الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

احرص عليه .. عمل بسيط يدخلك الجنة ويبعدك عن النار

العبادة
العبادة

يكثر البحث عن عمل يدخل صاحبه الجنة ويحرم وجهه على النار، وهو مسألة شغلت كثير من السابقين في الإسلام، حتى اشتهر حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه في جوابها.

عمل يدخل صاحبه الجنة ويحرم وجهه على النار

فعن معاذ رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت : يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار ؟ قال : لقد   سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه. تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، قال ثم قرأ : ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع.... حتى بلغ يعملون﴾، ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر كله، وعموده، وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال : كف عليك هذا، فقلت : يا نبي الله، وإنا المؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» [رواه أحمد في مسند، والترمذي في سننه، والحاكم في المستدرك] وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء في بيانه الحديث يبدأ بأن معاذ رضي الله عنه انتظر تهيئة الوقت للسؤال، فانتهز فرصة سيره مع النبي وقربه منه، وعدم انشغال النبي صلى الله عليه وسلم بشيء عن الإجابة، وفي هذا السلوك تأديب لمن أراد أن يسأل العلماء أن يتخير الوقت المناسب لسؤالهم.

وتابع: ثم سأل معاذ سؤاله الذي اتسم بسمات عظيمة، الأولى : أنه سؤال موجز ومختصر. الثانية : أنه سؤال عن قضايا مهمة وعملية. الثالثة : أنه سؤال جامع، وتلخص ذلك في قوله للنبي صلى الله عليه وسلم : « أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار ؟».

وأكمل: ثم يجيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بتقديم مهم، وهو إعلام السائل مدى أهميته سؤاله وعظمته، فهو عظيم من حيث الغاية، ومن حيث أن السؤال يدل على فهم غرض السائل من حقيقة التكليف والوجود، وهي عبادة الله بالأعمال الصالحة، فهذه هي العظمة، لأنها مقصود الله من خلقه وهي العبادة، قال تعالى : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات :56]. فهذه هي جهة التعظيم، يردف النبي صلى الله عليه وصف الأمر المسئول عنه بالعظمة، بأنه مع تلك العظمة فإنه يسير، فيقول صلى الله عليه وسلم :  « قال : لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه».

وأشار إلى أنه ليس في وصفه بالعظمة تناقض مع وصفه باليسير، لأنه قيد اليسر بتيسير الله له، ولأن الله يسر على العباد عبادته، وأن جهة العظمة في أنه يمثل غاية الخلق وهي عبادة الله سبحانه وتعالى، وجهة اليسر في توفيق الله وتيسيره لعباده الذين صدقوا في رغبتهم في السير إليه، ولقد جمعت العظمة واليسر في قوله تعالى : ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة :5]، فإياك نعبد هذه المقصود من الخلق، وهي أعظم قضايا الكون، وإياك نستعين هي التيسير على من يسر الله عليه طريقه، فهو يسير لأن نهايته الجنة، والجنة هي القرار المكين، والظل الظليل، ورضا رب العالمين، فيهون في سبيلها أي شيء، ويتيسر الصعب في سبيل الوصول إليها، فلو علم الإنسان ما أعده له ربه في الجنة لهان عليه الأمر، واستلذ العبادة، لأن رضا الله وجنته نصب عينه.

ولفت: ثم بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما وصفه له المسئول عنه بالعظمة واليسر، بدأ بإعلامه بالأعمال التي تدخله الجنة، وتبعده عن النار، فأجمل في بداية إجابته تلك الأعمال في أركان الإسلام الخمسة، فقال صلى الله عليه وسلم : «تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» فبدأ بعبادة الله سبحانه وتعالى، وهي  اعتقاد وحدانيته في التأثير، والتوجه إليه بكل ما شرعه من الأعمال الظاهرة والباطنة، فيتوجه الموحد لربه بالتوكل، والإنابة، والحب، والإخلاص لربه سبحانه وتعالى، كما يتوجه إليه بالصلاة والزكاة، والصيام والحج، فعبادة الله يتحقق كمالها بإقامة الدين كله.

ثم أعلمه بفضل الصلاة التي هي معراج المؤمن إلى ربه، وهي الحوار الرباني الإنساني الذي يعقده المسلم مرات كثيرة مع ربه في اليوم الليلة؛ هذا الحوار الذي يتمثل في أم الكتاب كما أخبر بذلك ربنا سبحانه وتعالى على لسانه رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد : ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ قال الله تعالى : حمدني عبدي، وإذا قال : ﴿الرحمن الرحيم﴾ قال الله تعالى : أثنى علي عبدي، وإذا قال : ﴿مالك يوم الدين﴾ قال : مجدني عبدي، وقال مرة : فوض إلي عبدي، فإذا قال : ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ قال هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال : ﴿اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» [رواه مسلم في صحيحه].

وشدد عضو هيئة كبار العلماء: لذا استحقت الصلاة أن تكون الركن الثاني بعد الشهادة لله سبحانه وتعالى بالوحدانية، وإفراده سبحانه وتعالى بالعبادة، فهي تعبر عن الاتصال الإنساني الإلهي اليومي الذي، يقوم به الإنسان مستعينا، عابدا، مستأنسا بربه، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يجد راحة قلبه وهدوء باله فيها، فكان يقول صلى الله عليه وسلم : «وجعلت قرة عيني في الصلاة» [رواه أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك]، وكان يقول صلى الله عليه وسلم لبلال : «أقم الصلاة أرحنا بها» [رواه أبو داود] هذا باختصار شديد عن الصلاة، وفضلها والتي ذكرها النبي صلى الله عليه في إجابة سؤال معاذ بعد عبادة الله.