الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اسم له تاريخ.. ما هي جنسية الأخوان صيدناوي وكيف كونا امبراطوريتهما؟

صدى البلد

من قرية صغيرة تدعى «صدنايا» بسوريا، خرج سمعان صيدناوي، قاصدًا مصر في عام 1878، فارًا من الاضطهاد العثماني لمسيحيي الشام في ذلك الوقت، حيث كان أغلب سكان القرية من طائفة «الروم الكاثوليك».

دكان صغير تحول إلى امبراطورية

كان سمعان بائعاً موهوباً، وحين وصل إلى مصر، بدأ في ممارسة نفس عمله في مهنة البيع، ومع الوقت استطاع امتلاك «دكان» صغير خاص به. 

ومع نجاح المحل، فكر سمعان أن يكتب لأخيه سليم بالشام يدعوه للحضور إلى مصر والعمل معه، وبالفعل حضر سليم إلى مصر، إلا أنه فضَّل الاستمرار في مهنته الأصلية، وكان «ترزياً»، وشارك سليم صديقاً له يدعى «متري صلحاني» في دكان صغير لتفصيل الملابس وحياكتها، ولكن الحظ لم يحالفهما، وشبت النيران في الدكان وأتت على جميع محتوياته.

طلب سمعان من شقيقه مشاركته في دكانه بسوق «الحمزاوي» بحي الجمالية بالقاهرة، وأطلقا علي المحل «سليم وسمعان صيدناوي للخردوات».

بداية «امبراطورية الصيدناوية»

في البداية كانت مبيعات المحل بطيئة، إلى أن حضرت مجموعة من «سيدات البلاط الخديوي» للتسوق، واشترين أغراضًا كثيرة، وغادرن الدكان وقد دفعن مبلغاً من المال يزيد على قيمة الأغراض دون أن ينتبهن. 

بعد أسابيع، عادت إحداهن للدكان لتشتري مجدداً، فأسرع إليها سمعان وشرح لها ما حدث ورد لها فرق السعر، لتعجب السيدة بأمانة التاجر الشامي، وأخذت تروي تلك الواقعة لجميع معارفها.

مرادف الجودة والأمانة

سرعان ما أصبح اسم صيدناوي مرادفاً للجودة والأمانة، حتى أن النساء كنَّ يمتنعن عن شراء الأغراض التي تبيعها لهن الدلالات في البيوت، إلا إذا كانت تحمل اسم صيدناوي.

مرت السنوات ويواصل الأخوان صيدناوي العمل بجد ونشاط وتفانٍ، فاتسعت تجارتهما وافتتحا متجر «جراند صيدناوي» بميدان «الخازندار» يوم 2 نوفمبرمن عام 1913، وصمم المبنى المعماري الفرنسي «جورج بارك» مستوحياً تصميمه من متاجر «جاليري لافاييت» وبرانتون في باريس.

تعدد الفروع في مصر

كانت البضائع في تلك الفترة مثار إعجاب الجميع فكانت تضم أحدث الموضات العالمية، وأفخر الأنواع، وبذلك احتل صيدناوي المركز الثاني من حيث الرقي والفخامة بعد متاجر «شيكوريل». 

سرعان ما انتشرت فروع صيدناوي في محافظات مصر، مثل «الإسكندرية وطنطا والفيوم وأسيوط»، وتأسست شركة شحن خاصة بصيدناوي تقع مقارها بين باريس ومانشستر بإنجلترا.

​ازدهار صيدناوي بسبب الحرب العالمية الثانية

في عام 1908 توفي سليم صيدناوي، وترك إبنه إلياس «إيلي» ليحل محله، وتوزعت الإدارة بين "إيلي، وابن عمه سمعان، وإبنيه جورج ويوسف"، فتولى أحدهم قسم الملابس الجاهزة، والآخر قسم المفروشات والموبيليات.

​وصلت أعمال وتجارة صيدناوي إلى ذروتها، خلال الحرب العالمية الثانية، حيث مرت قوات الحلفاء بمصر، منفقة أموالاً طائلةً فى جميع المناحي، ما أدى إلى حالة من الرواج والرخاء في عموم البلاد، وأستمرت الشركة في النمو إلى أن توقف كل شيء  عام 1961.

تأميم الشركة العريقة 

في صباح أحد أيام عام 1961، كان إيلي يجلس في شرفة فيلته بحي جاردن سيتي بالقاهرة قبل توجهه لعمله، عندما فتح جريدة الأهرام ليقرأ خبراً نزل عليه كالصاعقة، وأيقن معه أن زمن وتاريخ الصيدناوية قد ولى من مصر، حيث كان الخبر عن «تأميم الحكومة المصرية لـ 700 من الممتلكات الخاصة، ومنها شركة صيدناوي ضمن تلك الأسماء.

أسرع إيلي وابن عمه جورج إلى متجر جراند صيدناوي بالخازندار، فوجداه محاطاً بضباط من الجيش وممثلي الحكومة، الذين أخبراهما بنزع ملكية المكان لصالح الدولة، وأنهم سيقومون بتعيين إدارة جديدة له. ​

تفرق عائلة صيدناوي

تم حل مجلس إدارة شركة صيدناوي وقتها وإستبداله بإدارة جديدة، وسارت الأعمال كالمعتاد، إلا أنه في الواقع لم يعد أي شيء كسابق عهده، حيث ​غادر الصيدناوية مصر واحداً تلو الآخر، فغادر إلياس لسويسرا لتلقي العلاج، وأتبعه إبنه سليم إلى ألمانيا لدراسة الموسيقى، أما جورج ويوسف أبناء سمعان فقد غادرا إلى بيروت، وتفرق أبناء الصيدناوية في ربوع الأرض.

سليم الصغير أصبح عازفاً موسيقياً للبيانو وناقداً موسيقياً مرموقاً يعيش بين القاهرة وباريس، ويسعى للحفاظ على اسم عائلته وتراثها، بينما حقق بعض الصيدناوية الآخرين شهرة دولية، مثل «ستيفان صيدناوي» المصور والمخرج المقيم فى العاصمة الفرنسية باريس، وكذلك «إليسا صيدناوي»، وهي عارضة أزياء وممثلة ومخرجة أفلام فرنسية من أصل إيطالي وسوري مصري، من مواليد 14 ديسمبر 1987، وهي أكثرهم ارتباطا بمصر.

صيدناوي.. اسم له تاريخ

​عاش الاسم والتاريخ الذي صنعه الصيدناوية في مصر، إلى اليوم، رغم كل الضربات التي تعرضوا لها، حيث لا يزال اسم صيدناوي مكتوباً على اللافتات التي تعلو المتاجر والمستشفيات في جميع انحاء مصر، وهو الأمر الذي يجلب مشاعر مختلطة من المرارة والفرحة إلى قلوب الصيدناوية عندما يزورون مصر، الذي يعتبرونه وطنهم حتى اليوم.