الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الناس صنفان.. علي جمعة: علينا أن ننتبه إلى قضية الرضا والتسليم

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إنه ينبغي علينا التسليم والرضا، والقيام بما أقامنا الله فيه، مضيفا: كثيرٌ من الناس يشكو حاله إذا كان مصليًا، ولكنه لا يصوم كثيرًا يريد أن يكون من الصائمين، إذا كان يصوم كثيرًا يريد أن يكون القائمين.

صنف أقامه الله في سنةٍ متبعة

وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي:"إذا كان قد أقامه الله سبحانه وتعالى في خدمة الناس في مجال الطب يريد أن يخدمهم في مجال الفقه والشريعة، إذا أقامه الله سبحانه وتعالى في عمارة الدنيا، وفي عملٍ من أعمال الهندسة فإنه يتبرم من ذلك، ويريد أن في يساهم في عملٍ من أعمال الزراعة، كثير من الناس يشكو مقامه الذي أقامه الله فيه، ويسأل الله سبحانه وتعالى إما أن يضم إليه عملًا آخر، وإما أن ينتقل من هذا العمل الذي هو فيه إلى عملٍ آخر، سواءٌ أكان هذا العمل دينيًا أو دنيويًا.

وتابع: نحن أمام صنفين من الناس :
الصنف الأول : هو صنف أقامه الله في سنةٍ متبعة، أو في فريضةٍ عادلة، أو في حالةٍ طيبة، يعني عمله حلال، ومقامه حلال، وعبادته شرعية، فهذا القسم هو الذي نتكلم عنه الآن، لا نريده أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يغير حالة، ونقول له إن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يستعملك فيما أنت تطلبه وتتشوف إليه لاستعملك من غير طلب، ولكن التفت إلى مقام الله لك، التفت إلى ما أنت فيه، أتقن عملك، وأتقن ما تقوم به سواء من الأعمال الدنيوية أو الأعمال الدينية.

الصنف الثاني: هو صنفٌ قام في معصية، أو قام في عملٍ هو لا يطمئن إليه، ولذلك هذا الذي يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يَمِنَ عليه بالانتقال من معصية إلى الطاعة، بالانتقال من القصور والتقصير إلى حالة التمام والكمال، نعم هذا الذي يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يرحمه، وأن يكرمه، وأن ينقله من هذا الحال إلى حالٍ أحسن.


وشدد علي جمعة: أما الذي أقامه الله سبحانه وتعالى في مسألةٍ دينية أو دنيوية فعليه أن يتقنها، وألا يتبرم منها، وصف الشاعر لهذه الحالة يقول:
كل من في الكون يشكو حظه  *  ليت شعري هذه الدنيا لمن 

موضحا: فنرى الطبيب متبرمًا، ونرى المعلم متبرمًا، ونرى رجل الأعمال متبرمًا، وكل من في الكون يشكو حظه .

وأكد علي جمعة أنه يجب علينا أن ننتبه إلى قضية الرضا، وقضية التسليم، وقضية فهم مراد الله، وقضية الوعي الذي يسبق السعي، ودائمًا لابد أن يسبق الوعُي السعي؛ لأن السعي لابد أن يبنى على وعيٍ صحيح، حتى يكون سعيًا مقبولًا ومشكورًا، الوعي بالحقيقة وهو أن لا يكون في الكون إلا ما أراد الله، وأن الله حكيم يدبر هذا الكون، فهمك لهذه القضية يجعلك لا تطلب تحويل حالك؛ لأن يجب عليك أن تلتفت إلى حالك وأن تتقنه، يا سلام لو أن الطبيب اهتم بطبه، وأن المصلي اهتم بصلاته، يعني سواء كان العمل دنيويًا أو عبادة؛ لأن هذا سيترتب عليه ثوابٌ كبير عند الله سبحانه وتعالى، بدلًا من أن يشغل نفسه بالتبرم وبالطلب وبتوسيع الدائرة عليه، عليه أن يتقن ما أقامه الله فيه سبحانه وتعالى، وأن يتعلمَ من أجل هذا النوع من الأعمال، وأن يطبق هذا العلم، فالطبيب الذي يطلع على كل جديد، وعلى كل بحثٍ، وعلى كل تجربة، وعلى كل دواءٍ مخترع، وعلى كل كذا، ويكون بنية خدمة المرضى، وباعتبارهم أنهم ناس يخفف عنهم الألم يكون أولى من أن يضع عينيه على مجالٍ آخر يترك فيه الطب، ويشتغل في أمر آخر.

وأضاف قائلا: مادامت في حالة مرضية، وما دامت في حالة سنية، وما دامت هذه الحالة على أمرٍ شرعي، سواء كانت دنيوية، أو كانت دينية ، فلا تطلب الانتقال أو التحول، فكأنك تريد أن تضيف لنفسك في ذلك طلب لعبءٍ جديد، أو تريد أن تتحول تحولًا تام، وتترك ما أنت عليه، وهنا يجب أن نتذكر ما يتناقله الناس: الخيرة فيما اختار الله سبحانه وتعالى، لو اطلعتهم على الغيب لاخترتم الواقع.

ولفت عضو هيئة كبار العلماء في حديثه: كل هذه معنى من معاني التسليم، والرضا، ومعنى من معاني لا حول ولا قوة إلا الله، كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه ينفي الحول والقوة عن نفسه، وعن الآخرين، ويثبتها لله رب العالمين، ومن أجل لذلك فهو لا يعترض على مُراد الله، ولا على قدر الله، ولا على إقامة الله له؛ ولكنه يتوكل على الله، ويتقن عمله . 

واختتم: لو أرادك الله سبحانه وتعالى لأضاف لك من عنده ما يطلبه منك، ويطلب منك القيام به، ويطلب منك إتقانه، ويطلب منك نفع الناس به، ونفع نفسك أيضًا من غير أن يخرجك مما أنت فيه .