EN 
يغفل الكثيرون عن دعاء أبو بكر للمدح وتحصين النفس، خاصة إذا علمت أن الخليفة الأول للمسلمين بلغ مبلغاً عظيماً في الدين الخاتم، فهو الصديق الذي امتدحه ربه واختصه نبيه، ونال من عظيم المكانة ما لم ينله أحد من المسلمين.
ذكر القرآن الكريم لأبي بكر موقفه من الرسول الخاتم يوم الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة فقال سبحانه:"إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا"، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومالِهِ أبا بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتي لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ، إلَّا خُلَّةَ الإسْلامِ، لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلَّا خَوْخَةُ أبِي بَكْرٍ).
دعاء أبو بكر للمدح
وفي وقت الفجر ومع آذان فجر آخر يوم من جمادى الأولى لعام 1444هـ، ردد دعاء أبو بكر الصديق للمدح، فقد روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنهما، أن الصديق أبو بكر كان يقول إذا امتدحه أحد :"اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واستر علي مالا يعلمون واغفر لي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وارزقني لقياك بقلب سليم".
وقيل في دعاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه للتحصين، أنه قال: يا رسول اللهِ مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت قال: قل: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك.
وتحل في شهر جمادى الآخرة الذي نستقبل أول أيامه غداً الأحد، ذكرى رحيل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق، لذا نرصد أبرز ما جاء في سيرته هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي، يلتقي مع رسول الله في مرة بن كعب، وهو أبو بكر الصديق بن أبي قحافة، واسم أبي قحافة عثمان، وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وهي ابنة عم أبي قحافة، ولد أبو بكر بعد ثلاث سنوات من عام الفيل، وتوفي يوم الاثنين اثنان وعشرون جمادى الآخرة، سنة ثلاثة عشر للهجرة.
ولُقب بـ "الصدّيق" لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له: إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق!، وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه: (وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، حيث جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
كما لُقب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم "الصدّيق"، حيث روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .
أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس، حيث ورد في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت: لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى، لذا قال عمر رضي الله عنه عند بيعته خليفة للمسلمين: أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!
وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .
وسطر له التاريخ موقفه من فتنة المسلمين بعد وفاة النبي فيما عرف بـ حروب الردة، حيث روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .
