الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب المسجد النبوي: الخير بحذافيره والسداد والهداية في اتباع نور القرآن

خطيب المسجد النبوي
خطيب المسجد النبوي

قال الشيخ الدكتور خالد المهنا ، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن الخير بحذافيره والسداد، والهداية وسبيل الرشاد في اتباع نور الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

الخير بحذافيره

وأوضح " المهنا"  خلال خطبة الجمعة الأخيرة من شوال اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه قد أنبأنا ربنا تعالى فيه عن صفة جليلة من أخصّ صفات المتقين، الذين هم أهل محبته وولايته وكرامته، هي خصلة لازمة لأهل الإيمان، بل هي خلاصة العلم والإيمان، والدليل عليه والبرهان، و المرقاة إلى رتبة الإحسان ،  وهي خشية الله تعالى في الغيب والشهادة.

وأضاف أن خشية الله هي الخوف منه المُصاحب لتعظيمه والعلم به سبحانه، وهي خشيَة العالِمين بأسمائه الحُسنى ،  ونعوت جلاله العُلى، العالِمين بأفعالهِ وأحكامِهِ المتضمنة كمال الحكمة التي يمدُّ عليها جل وعلا، وخشية الله بالغيب هي خوف العبد من ربّه في حال مغيبهِ عن أعين الناس ،  حيث لا يراه إلا ربُّ الناس، فهذه الخشية على الحقيقة، وهي الخشية الكاملة التي مدح الله أهلها .

واستشهد بقوله تعالى " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"، منوهًا بأنه كلما ازداد العبد علما بربه ازداد خشية له حتى يعلو إلى مقام الإحسان فيعبد الله كأنه يراه، فذاك الذي أزلفت له الجنة، وبُشِّر بمغفرة الله في وعده الذي لا يخلف ،  فقال سبحانه " وَأزلِفَتِ الجَنَّة لِلمتَّقِينَ غَيرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا توعَدونَ لِكلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَن خَشِيَ الرَّحمَنَ بِالغَيبِ وَجَاءَ بِقَلبٍ مُنِيبٍ".

خشية الله

ونبه إلى أن  أهل خشية الله هم المنتفعون بالإنذار، لأن خشيتهم ح ق لا رياء فيها، وأهل هذه الخشية موعودون بوعد كريم يوم يقوم الناس لرب العالمين ،  وذلك في عرَصَات القيامة قبل دخولهم الجنة، بشّرهم به إمام المتقين صلوات الله عليه وسلامه بقوله : "سَبعَة يظلهم الله في ظلّه يومَ لا ظل إلا ظلُّه .

وتابع:  وذكر منهم : رجلٌ دعته امرأَة ذات مَنصبٌ وجمال ،  فقالَ : إنّي أخَاف الله ،  ورجل ذكَرَ الله خَالياً فَفَاضَت عيناه" متفق عليه، داعيًا إلى خشية الله عز وجل  في الغيب والشهادة الذين يخشون ربهم في السرّ والعلن ،  خوفاً من عقابه ،  وطمعاً في مرضاته وثوابه.

وأفاد بأن أدلة الوحيين الشريفين دالة على أن خشية الله تعالى على نوعين متلازمين ،  الأولى خشية العبد من ربه أن يعاقبه على ذنب ارتكبه أو فرض لازم ضيّعه ،  وثمرة هذه الخشية المحافظة على الحدود ،  والحذر من المعاصي وأسبابها ،  فمن قمع نفسه عن الذنب اتقاء عذاب الله وخوفاً من عقابه فقد خشي الله بالغيب ،  وكذلك من أذنب ثم تاب من ذنبه فتاب إلى ربّه ،  وأناب فهو من أهل الخشية ،  قال الإمام التابعي الجليل سعيد بن جبير رحمه الله : الخشية أن تخشى الله حتى تحول الخشية بينك وبين معصيتك.

أدلة الوحيين

وأشار إلى أن الثانية ،  خشية العبد من ربّه ألا يتقبّل ما عمله من طاعته سبحانه ،  ولهذه الخشية مظاهر تنبيء عنها أحوال المتقين ،  وأخبر عنها رب العالمين في قوله جل وعلا " إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُون وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِم ْيُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ".

ولفت إلى أن أولئك يبادرون في الأعمال الصالحة ،  ويطلبون الزلفة عند الله بطاعته ،  وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة وهم الذين جمعوا مع التصديق وتحقيق التوحيد خوفهم ألا ينجيهم ذلك من عذاب الله، منوهًا بأن المؤمن ينفق ماله ويتصدق وقلبه وجلٌ أنه إلى ربه راجع ،  ويعمل بطاعة مولاه غير مستيقن من أدائها على مراد الله إخلاصاً واحتساباً فهو خائف من تقصيره في إتمام شروط قبول العمل الصالح .

واستطرد:  وإنه ليعمل بطاعة مولاه وهو يشهد منّته عليه إذ وفّقه لأدائها وهداه إليها ،  فليس له منه شيء ولا حول ولا قوة له إلا بربه ،  فهو بين رجاء المثوبة عليها بكرم الله سبحانه وبين خوفه من ردها بسوء عمله فلا يعجُب بعمله ولا يأمن مكر الله به " فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ".

وبين أن ما تحقّق لهذه البلاد المباركة من العمل على التضامن وجمع الكلمة وتوحيد الصفّ ،  وما قصدت إليه شريعتنا الغراء من الاجتماع والائتلاف ،  ونبذ التفرّق والاختلاف ،  فقال سبحانه في محكم تنزيله :"واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" ،  مبيناً أن اجتماع قادة القمة العربية المنعقد حالياً في رحب هذه البلاد المباركة ،  نموذج مشرّف على حرص قيادة هذه البلاد المباركة على تحقيق العمل للتضامن والتعاون ،  سائلاً الله جل وعلا أ، يجزي ولاة أمرنا خير الجزاء ،  وأن يحقّق من هذا الاجتماع ثماره المباركة ،  وآثاره الخيّرة في تحقيق مصالح البلاد والعباد.