الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبان دكر وكاجو ونبات من الفلبين.. غرفة تحنيط تكشف سر المومياوات المصرية

الصورة لنيكولا نيفينوف
الصورة لنيكولا نيفينوف تخيلية عن التحنيط في سقارة

للمرة الاولى، توصل العلماء إلى سر تحنيط المومياوات المصرية القديمة، رغم اعتقاد ساد لسنوات باستخدام الملح في التجفيف، لكن كانت المفاجأة هي التوصل إلى استخدام أعشاب باعتبارها مضاد للبكتريا والفطريات.

سر تحنيط المومياوات المصرية

أذهل هذا الاكتشاف العلماء، ورغم الإعلان عن التوصل إلي لغز تحنيط المومياوات قبل أيام، إلا أنه ما زال متصدر محركات البحث والصحف العالمية.

ووفقا لمجلة “لايف ساينس” العلمية، تم اكتشاف غرفة للتحنيط في سقارة، ولحسن الحظ ما زالت المكونات المختلفة للتحنيط موجودة بها كما استخدمها المصريين القدماء.

وحدد علماء الآثار في سقارة أخيرًا، العديد من مكونات التحنيط المستخدمة لتحنيط الموتى في مصر القديمة، كما قاموا بفك رموز كيفية استخدام هذه المكونات المختلفة، التي جاء الكثير منها من بلدان بعيدة.

لكن هذه الجهود ليست جديدة، إذ بدأت رحلة اكتشافها منذ عام 2016، حين اكتشف فريق دولي من علماء الآثار ورشة التحنيط تحت الأرض بالقرب من هرم أوناس، جنوب القاهرة.

ماذا وجد العلماء في غرف التحنيط

واحتوت كل الغرف على ما يقرب من 100 وعاء خزفي يعود تاريخه إلى الأسرة السادسة والعشرين في مصر (664 إلى 525 قبل الميلاد)، في حين أن العديد من الأواني تحتوي على نقوش تحدد محتوياتها، لكن ظلت بعض مواد التحنيط لغزا.

الآن، في دراسة هي الأولى من نوعها نُشرت قبل أيام في مجلة “ناتشر”، استخدم الباحثون التحليل الكيميائي للراتنجات التي تغلف الأوعية لتحديد محتوياتها.

وبعد الفحص الدقيق، اكتشف الباحثون أن بعض الأوعية تحمل تعليمات التحنيط مثل وضع على الرأس أو ضمادة تحنيط معها، بينما تضمنت أخرى أسماء المواد المختلفة الموجودة بداخلها.

مكونات مواد التحنيط

ومن خلال تحليل بقايا طلاء الفخار، حددوا المكونات من بقايا 31 وعاء من أماكن قريبة وبعيدة، وشملت المواد الراتنج من شجرة الإليمي ( Canarium luzonicum)، وهي موطنها الأصلي في الفلبين، والراتنج من بيستاسيا، وهو جنس من النباتات المزهرة في عائلة الكاجو التي تنمو في أجزاء من إفريقيا وأوراسيا ؛ وشمع العسل.

وكشفت هذه المواد وتوزيعها عن دقة المحنطين، إذ استخدموا غرفة واحدة لتنظيف الجثث وأخرى للتخزين وثالثة للتحنيط، كما قالت سوزان بيك المشاركة في الدراسة وأستاذ علم المصريات بجامعة توبنجن في ألمانيا خلال مؤتمر صحفي.

وعندما قارن الباحثون المواد المختلفة التي تم تحديدها مع النقوش الموجودة على الملصقات، وجدوا العديد من المعلومات المختلفة، مثل الكلة المصرية القديمة “عنتو” والتي تُترجم إلى "المر" أو "البخور" ، غالبًا ما تم فهمها بشكل خاطئ لأن كل المواد لم تتضمن مادة واحدة منها بل كانت مزيجا من مكونات متعددة.

حفظ الجثث للتحنيط

من جانبه قال المؤلف المشارك في الدراسة، فيليب ستوكهامر أستاذ في قسم علم الآثار في جامعة لودفيج ماكسيميليان في ميونيخ: "تمكنا من تحديد التركيب الكيميائي الحقيقي لكل مادة".

وكشف أنه غالبا ما تصبح أوعية التحنيط ملوثة بمرور الوقت، لكنها في هذه الحالة لم تكن كذلك، لان الكثير من الأوعية في هذه الحالة كانت في حالة جيدة.

ومع ذلك، لم يتم استخدام جميع المحتويات الموجودة في ورشة العمل للحفاظ على الموتى، وبدلاً من ذلك كانت معظم المواد موجودة للمساعدة في التخلص من الروائح الكريهة.

وأعدوا الجثث للتحنيط عن طريق تقليل الرطوبة على الجلد، كما قال المؤلف الرئيسي للدراسة ماكسيم راجوت، قال خلال المؤتمر الصحفي، وهو مدرس مساعد في علم الآثار في جامعة توبنجن.

مواد كيميائية لتحنيط جثث المصريين القدماء

وقال ستوكهامر: "إنه لأمر مدهش المعرفة الكيميائية التي يمتلكها المحنطون، لأنهم كانوا يعلمون أن الجلد سيتعرض للخطر على الفور بواسطة الميكروبات، وكانوا يعرفون ما هي المواد المضادة للفطريات ويمكن استخدامها للمساعدة في وقف انتشار البكتيريا على الجلد.

وكان الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن المحنطين اعتمدوا على شبكات تجارية متقنة تجوب العالم للحصول على مكونات ليست محلية في المنطقة.

قال ستوكهامر: "لقد فوجئنا بالعثور على راتنجات استوائية" مضيفا: “هذا يدل على أن صناعة التحنيط كانت تجارة دافعة وأن المكونات تم نقلها من مسافات بعيدة. ما نتعلمه يتجاوز بكثير ما نعرفه عن التحنيط”.