتسم، وبادرهم بالتحية المباركة الطيبة التي أمر الله تعالى بها، واحذر أن تَدخل عليهم بهمومك الخاصة، أو مشكلاتك في العمل ما استطعت إلى ذلك سبيلًا.

42 - على الزوجة أن ترعى شأن زوجها، وتؤدِّب ولده، وتعينه على طاعة ربه، فمن مظاهر استقرار الأسرة أن ترعى الزوجة شؤون زوجها، كما يرعى الزوج شؤون زوجته، فما دام الزوج يوفر لها ما تحتاجه بالمعروف، ولا يبخل عليها في نفقة أو حق شرعي، فيجب عليها أن توفر له الجوَّ العائلي الذي يسوده الهدوء، والسكينة، والراحة، والطمأنينة، وتهتم برعاية أولاده الصغار، وتعينه على بر أهله وصلتهم.


43 - لا تهمل شؤون زوجتك وأمورها، فلا تترك زوجتك تذهب بمفردها إلى المستشفى مثلا إلا لضرورة، لأن إهمال المرأة وعدم تعاهدها في أمورها مما يؤثِّر في نفسها ويشعرها بعدم التقدير. والقيام بأمورها وحاجياتها من أعلى أبواب المودة، بل باب عظيم من التعاون والمشاركة في الخير والشدة، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ﴾ [المائدة: 2].


44 - لا تمنع زوجتك من السفر إن كانت مع رفقة مأمونة، فإذا أرادت زوجتك أن تسافر لأداء فريضة شرعية، أو لطلب علمٍ، أو نحو ذلك، فلا بأس ما دامت في رفقة صالحة مأمونة، فقد خرجت أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم للحج في عهد سيدنا عمر رضي الله عنه، وقد أرسل معهن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ليحافظ عليهن.


45 - لا تمنع زوجتك ممارسة الرياضة ما دام ذلك في إطار الالتزام بالآداب العامة والضوابط الشرعية، فالإسلام يريد من المؤمن أن يكون قويًّا في جسمه، وفي عقله، وفي أخلاقه، وفي روحه، قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لبدنك عليك حقًّا»، وقال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، والرياضة لم تعد من صور الرفاهية والترف، بل أظهر العلم الحديث أنها من ضرورات الحياة ومستلزماتها، وأن إهمالها يسبب العديد من الأمراض والأوجاع.